باع محمد البرجي، مواطن يمني، خروفين؛ لجمع النقود بعدما شخّص الأطباء إصابة ابنته بمرض الكوليرا، وحذروه من احتمال وفاتها، حيث يرغب في نقلها من المخيم الذي يقيمون فيه إلى عيادة طبية متخصصة. ذهب البرجي بابنته في رحلة علاج لمسافة 50 كيلومترا، وطوال الرحلة اشتروا المياه المستخرجة من البئر، الذي يعد مصدرا محتملا لعدوى الكوليرا الذي يصيب الطفلة. ويقول البرجي، في الخمسينات من عمره: نحن نازحون، نعتمد على المساعدات لتزويدنا بالطعام، ولا يمكننا بناء الحمامات أو المطابخ، ولا حتى شراء المياه النظيفة. تعد عائلة البرجي المكونة من 11 فردا، من بين ملايين اليمنيين المحاصرين في نزاع تسبب في أحد أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يواجه السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة نقصا في الأغذية والمياه النظيفة، وقتل نحو 5 آلاف مدني بالرصاص والقنابل. ينتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، وقتل المرض أكثر من ألفي شخص منذ أبريل الماضي، وأصاب أكثر من 612 ألف شخص آخرين، وأكثر من نصف الحالات من الأطفال، كما أكد مسؤولو الأممالمتحدة أن هذه الكارثة من صنع الإنسان. وقال ممثل صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة في اليمن، مريتكسل ريلانو: تفشي وباء الكوليرا، نتيجة مباشرة لأكثر من عامين من الصراع، أنظمة المياه والصرف الصحي تنهار، أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن خارج الخدمة، مما أدى إلى قطع وصول المياه الصالحة للشرب لنحو 15 مليون يمني. وحتى قبل اندلاع الحرب الأهلية منذ عامين ونصف، كانت اليمن بلدا قاحلا به المرتفعات الوعرة والسهول الصحراوية، يعاني من عدم الاستقرار، وكان أفقر دول العالم العربي، وتصاعدت الحرب بعد أن بدأت السعودية تحالفا عسكريا لدعم الحكومة المخلوعة. ويعد الوضع الإنساني أسوأ في الشمال، حيث لم يتقاضَ موظفو الخدمة المدنية رواتبهم منذ نحو عام تقريبا، مما يزيد من حدة الفقر المدقع، أما في الجنوب تدفع الحكومة المخلوعة جزءا من الرواتب للموظفين من الأموال التي تحصل عليها من السعودية والإمارات. وانتقلت عائلة البرجي إلى المخيم في فبراير الماضي؛ للهروب من القتال في منطقة موزا، جنوب غرب تعز، وهو نادم على ترك منزله، ويلقي باللوم على الأطراف المتحاربة، حيث أجبرتهم على الفرار من بيوتهم والعيش في المخيمات، والتي لا تناسبهم. أغلقت المدارس وتحولت إلى ملاجئ مؤقتة لبعض الأشخاص، ومع انهيار الاقتصاد والدولة، أصبح موظفو الخدمة المدنية باعة جائلين أو عمال حرفيين. الغذاء متوفر في أسواق تعز، لكن الأسعار تضاعفت مع تراجع الريال مقابل الدولار، كما يشكو اليمنيون أيضا من أن بعض القمح الذي يزوده برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وينبغي توزيعه مجانا، يجرى بيعه في السوق. ومن جانبها، قالت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إنه بدون مساعدات إضافية، فتعز مهددة بالانزلاق إلى المجاعة. الحرب الدائرة في اليمن، دفعت ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، إلى توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى السعودية في مقابلة أجرتها معه رويترز، وانتقد المسؤول الأمميالرياض، داعيا إلى تمويل إجراءات معالجة الأمراض والجوع الذي يعصف باليمن. ويقول جويل شارني، من مجلس اللاجئين النرويجي في الولاياتالمتحدةالأمريكية إن النتيجة هي أن الحرب في اليمن لا تتعلق بالمعونات أو المساعدات التي تقدمها الولاياتالمتحدة، إنما تتعلق بالحصار، وتواطؤ إدارة ترامب، وأضاف: إننا لا نضغط على السعوديين لفعل الأشياء الأساسية التي من شأنها أن تتصدى للوضع الكارثي الراهن. المصدر