لا يزال الكيان الصهيوني الصديق الوفي للتنظيمات الإرهابية في سوريا، فعلى الرغم من إحباط هذه التنظيمات كافة آمال الاحتلال في سوريا وخسارة كافة رهاناته هناك، إلا أن العدو لايزال يحاول رفع معنويات هذه الجماعات الإرهابية التي تكبدت خلال الأسابيع الأخيرة العديد من الخسائر الفادحة خاصة بعد تحرير مدينتي حلب ودير الزور. تدخل صهيوني جديد أعلن الجيش السوري صباح الخميس الماضي، عن استشهاد جنديين ووقوع خسائر مادية، جراء غارات إسرائيلية على موقع عسكري بالقرب من مدينة مصياف في ريف محافظة حماة، أوضح فيما بعد أنه مراكز أبحاث تطوير الصواريخ، وهو القصف الذي امتنع الجيش الصهيوني عن التعليق عليه، حيث قال متحدث في الجيش الإسرائيلي لوكالة "نوفوستي": نرفض التعليق. رد الحكومة السورية من جانبها أعلنت الحكومة السورية أن العدوان الإسرائيلي على موقع عسكري قرب مدينة مصياف في محافظة حماة، هو محاولة يائسة لرفع معنويات عملاء الكيان الإسرائيلي من التنظيمات الإرهابية، وجاء في رسالتين وجهتهما وزارة الخارجية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي: إن هذا العدوان الإسرائيلي الجديد يأتي في محاولة يائسة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي الراعية للإرهاب لرفع معنويات عملائها من التنظيمات الإرهابية التي تنفذ أجنداتها العدوانية على الأرض السورية وللرد على الإنجازات الكبيرة التي يحققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه على الإرهاب وآخرها فك الحصار الذي فرضه تنظيم داعش الإرهابي على مدينة دير الزور والذي استمر لثلاث سنوات. واعتبرت الوزارة أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة أصبحت سلوكًا ممنهجًا بهدف حماية الإرهابيين من تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش"، مشددة على أنه من غير المقبول أن مجلس الأمن الدولي لم يتخذ حتى الآن أي إجراء لوضع حد لهذه الاعتداءات السافرة بحيث أصبحت حماية إسرائيل للإرهابيين في مأمن من المساءلة، وطالبت الحكومة السورية مجلس الأمن بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية واتخاذ إجراء حازم وفوري لوقفها تنفيذًا لقراراته المتعلقة بمكافحة الإرهاب وداعميه ومموليه، كما حذرت من العواقب الوخيمة لهذه الاعتداءات الإرهابية الإسرائيلية التي تتكامل مع جرائم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى لتأجيج الأوضاع وتفجيرها في المنطقة والعالم. الغارات الإسرائيلية على ريف حماة لم تكن الدليل الأول على التدخل الإسرائيلي المباشر في الأزمة السورية، حيث سبق أن أغارت قوات الاحتلال على العديد من المواقع السورية وعلى رأسها الجولان والقنيطرة، ففي كل مرة ينجز فيها الجيش السوري معركة جديدة ويحرر فيها المزيد من المدن الواقعة تحت سيطرة داعش، يخرج الكيان الصهيوني بغارة داعمة للجماعات المسلحة، الأمر الذي يدفع إلى القول أن الاحتلال يقف جنبًا إلى جنب مع خطوات المسلحين في سوريا، ولم يكتفِ بالدعم المادي أو اللوجيستي فقط لهؤلاء الإرهابيين الذي زرعهم في المنطقة لحماية مصالحه وتحقيق أهدافه. اهتمام صهيوني خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، ظهر الاهتمام الإسرائيلي بتطورات الأحداث السريعة في سوريا، حيث أدركت إسرائيل خطورة المعادلة الميدانية المتبلورة في الساحة السورية وتهديدها الكبير لأمنها القومي، الأمر الذي جعل إنجازات الجيش السوري ومخاوف الاحتلال من النفوذ الإيراني وحزب الله هي محور التصريحات الإسرائيلية وتحليلات الصحف هناك، وهو ما ظهر في تصريحات رئيس الكيان الصهيوني، رؤوبين ريفيلن، الذي اعتبر أن الأسلحة