حمل خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أمس العديد من الرسائل المحلية والإقليمية والدولية، مع التركيز على إعلان يوم 28 أغسطس من قبل حزب الله كذكرى سنوية للاحتفال بتطهير الحدود اللبنانية السورية من جميع الجماعات التكفيرية على اختلافها سواء كانت تنتمي لجبهة النصرة أو داعش الإرهابيتين، مع إبقاء القوس مفتوحًا لهذا التاريخ لتقوم الدولة اللبنانية ممثلة بالحكومة والجيش اللبناني لتحديد اليوم الذي يرونه مناسبًا. وبدأ نصر الله خطابه بتوجيه التعزية لعوائل شهداء الجيش اللبناني، وهم الجنود المختطفين من قِبل داعش منذ سنوات، ففي مطلع أغسطس 2014، وقعت معركة استمرت أياما بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن مخيمات للاجئين السوريين داخل بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، كما وجه نصر الله التعزية أيضًا لشهداء الجيش العربي السوري والمقاومة الإسلامية في لبنان. وانقسم خطاب الأمين العام لحزب الله إلى قسمين، الأول عرض وتوضيح للمجريات والأحداث التي حدثت حتى اليوم، والقسم الثاني تقييم سريع. وقال نصر الله في خطاب أمس، إنه بعد خطابه الذي ألقاه يوم الخميس الماضي سمع وقرأ ردود غاضبة مع تفهمه لغضب البعض وانزعاجهم، ولكنه في الوقت نفسه قال إن هناك ردود أفعال لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، لأن لها علاقة بأخلاقية حزب الله ومصداقيته وهذا لا يمكن التسامح فيه، حيث وجهت لحزب الله اتهامات بأنه يبتز الشعب اللبناني وحكومته والجيش اللبناني، من خلال قضية الجنود المخطوفين فحزب الله يريد من خلال هذه القضية الإنسانية أن يضغط على الحكومة اللبنانية لتتصل بالحكومة السورية وتنسق وتطبع معها، وقال نصر الله إنه لم يسعى إلى ذلك، بل أنه قدم العديد من الخيارات للتعامل مع ملف الجنود المختطفين، وأكد الأمين العام للحزب أنه طرح طريقين لتعامل مع هذا الملف، إما بتفاوض الحكومة اللبنانية مع داعش لكشف مصير الجنود وستكون القيادة السورية متجاوبة ومتعاونة، ولكن هذا شرطه الطلب والتنسيق الرسمي والعلني مع الحكومة السورية، أو أن يفاوض حزب الله والقيادة السورية ليس لديها مشكلة حول هذا الموضوع وهذا ما فعله حزب الله استثمارًا للوقت وتقليلًا لهدر الدماء، وحول هذه النقطة قال نصر الله إنه لو طرحنا بابا واحدا وأقفلنا بابنا وقتها يمكن أن يسمى ذلك ابتزازًا، ولكننا لم نفعل ذلك، وأضاف نصر الله أن كل من يتهمنا بابتزاز الملفات الإنسانية، إما جهلة باللغة العربية، أو لئام عديمو الأخلاق. نقطة أخلاقية أخرى تعرض لها الأمين العام للحزب الله والمتعلقة بالتفاوض مع داعش ولماذا لم تتم تصفية الجميع، حيث قال: بالقانون والدين والأخلاق نحن عقدنا اتفاقا في هذا المجال ولا يمكن لنا أن نغدر أو نطعن بالظهر أو نحتال أو نلعب على أحد حتى مع هؤلاء الذين جاءت بهم أمريكا، ونحن علينا أن نوفي بالشروط المطلوبة منا ولا علاقة له بمسألة العين بالعين، ونرفض الحديث عن انتقام أو غدر بما يندرج بالمزايدات، داعيا للبحث عمن سمح أن يبقى هؤلاء الجنود بأيدي خاطفيهم بدل أن يتم إدانة الجهة التي قاتلت وساهمت بهذا التحرير العظيم، وأضاف: طالبوا بفتح تحقيق