أثارت دعوة مصر لحضور اجتماع قمة "البريكس" بالصين سبتمبر الجاري، الجدل بين الخبراء الاقتصاديين حول دلالة الدعوة وأهميتها، وهل تعكس نمو اقتصادي حقيقي، أم تصريحات وردية للشو الإعلامى في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراكم الديون، أم أن المشاركة تمثل خطوة مهمة لنقل خبرات دولية ناجحة في المجال الاقتصادي. وقال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، إن هناك فرقا كبيرا بين حضور مصر القمة كضيف وحضورها كعضو دائم، لكن ما حدث من جانب تصريحات المسؤولين والرئيس السيسي يعكس محاولة من التفخيم ليست في محلها، حيث لايمكن اعتبار الدعوة بمثابة صك اعتراف بالنمو الاقتصادي في ظل وصولنا لأعلى معدلات للتضخم التي بلغت 31% وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وأضاف عبده ل"البديل"، أنه لا ينبغى تزييف الحقائق بأن مصر قادرة على الانضمام لمجموعة البريكس قريبا، لأن مستحيل مع دولة غارقة في الديون، حيث وصل حجم الدين الخارجي إلى 73.9 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام الجاري، يمثل 42% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 67.3 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2016، بزيادة 6.6 مليار دولار، مقارنة بأعضاء البريكس كالصين وروسيا الهندوالبرازيل، الذين يتحكمون في 22% من اقتصاد العالم. وتابع عبده أن استفادة مصر من حضور القمة، المشاهدة والتعلم ونقل خبرات الدولة الناجحة اقتصاديا واستلهام تجاربها من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي، فعلى سبيل المثال، تتميز دول البريكس بأنها من أفضل دول العالم في معدلات الشفافية ومكافحة الفساد، فضلا عن تفوقهم في إدارة الموانئ البحرية والتجارية، ما يمكن الاستفادة منه في مشروع محور قناة السويس وغيره. ويخشى عبده أن يتوقف حضور مصر للقمة عند الشو الإعلامي فقط، بأنها أول مرة تحدث في عهد الرئيس السيسي، رغم أنه حدث طبيعي نظرا لقرب العلاقات المصرية الصينية في الفترة الأخيرة، ويأمل فى نقل تجارب حقيقية، خاصة أن الرئيس سافر إلى إندونسيا صاحبة الريادة في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولم نستفد شيئا منهم حتى الآن، كما زار ماليزيا صاحبة الريادة في المنظومة التعليمية، دون استفادة أيضا. وفى المقابل، يرى الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن دعوة حضور قمة البريكس تعكس أن مصر أصبحت من الدول الناهضة اقتصاديا، وأنها في مصاف الدول التي حققت طفرة اقتصادية في وقت قصير، ولها مستقبل كبير في النمو الاقتصادي على مستوى العالم خلال السنوات المقبلة. وأكد الشريف ل"البديل"، على أهمية حضور القمة التي تضم على هامشها العديد من ورش العمل واللقاءات وتبادل الخبرات بين الدول، وتفعيل العلاقات الاقتصادية وتذليل العقبات التي قد تعرقل الاستثمار والتعاون بين الدول، مضيفا أن القمة فرصة ذهبية لجذب استثمارات عالمية ضخمة من دول كالصين وروسيا وجنوب إفريقيا والهند، خاصة مع المشروعات العملاقة التي تنفذها الإدارة السياسية الحالية مثل المثلث الذهبي، ومحور قناة السويس، والتي تحتاج إلى ضخ مليارات الدولارت لإنجازها، ولن يحدث ذلك إلا من خلال استثمارات أجنبية. وتتكون قمة البريكس من 5 دول أساسية هي البرازيل وروسيا والهندوالصين وجنوب إفريقيا، تأسست المجموعة عام 2006، أثناء منتدى بطرسبورج الاقتصادى، وسيحضر القمة الحالية في الصين 14 دولة، من بينها ال5 الدائمين و9 دول أخرى على رأسها مصر، وتهدف قمة بريكس لأن تكون آلية نموذجية للتعاون الدولي في شتى المجالات وليست الاقتصادية والمالية والإنمائية فقط .