لا تزال شبهات الفساد تحوم حول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فعلى الرغم من محاولاته الحثيثة الحفاظ على منصبه والهروب من التهم الموجهة إليه من خلال تقديم حلفائه ككبش فداء له، فإن الخناق يشتد عليه يومًا بعد يوم خاصة بعد أن أصبح المجتمع الإسرائيلي متيقنا من فشله السياسي والأمني. قضية الغواصات في تطور جديد بشأن التحقيق المستمر منذ أشهر في قضية الفساد الخاصة بشراء إسرائيل لثلاث غواصات ألمانية وسفن أخرى، احتجزت الشرطة الإسرائيلية 6 أشخاص، أمس الأحد، من بينهم المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقالت شرطة الاحتلال في بيان لها، إنه جرى احتجاز الأشخاص الستة للاشتباه بارتكابهم جرائم اقتصادية تتعلق بالنزاهة، ومن بين المحتجزين ديفيد شاران، مدير مكتب نتنياهو في الفترة بين عام 2014 وحتى منتصف عام 2016، والذي سيظل رهن الاحتجاز لدى الشرطة لمدة 4 أيام أخرى بتهمة تلقي رشاوى تقدر بمئات الآلاف من الشواكل، من أجل تعيين ميكي غانور، ممثلًا للشركة الألمانية المصنّعة للغواصات في إسرائيل، في سياق تسهيل وتمرير صفقة الغواصات، كما أكدت الشرطة أن من بين المعتقلين اثنين من خبراء الاستراتيجية السياسية، في حين تم إلقاء القبض على القائد السابق بالبحرية الصهيونية إليعازر ماروم، للمرة الثانية ثم أطلق سراحه فيما بعد. الجدير بالذكر أن ما يُعرف إعلاميًا ب"قضية الغواصات" كان قد تم الكشف عنها نهاية العام الماضي، وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الممثل الإسرائيلي لشركة تيسنكروب الألمانية للأنظمة البحرية، تعاقد مع المحامي الخاص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ديفيد شيمرون، والقائد السابق بالبحرية الصهيونية إليعازر ماروم، في إطار اتفاق إطاري وقعه نتنياهو في أكتوبر الماضي، لشراء 3 سفن بحرية من شركة تيسنكروب، في خطوة مخالفة لرأي وزير الحرب آنذاك موشي يعالون، ومسؤولين عسكريين آخرين، إلا أن نتنياهو استطاع الهروب من التحقيق في هذه القضية بقوله إنه كان مهتما فقط باحتياجات الأمن القومي عندما قام بشراء هذه الغواصات. اعتقال المقربين من نتنياهو واحدًا تلو الآخر يشير إلى اقتراب الشبهات أكثر فأكثر نحو رئيس الوزراء نفسه، حيث تُعد قضية الغواصات الألمانية من أكبر القضايا الجنائية في تاريخ الجيش الإسرائيلي، وقد أثير اسم نتنياهو مجددًا في هذه القضية خلال الأشهر الأخيرة الماضية بعد أن كانت قد تمت تبرئته لعدم كفاية الأدلة، ويتوقع أن تساق بحق نتنياهو لائحة اتهام تتعلق بحصول مقربين منه على عمولات في صفقة شراء الغواصات، والتي من شأنها أن تسقط حكومته وتنهي حياته السياسية. قضايا فساد أخرى قضية الغواصات لم تكن الأولى التي تدور حول نتنياهو، حيث سبق أن تم اتهامه بقضايا فساد أخرى وتلقّي رشاوى واستغلال منصبه لتحقيق مآرب ومنافع شخصية، وكان من بينها قضية منفعة من رجال أعمال، تضمنت حصوله وزوجته سارة، على هدايا عبارة عن سيجار فاخر وشمبانيا وتعرف باسم "الملف 1000″، ولقضية ثانية حول عقده محادثات مع مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" أرنون موزس، للحصول على تغطية صحفية أفضل، مقابل تقديم مشروع قانون ضد صحيفة "إسرائيل هيوم" المنافسة، وهي القضية المعروفة باسم "الملف 2000". في الوقت نفسه وصلت شبهات الفساد إلى زوجة رئيس الوزراء سارة، وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن المحكمة المعنية بجرائم الفساد طلبت من سارة المثول أمام المحكمة، كما خضعت لجهاز كشف الكذب بصورة خاصة، وقالت الصحيفة، إن المحكمة طلبتها أيضا فى قضية نفقات مقر إقامة رئيس الحكومة، حيث تم صرف عشرات الآلاف من الشيكيلات بشكل وصف بالبزخ، الأمر الذي دفع لتوجيه تهمة إنفاق أموال دون وجه حق من الميزانية المخصصة لمقر رئيس الوزراء فى القدس، وأوضحت الصحيفة أن هذه الميزانية من أموال الدولة ومن الضرائب التى يدفعها الإسرائيليون، وإنفاق هذه الأموال دون المخصصات مثل الطعام وملابس رئيس الوزراء وسفره يعد إهدارًا للمال العام. مظاهرات لإقالة نتنياهو تزايد الحديث عن قضايا الفساد أثار امتعاض الإسرائيليين الذين انطلقوا في مظاهرات أسبوعية متكررة فى العديد من مدن تل أبيب، وعلى رأسها مدينة "بيتاح تكفا" شرقى تل أبيب، للمطالبة بتسريع التحقيقات مع رئيس الوزراء وزوجته سارة فى عدة قضايا فساد، وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية، أن المئات من المتظاهرين تجمعوا أمام منزل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاى مندلبليت، للمطالبة بالعمل من أجل إنهاء التحقيقات مع نتنياهو بأسرع وقت ممكن، وأضافت الصحيفة أن من بين المشاركين في المظاهرات النائب في الكنيست عن المعسكر الصهيوني المعارض أريئيل مرجيليت. في المقابل، لم يجد نتنياهو أمامه سوى صب جام غضبه على وسائل الإعلام الإسرائيلية ومعارضيه، فهاجم، الأسبوع الماضي، خلال مهرجان مؤيد له تم تنظيمه من قبل حزب الليكود، المظاهرات الأسبوعية التي تطالب بتقديم لائحة اتهام ضده في عدد من القضايا، متهمًا أحزاب المعارضة ووسائل الإعلام في بلاده بالفساد، بسبب اتهامها له ولزوجته، واهتم نتنياهو باستعراض ما وصفه ب"إنجازات" حكومته. شبهات الفساد التي تم ذكرها وغيرها مما لا يزال طي الكتمان والمظاهرات التي تتعاظم شيئًا فشيئا في تل أبيب، كلها مؤشرات تكشف حقيقة أن نتنياهو قد يقترب من نهايته السياسية خلال الفترة القادمة، ليشهد نفس مصير رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، الذي تم عزله ومحاكمته باتهامات مماثلة بتلقي رشى وفساد.