التي يمتلكها حزب الله تتطلب من إسرائيل الرد عليها، وقال خلال اجتماعه قبل أيام مع المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل: حزب الله يشكل خطرًا على السكان المحليين وينتهك باستمرار قرارات مجلس الأمن الدولي، مضيفًا: أن البنية التحتية للأسلحة التي يتسلح بها حزب الله تتطلب من دولة إسرائيل الرد عليها. أبعاد سياسية وعسكرية العدوان الإسرائيلي الأخير على موقع الجيش السوري في حماة، له العديد من الأبعاد السياسية والعسكرية، فإلى جانب كونه يظهر مدى قلق ورعب الاحتلال من نتائج العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري والتقدمات التي يحققها يومًا بعد يوم بدعم ومساندة روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية، وخاصة بعد تحرير دير الزور وأغلب البادية السورية، فإن هذه الغارات تظهر أيضًا محاولات الاحتلال إنقاذ ما يمكن إنقاذه فيما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية هناك، فالغارة على حماة تكاد تكون قبلة الحياة للجماعات المسلحة هناك وتشكل محاولة لرفع معنويات هؤلاء بعد أن تخلى عنهم معظم داعميهم سواء تركيا أو قطر أو حتى السعودية وأمريكا. في ذات الإطار، رأى بعض السياسيين أن الغارة الإسرائيلية هي رسالة موجهه إلى روسيا على وجه التحديد، والتي سبق أن زارها رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارًا لشرح مخاوف الاحتلال من تقدمات الجيش السوري وتعزيز النفوذ الإيراني اللبناني في الجنوب السوري على وجه التحديد، وحاول نتنياهو خلال زياراته انتزاع وعد روسي بتحجيم نفوذ حلفائه هناك، لكن رئيس الوزراء عاد من زياراته إلى روسيا بخفي حنين، فلم يجد أذان صاغية إليه في الزيارتين، الأمر الذي دفعه إلى محاولة إظهار أنيابه للدب الروسي، للإيحاء إلى موسكو بأن إسرائيل قادرة على ردع القوات السورية والإيرانية هناك وفرض خطوطها الحمراء إذا لم تساعدها روسيا في ذلك سياسيًا، وهو ما يطرح تساؤلا حول إمكانية رد القيادة الروسية على هذه الاستفزازات الإسرائيلية، سواء بشكل مباشر من خلال إسقاط طائرات إسرائيلية في حال اختراقها الأجواء السورية مجددًا، وهو الرد المستبعد بعض الشيء، أو بشكل غير مباشر من خلال تعزيز القدرات الإيرانية ونفوذ حزب الله في الجنوب السوري وزيادة التهديد الموجه إلى إسرائيل، أو تسليح الجيش السوري بالمزيد من المنظومات الدفاعية الجوية، أمثال صواريخ "إس 300" أو "إس 400" المتطوّرة. أمريكا وازدواجية المعايير على الرغم من إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عن وقف برنامج التدريب للمسلحين في سوريا ووقف الدعم المادي والعسكري لهذه الجماعات الإرهابية، إلا أن المؤشرات الحالية توضح أن واشنطن لاتزال بصدد دعم وإنقاذ حلفائها الإرهابيين هناك، حيث كشف مصدر عسكري أن سلاح الجو الأمريكي قام خلال شهر أغسطس الماضي بإجلاء أكثر من 20 قائدًا ميدانيًا، وعددًا من المسلحين المقربين منهم تابعين لتنظيم "داعش" الإرهابي من منطقة دير الزور السورية، وقال المصدر لوكالة "سبوتنيك" إنه خلال الأسابيع الأخيرة من شهر أغسطس، خلال التقدم الناجح للقوات الحكومية السورية في شرق سوريا، تم إجلاء عدد من القادة الميدانيين العاملين تحت إشراف الاستخبارات الأمريكية إلى مناطق آمنة بشكل عاجل من أجل استخدام خبراتهم في مجالات أخرى مستقبلًا، وتابع: على وجه الخصوص، تم يوم 26 أغسطس إجلاء قائدين ميدانيين لداعش ذات أصل أوروبي مع أفراد عائلاتهم من مدينة الطريق شمال غرب دير الزور، كما تم إجلاء 20 قائدًا ميدانيًا وعدد من المسلحين من بلدة البوليل جنوب شرق دير الزور إلى شمال سوريا يوم 28 أغسطس.