كشفت صحيفتا فورين بولسي الأمريكية، وجارديان البريطانية، عن مخططات إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لفبركة اتهامات لإيران بخرق الاتفاق النووي تمهيدًا لمحاصرتها، انطلاقًا من تجربة اتهام العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل، تبين لاحقًا أنها كاذبة. وحتى اليوم لم يتراجع ترامب عن شعاره الانتخابي بإنهاء الاتفاق النووي مع إيران، لكن ما يقيده أن مساعيه لم تحظَ بتأييد أي طرف من الخمس الدوليين الموقعين على الاتفاق، بيما فيهم الحلفاء الأوروبيين لواشنطن. وتقف إسرائيل بقوة وراء ترامب لإلغاء الاتفاق، الذي تعتبره تل أبيب مهددًا لأمنها، حيث يمنح إيران وضعًا إقليميًا مريحًا، الأمر الذي يتوافق مع رؤية الرئيس الأمريكي الجديد الذي قال عنه إنه أسوء اتفاق وقعته أمريكا. "إلغاء الاتفاق مع إيران.. السبيل إلى ذلك".. هكذا عنون جون بولتون، سفير الولاياتالمتحدة السابق لدى الأممالمتحدة والمساعد الأسبق لوزير الخارجية الأمريكي في شؤون الأمن، خطته في مقالة في الفورين بوليسي ليتوسع فيها عبر مراحل، وبحسب بولتون سيكون إلغاء الاتفاق بسبب انتهاكات إيران اللافته، وسلوكها العالمي المرفوض، وتهديد الاتفاق للأمن القومي الأمريكي، عبر التشدد في إظهار تنازلات الولاياتالمتحدة الخطيرة لإيران كمواصلة تخصيب اليورانيوم، بغية حشد موافقة داخلية وخارجية لإلغاء الاتفاق. وأكد بولتون على ضرورة شن حملة دبلوماسية موسّعة مع إعلان القرار لحشد الدعم له، مضيفًا أن الأمر يتطلب ضغطًا من قبل السفارات الأمريكية في العالم، مشددًا على ضرورة فرض عقوبات جديدة على إيران، وفرض تدابير معينة ردًا على برنامجها البالستي والنووي ورعايتها الإرهاب، على حد قوله. وطالب بولتون أيضًا بتجاوز دور موسكو والصين وما يشكلانه من دعامة سياسية لإيران، حيث قال إن روسيا والصين تستحقان اهتمامًا شديدًا في الحملة ما بعد الإعلان وليس قبله، مضيفًا أنه يجب الترحيب بمشاركتهما على نحوٍ كامل في القضاء على تهديدات إيران، لكن لا بد من المضي قدمًا سواء معها أو بدونهما. وتحدث السفير الأمريكي للأمم المتحدة سابقًا أيضًا، عن ضرورة فرض عقوبات أمريكية أحادية خارج إطار قرارات مجلس الأمن الدولي، بحيث لا يمكن للمدافعين عن إيران الحد من فعالياتها، مضيفًا أنه يمكن بعدها فرض عقوبات جماعية من الذين يدعمون واشنطن. وكانت قناة الميادين استعرضت خطوات بولتون المزمعة تجاه الضغط على إيران ومنها تزويد إسرائيل بطائرات "إف 35" أو اليابان بصواريخ ثاد، وإنهاء كل حقوق الهبوط والرسو لطائرات والسفن الإيرانية في الموانئ الرئيسية الحليفة، وإنهاء كل التأشيرات الممنوحة للإيرانيين، وإعلان الدعم الأمريكي للمعارضة الديمقراطية الإيرانية، إضافة إلى طلب تسليم إيران الأسلحة الخارقة للتحصينات، وإعلان الدعم الأمريكي لطموحات الكرد القومية، فما فيها الكرد في إيرانوالعراق وسوريا، وتوفير المساعدة للبلوشستان وعرب خوزستان والكرد وغيرهم، فضلًا عن تنظيم معارضة منظمة لمواجهة الأهداف السياسية الإيرانية داخل الأممالمتحدة. من جهتها، قالت "جارديان" البريطانية، إن البيت الأبيض يطلب من المخابرات الأمريكية إيجاد اتهام لطهران بخرق الاتفاق النووي، مضيفة أن هناك حالة اشمئزاز في أروقة المخابرات الأمريكية إزاء طلب إيجاد اتهامات ضد إيران، وتابعت الصحيفة أن المخابرات الأمريكية أمام كذبة مثل اتهام العراق عام 2003 بامتلاك سلاح دمار شامل. والمعروف عن بولتون أنه من صقور المحافظين الجدد، ومن المحرضين على العدوان على العراق أيام إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، حينها أوجد بولتون الذرائع لغزو أمريكي للعراق ودعى لتشكيل تحالف دولي. في المقابل، يرى خالد صفوري، مستشار الشؤون السياسية لمركز "المريديان"، صعوبة أن يفتح ترامب جبهة عسكرية مع إيران، رغم كل سلبياته، حيث رفض أن يكون بولتون جزءا من إدارته الجديدة، رغم أنه كان مدعومًا من قبل اللوبي الصهيوني. وتبقى كل السيناريوهات مفتوحة على مصرعيها، فبمقارنة سيناريوهات بولتون مع الواقع، نجد أن ترامب يحاول بالفعل خلق أي ذريعة للالتفاف على الاتفاق النووي، لكن يبدو أنه يحاول إيجاد طريقة ما يقنع بها حلفاءه الغربيين الذين بدأوا يرون مصالحهم الاقتصادية في السوق الإيرانية بالانضمام لموقفه الكاره للاتفاق، فبالأمس أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تمسك فرنسا بالاتفاق حول الملف النووي الإيراني الموقع في 2015، رغم المحاولات الأمريكية الأخيرة التي تريد واشنطن من خلالها إعادة النظر فيه على ضوء تزايد التوتر بين الولاياتالمتحدةوإيران. كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية فرضت عقوبات اقتصادية جديدة على إيران الشهر الماضي، بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية، ولإسهامها في التوترات الإقليمية، مع العلم أن إيران ومن خلال برنامجها الصاروخي لا تنتهك الاتفاق النووي، فالتجارب الصاروخية لا يحدها الاتفاق، إلا إذا تم تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وهذا ما تنفيه طهران.