كلف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مستشاره جاريد كوشنر بمهمة مستحيلة أو على الأقل لا يمكن تصديقها، حيث إن احتمالات تحقيق انفراجة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ضئيلة جدًّا، وتكاد تكون منعدمة، وقد عاد كوشنر إلى منطقة الشرق الأوسط خلال أشهر قليلة، ولم تثمر زيارته إلَّا عن القليل من التقدم، بجانب بعض الانتهاكات. ليس خطأ أن تحاول الإدارة المشاركة في صنع عملية السلام، بشرط ألَّا تخدع نفسها، ولذلك هناك خمسة أوهام على ترامب التخلي عنهم عاجلًا وليس آجلًا. التوصل لاتفاق نهائي لن يكون هناك اتفاق نهائي، فخلال الحملة الانتخابية وبعدما أصبح ترامب رئيسًا أعلن عن رغبته في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي وتسوية سلمية نهائية بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن هذا الاتفاق مجرد فكرة، إذ كان أفضل وقت للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق قبل سبعة عشر عامًا في قمة كامب ديفيد في يوليو 2000، فقد كان الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون ملتزمًا التزامًا كاملًا باتفاق السلام، وايهود باراك، رئيس وزراء إسرائيل، وياسر عرفات، الرئيس الفلسطيني. كان الطريق حينها ممهدًا لخلق هذا الاتفاق النهائي أكثر من أي وقت مضى، وحتى الآن لم يتوصل أحد لهذا الاتفاق ولم يقترب أحد منه، ولذلك على ترامب التوقف عن الحديث عن هذا الاتفاق النهائي؛ لأنه غير ممكن تحقيقه الآن. الوساطة الأمريكية هي الحل تعد الوساطة الأمريكية مفتاحًا رئيسًا للحل، لكن في حالات محددة، حيث إن ثقة ترامب في صهره أو نفسه كونهما مفاوضين رئيسيين للسلام تحتاج في المقابل اتخاذ الفلسطينيين والإسرائيليين بعض القرارات الأساسية التي تمكن الولاياتالمتحدة من لعب دور ذي مغزى. ليس صدفة أن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمساعدة مصر والأردن، تمت سرًّا دون معرفة الأمريكيين، لكن من المؤسف الآن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، غير مستعدين أن يتخذا أي خطوة. يواجه نتنياهو اتهامات فساد تقوض اتخاذ القرارات الحاسمة التي تدعم التفاوض الجاد، أما عباس فتضغط عليه حماس، ولا يستطيع فصل نفسه عن المطلبات الفلسطينية التي ترفضها إسرائيل، وبالتالي الحفاظ على عملية السلام على قيد الحياة سيكون أفضل ما يمكن لكوشنر القيام به، وذلك إذا كان محظوظًا. الدول العربية يمكنها إنقاذ عملية السلام لا تستطيع الدول العربية إنقاذ تلك العملية، رغم الدور الرئيسي والمساعدة التي تقدمها دول مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات، ولا يمكن التوصل لاتفاق دون هذه الدول؛ لأن إسرائيل لن تبرم اتفاقًا منفصلًا مع الفلسطينيين، كما أن الفلسطينيين بحاجة إلى غطاء عربي للموافقة على انفاق بشأن الدس، ولكن العرب لن يقدموا ذلك مجانًا، فهم يريدون من إسرائيل والولاياتالمتحدة تقديم تنازلات للفلسطينيين بشأن قضايا مثل المستوطنات وإقامة دولة. دعم إسرائيل هو الحل تتحلى إدارة ترامب بالحكمة في تعاملها مع نتنياهو، حيث تقلل التوترات معه، لكن عملية السلام لا تحتاج إلى ذلك التصفيق، وعلى صانعي السلام مراعاة الاحتياجات الإسرائيلية والفلسطينية، والضغط على كلا الجانبين، ولم يفعل ذلك سوى ثلاثة أمريكيين، سكريترين للدولة، جيمس بيكر وهنري كيسنجر، ورئيس واحد، جيمي كارتر، وكانوا يتدخلون مع العرب والإسرائيليين. عملية السلام ميؤوس منها قد يكون ذك صحيحًا، لكن هناك حالة واحدة لتجنبها، وهي إذا شاركت الولاياتالمتحدة في تجنب أي انفجار والابقاء على اتاحة الخيارات كافة، وفي الواقع، طرفا الصراع لا يتقبلان فكرة إنهاء المحادثات، وبالتالي على الولاياتالمتحدة الاستعانة بتكتيكات تسمح بمواصلة عملية السلام. المقال من المصدر