مضى ربع قرن من الزمن والحديث عن أوسلو الإتفاق والمسار والتطبيق لم يتوقف، والحديث عن مخاطره وما ألحقه من أذى وكوارث بقضية فلسطين لم يتراجع، وإن انخفض صوت البعض في الحديث عنه، لكنه بقي عنوان المعارضة والمناهضة والمطالبة بإسقاطه، وإن لم يتحقق حتى يومنا هذا . البعض يذهب لحد القول أن اتفاق أوسلو انتهى وأصبح وراءنا، فالكيان الصهيوني لم يطبقه أصلاً، لكن هذا كلام هراء، كلام من يريد الاختباء وراء إصبعه، ليبرر سياسة له، أو خطاباً يجنح له ويروجه . اتفاق أوسلو مازال يحكم مسيرة السلطة، وهو التزام تؤكد عليه السلطة وقيادتها وأجهزتها ومؤسساتها، وهي لم تنفك عنه، وليس بوسعها أن تفعل ذلك . أرادوا له أن يكون إتفاقاً يذعن شعبنا الفلسطيني له ويخضع لمفاعيله ومتطلباته، لكنه بقي مرفوضاً عند الغالبية العظمى من شعبنا الذي ظل يقاوم الاغتصاب والإحتلال والاستيطان، دون أية أوهام، لا بالاتفاق وتطبيقه ولا بأية حلول ومشاريع وتسويات . أرادوا له أن يضرب الحصانة الوطنية لشعبنا , فيطبع العلاقات , ويتعايش مع الإحتلال والإستيطان ويرضخ لإملاءات وشروط السلطة ويدين المقاومة وينبذها , لكن العدو نفسه اكتشف أن الشعب في واد، وأن السلطة المهيمنة على الواقع السياسي في الأرض المحتلة في واد آخر، استطاع العدو تطويع السلطة لكنه فشل في تطويع وإخضاع الشعب، وهو نفسه يتحدث عن انتفاضات متوقعة وعن انفجار قادم لا محالة في الضفة، وعن قلق متصاعد وحراك ومخاض في صفوف شعبنا الفلسطيني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948 . أراده العدو أن ينفتح ويتمدد في أرجاء الوطن العربي تطبيعاً لعلاقات وتمدد بإتجاه بعض أطراف النظام الرسمي العربي لكنه بقي مرفوضاً لدى أبناء أمتنا وقواها الحية . بعض حكام وأمراء الأقطار العربية اندفعوا باتجاه التطبيع، وبناء علاقات سياسية وأمنية وتحالفات لمواجهة عدو يجمعهم ألا وهو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي هذا الإطار لم يتوقف عن علاقات التعاون الأمنية والإستخباراتية والعسكرية ضد سوريا، وفي مواجهة حزب الله، وفي ملاحقة المقاومة في فلسطينالمحتلة، والحديث في هذا يطول . جاءت زيارة محمد بن سلمان ولي عهد السعودية للكيان الصهيوني مؤخراً والاجتماع مع نتنياهو، وكانت زيارة سرية، الأمر الذي يطرح سؤالاً لم السرية ؟، ولم الجبن والخوف يا ولي عهد خادم الحرمين الشريفين، فتاريخ عائلتك منذ أن تأسست المملكة شاهد على التآمر على فلسطين وعلى الأمة كلها، يتحدث ولي عهد السعودي أنه جاء في البحث في فكرة بناء السلام الإقليمي، متناسياً أن أمثاله مجرد أدوات وليسوا صناع سياسة، والسلام الإقليمي الذي يتحدث عنه هو مشروع ترامب وهو مشروع تصفية قضية فلسطين، إنه مشروع استسلام . محمد ابن سلمان ولي العهد والمليك المنتظر، وكل الذين طبعوا ووقعوا وأقاموا العلاقات ليسوا بحاجة إلى ذرائع فهم بالأساس أدوات تدور في فلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وقوى الغرب الاستعماري، لكن الحقيقة أن اتفاق أوسلو فتح الطريق لهم ومهد للاختراق الصهيوني لأرجاء الوطن العربي، وأعطى للمقولة البائسة (لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين)، شعاراً لفعلتهم في خيانة قضية فلسطين. اتفاق أوسلو اتفاق تصفية، هكذا كان منذ أيلول 1993 وحتى اليوم، هكذا يفهمه العدو. اتفاق يفتح الباب واسعاً أمام مشاريع التهويد والاستيطان التي قطعت شوطاً كبيراً ليدخل المشروع الصهيوني نفسه في مرحلة جديدة عبر عنها نائب رئيس الكنيست الصهيوني سموطيطش الذي طرح خطته الجديدة ومضمونها ضم الضفة تكثيف الإستيطان حل السلطة وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة، ويقول إذا لم يعمل الفلسطينيون بخطته فعليهم مغادرة أماكنهم أو يواجهوا دورة فعل عسكرية قوية، ويقول لافض فوه، أن خطته مستوحاة من خطة الإنذار الذي بعث بها يهوشع بن نون، عشية اقتحام مدينة أريحا قبل 2000 سنة، حيث أنذر أهلها من هو مستعد للتسليم بوجودنا هنا فليحسم بذلك، من يريد المغادرة فيلغادر، ومن يختار القتال فعليه أن ينتظر الحرب، ويبني خطته كلها أن شعبه كما يدعي هو صاحب الحق في هذه الأرض، وهذا الحق ليس عرضة للمساومات والمفاوضات. ويبقى في كل الظروف الكلمة لشعبنا، وشعبنا يقول أن كل محاولات الإخضاع والاستعباد والمعاهدات لن يكون بمقدورها إضاعة الوطن والحقوق وضرب وحدة الأرض والشعب، وأن شعبنا سيظل مهما اشتدت المحن وتعاظمت التحديات، سيظل في خندق النضال والمقاومة، وأن حقنا الكامل في فلسطين لا ينفيه اغتصاب ولا احتلال ولا تنتقص منه قرارات أو معاهدات . أما كلمة شعبنا لحكام بعض الأقطار العربية الذين تنصلوا من قضية فلسطين وأقاموا العلاقات مع العدو .. ان دماء شعبنا أغلى من نفطكم ، وأن قضيتنا الوطنية أغلى من عروشكم، وأن رفعة وعزة ووحدة أمتنا أغلى من كياناتكم الهزيلة. عدلي الخطيب أمين السر المساعد لحركة فتح الإنتفاضة