حالة من الجدل أثارها الإعلان عن إنشاء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، التي صدرت بالقرار الجمهوري رقم 434 لسنة 2017، لتحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بكافة قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، ومن المقرر أن تبدأ الأكاديمية عملها اعتبارا من بداية شهر أكتوبر القادم. اعتبر البعض الأكاديمية بمثابة نسخة حديثة لجمعية جيل المستقبل التي أسسها جمال مبارك، لخلق ظهير مؤيد للرئيس، بينما رأى آخرون أنها خطوة جادة لاستيعاب الشباب وأحلامه. قال الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إنشاء الرئيس لهذه الأكاديمية يتماشى بقوة مع المحاولات الحثيثة التي بدأت منذ فترة لتكوين حزب سياسى يؤيد الرئيس، ومن ثم تأتي الأكاديمية كنسخة مكررة من الاتحاد الاشتراكي في عهد عبد الناصر، وجمعية جيل المستقبل التي أسسها جمال مبارك، ليكون كوادر شبابية تدعمه في ملف التوريث. وأعرب ل"البديل" عن خشيته من أن يتم اختيار الشباب للالتحاق بهذه الأكاديمية بشكل انتقائي، إذ لو كانت تسعى بشكل حقيقى لتأهيل الشباب فعليها أن تختار للانضمام بها عددا من شباب الأحزاب المعارضة أو الحركات السياسية، وقال: لا أظن أن يحدث ذلك، فالأكاديمية دورها واضح وهو بناء صورة ذهنية واحدة في عقول الشباب وهي فكرة الرئيس الأوحد. وأكد دراج، أن هناك شبابا مؤهلين سياسيا موجودون بالسجون وتم حرمانهم من حقوقهم السياسية لمجرد أنهن نادوا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، متوقعا اختيار شباب الأكاديمية بنفس طريقة تشكيل مجلس النواب، من حيث تدخل الأجهزة الأمنية في اختيار الموالين للنظام، لتأسيس جيل وحزب من الشباب يكون ظهيرا قويا للنظام السياسي يدعمه في أي قرار. يأتى إنشاء الأكاديمية كأحد توصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ في نوفمبر 2016 التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتتبع الأكاديمية رئيس الجمهورية مباشرة، ويكون لها مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، وزارة المالية، المجلس الأعلى للجامعات، وعدد من الشخصيات العامة. في المقابل، يرى عاطف مغاوري، نائب رئيس حزب التجمع، أن إنشاء الأكاديمية خطوة جادة من الإدارة السياسية تعكس إدراكها لطبيعة المجتمع المصري الشاب الذي ترتفع فيه أعمار الشباب، ورغم أن المجتمع شاب فإن الإدارة أصابتها الشيخوخة، ومن ثم تأهيل الأكاديمية لجيل من الشباب على الإدارة والمعرفة والمسؤولية فرصة حقيقية لضخ دماء جديدة في البلاد، على حد قوله. وأكد ل"البديل" أنه يجب دعم الفكرة والالتفاف حولها وعدم تفريغها من مضمونها، لخلق جسر حقيقي للشباب مع الدولة، بدلا من أن ينفصل عنها ويعاديها، مما يشكل خطورة على كيانها واستقرارها. وأضاف أن الدنيا انقلبت رأسا على عقب، في مصر، بعد وصول ماكرون لحكم فرنسا وعمره 39 عاما، وتساءل الجميع عن دور الشباب في حكم البلاد، "فلماذا إذن لما لا يتم استغلال هذه الاكاديمية لتأهيل الشباب وتكوين كوادر جديدة قادرة على تحمل المسؤولية؟" بحسب قوله . وشدد مغاوري، على أهمية أن تقوم الأكاديمية بتأهيل الشباب وليس احتواءه وتوجيهه حتى لاتخلق جمهورا من المنافقين الباحثين عن المغانم، فتنحرف الأكاديمية عن أهدافها، وقال: الأكاديمية يجب أن تكون مكانا بحثيا موضوعيا بعيدا عن الأغراض السياسية والمصالح الشخصية، ودون توجه سياسي معين، ويتم اختيار شبابها دون تمييز.