عما حصل عندما ترك الجنود لدى داعش جبهة النصرة. وبعد ذلك تحدث نصر الله عن آلية المفاوضات مع داعش وتحدث بالتفصيل عنها، وهنا نستعرض منها ما قاله عن أن نتيجة المعركة مع تنظيم "داعش" على الحدود السورية هي استسلام التنظيم، كما كشف عن تفاصيل اتفاق الهدنة معه. وأضاف "لم نكن نحن ولا الجيش اللبناني في وارد وقف إطلاق النار، إلى أن وجد داعش نفسه في المربع الأخير، وعندما طرح داعش أمر التفاوض عرضنا شروطنا". وأوضح نصر الله أن من بين شروط الحزب كشف مصير العسكريين وتسليم أجساد كل المقاتلين، الذين لقوا مصرعهم على الجبهة، وإطلاق سراح المطرانين المختطفين، يوحنا إبرهيم، وبولس اليازجي، اللذان تم اختطافهما في إبريل 2013، بالإضافة إلى الإعلامي سمير كساب الذي يعمل في قناة " سكاي نيوز"، وتم خطفه منذ 15 أكتوبر 2013. وأشار الأمين العام ل"حزب الله" إلى أن جواب "داعش" كان بأن المطرانين المخطوفين وكساب ليسوا لدى التنظيم، فيما أجاب أن لديه الأسير أحمد معتوق و3 أجساد لمقاومين في القلمون، وشدد نصر الله على رفض حزبه لأي حل لا يكون البند الأول فيه كشف مصير الجنود اللبنانيين المختطفين لدى "داعش". وحول الانتصار وشهداء المقاومة الإسلامية والجيش العربي السوري في المعارك مع داعش، قال نصر الله إن عملية "فجر الجرود" حققت جميع أهدافها، فيما كشف أن عدد شهداء "حزب الله" في المعركة 11 شخصا، والجيش السوري 7 عسكريين في عملية "وإن عدتم عدنا". وأضاف نصر الله مشددا: "نحن أمام تحرير شامل للأراضي اللبنانية وتأمين الحدود مع سوريا بالكامل"، كما كشف عن أن العدد الإجمالي للمغادرين من الجرود في إطار الاتفاق مع "داعش" يبلغ قرابة 670 شخصا، منهم 331 مدنيا و26 جريحا و308 مسلحين بالسلاح الفردي. وشدد نصر الله على أهمية معركة التحرير الثاني، وقال إذا كان التحرير الأول من العدو الإسرائيلي 25 أيار 2000 رقم واحد، فتحرير الحدود اللبنانية السورية تحتل المرتبة الثانية، وبرر ذلك بأن هذا التحرير هو استكمال للمعركة مع العدو الإسرائيلي، وأضاف أنه مع انهيارات داعش في سورياوالعراقولبنان بدأ العويل الإسرائيلي بالتصاعد. وأشار نصر الله إلى أنه يوما بعد يوم نتأكد أن داعش وكل الجماعات التكفيرية هي صناعة أمريكية لتخدم مصلحة إسرائيل، ورأى أن هذه الجماعات قدمت خدمات كبيرة وجليلة لإسرائيل وقادة هذه الجماعات يعرفون ذلك وإن كان البعض من العناصر لا يدرك، وتابع إسرائيل مشروع هيمنة إنما داعش وأمثالها مشروع إبادة لكل شيء وبعد كل ذلك يتم تدمير المنطقة بجيوشها ودولها وأنظمتها وبنتيها الاجتماعية ومن ثم ستقدم لأمريكا وإسرائيل لتفرض الشروط التي تريدها، لذلك من الذي يبكي على داعش في العراقسوريا وفي الجرود هو بنيامين نتنياهو. واختتم الأمين العام لحزب الله خطابه بتوجيه دعوة للمشاركة في احتفالات النصر والتي ستتزامن مع وقفة عرفة، وقال سنقف في بعلبك بنفس الوقت الذي يقف بهم حجاج بيت الله الحرام في عرفة"، وتابع "الخميس سيجتمع المضحون في بعلبك وهم الذين ضحوا بأولادهم وبفلذات الأكباد" وتابع "الخميس يوم الراجمين لمن يريد تشويه ديننا وتهديم مجتمعنا، الخميس سنحتفل بهذا الرجم للشيطان وسنشكر الله على ما هدانا ووفقنا".