خلافات وتبيانات في مواقف الدول الأوروبية تجاه الملف الليبي ظهرت في الأونة الأخيرة، لاسيما بين فرنساوإيطاليا حول ملامح مستقبل المشهد السياسي في ليبيا، في حين تحاول ألمانيا جاهدة أن تحد من التباين عارضة نفسها كوسيط للتفاوض بين الدولتين بشأن الصراع في ليبيا. ومنذ بروز الدور الفرنسي على السطح، بنجاح الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون في جمع الفرقاء الليبين؛ رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، والقائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، في فرنسا، وظهر الغضب الإيطالي مباشرة من هذا الدور، الأمر الذي أخرج الصراع المكتوم بين إيطالياوفرنسا في ليبيا إلى العلن، حيث اعتبرت إيطاليا اللقاء الذي دار في باريس بمثابة سعي فرنسي للانفراد بالملف الليبي. وخرج عن اللقاء الذي جمع بين حفتر والسراج، اتفاق لوقف إطلاق النار في مناطق تحت سيطرة الجانبين، كما توج باتفاق بين الجانبين لإجراء انتخابات، عامة السنة المقبلة، أمر عزز من الدور الفرنسي في الملف الليبي وعكس قدرتها على الحل في ليبيا. وعقب أيام من اللقاء، حركت إيطاليا بوارجها نحو ليبيا، وقالت إن العملية محدودة وتهدف إلى مساعدة خفر السواحل الليبي على الحد من تدفق المهاجرين، لكن مراقبين اعتبروا الخطوة قطعا للطريق أمام استحواذ فرنسا على الملف الليبي، وهو ما عززه تصريحات خليفة حفتر الذي هدد البوارج الإيطالية بالقذف في حال اختراقها المياة الإقليمية الليبية. وقال حفتر في تصريح إعلامي «يبدو أن لقاء فرنسا أزعج الإيطاليين، لكننا ماضون قدما»، إلا أن تراجع حفتر تراجع عن التهديدات التي لوح بها للبوارج الإيطالية، أكده مراقبون أنه يعكس تفاهمات جديدة بين حفتر وإيطاليا، وأن أطرافا إيطالية اتصلت به وأوضحت له أن العملية الإيطالية تهدف إلى مساعدة خفر السواحل الليبي وليس لها أي هدف عسكري، لافتا إلى أن الأزمة بينه وبين إيطاليا انتهت. وتدعم روما بقوة المجلس الرئاسي في ليبيا الذي نتج عن اتفاق الصخيرات وحكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج، ولدى روما قوات في مدينة مصراتة تقول إنها تحرس مستشفى ميدانيا أعدته لعلاج جرحى عملية «البنيان المرصوص»، لكنها لم تغادر المدينة رغم تحرير سرت من تنظيم داعش منذ ديسمبر الماضي، في المقابل، تساند فرنسا قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر في حربه ضد الجماعات الإرهابية. وبعدما خرج الصراع إلى العلن، تحاول ألمانيا تخفيف حالة التوتر بين إيطالياوفرنسا، في القمة الأوروبية الإفريقية التي انطلقت أمس في العاصمة باريس، ودعت لها فرنسا، لتناقش ملف التصدي للهجرة غير الشرعية، حيث يسعى الرئيس الفرنسي ماكرون، عبر القمة التي تجمعه مع رئيسي وزراء إسبانيا راخوي، وإيطاليا جنتيلوني، والمستشارة ميركل من جهة، وقادة كل من ليبيا وتشاد والنيجر من جهة أخرى، أن يحيي التعاون الأوروبي- الإفريقي في إدارة طريق الهجرة الإفريقية إلى أوروبا، الذي تعتبر ليبيا ممرًا ومعبرًا رئيسيًّا لها. ووعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عشية القمة الأوروبية الإفريقية، ليبيا بالمزيد من الدعم لوقف تدفق اللاجئين، كما دعت إلى التحقيق في الادعاءات بشأن عرقلة خفر السواحل الليبية لعميات الإنقاذ في المتوسط، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية، وقالت ميركل إنه يجب دعم ليبيا حتى تتمكن من حماية سواحلها، كما دعت إلى تقديم المهرّبين المسؤولين عن وفاة الكثير من اللاجئين للعدالة، مؤكده على ضرورة احترام خفر السواحل الليبية للقوانين الدولية ذات الصلة، سواء في ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين أو مع المنظمات غير الحكومية.