أثارت تصريحات الرئيس التونسي باجي قايد السبسي منح المرأة التونسية كافة الحقوق مساواة بالرجل وصولا إلى السماح للمسلمة بالزواج من غير المسلم الكثير من اللغط والخلاف حول حقوق المرأة في البلدان العربية والإسلامية وسط تشنج وغضب المدافعين عن حرية المرأة والمدافعين عن التشريع الإسلامي وكفايته وشمول رؤيته لوضع المرأة المسلمة وحقها في الميراث، وظهر وسط تلك الحروب الكلامية مواقف نسوية ليبرالية ويسارية انتهاءً بالنسويات الاسلاميات. تشير الباحثة التونسية وفاء الدريسي أنّ مصطلح "النسوية" وليد القرن العشرين،وقد نشأ للّتعبير عن اللّاتي يدافعن عن المساواة بين المرأة والرّجل وإلغاء الفوارق بينهما في كل المجالات، وقد انتشر هذا التيار وتفرع في مختلف أنحاء العالم، فنشأت تيارات متعدّدة من بينها النّسويّة الليبراليّة والنّسويّة الجذريّة والنّسويّة الاشتراكية (والنّسويّة السّوداء (الإفريقيّة والأمريكيّة) انتهاءً بالنسوية الإسلامية. النسوية الإسلامية وإعادة فهم الإسلام تسعى الحركة النسوية الإسلامية المعاصرة إلى إعادة قراءة النصوص التشريعية الإسلامية سواء القرآن والسنة النبوية وإزالة ما تراكم عليها من عادات وتقاليد وأعراف رسخت مكانة دونية للمرأة على الرغم من أن الفهم الصحيح للنصوص الإسلامية يرفض مثل تلك الأعراف الجائرة. وقد مرت تجربة الحركة النسوية الإسلامية بمرحلتين أساسيتين مرحلة العمل على قضايا اجتماعية نسوية مثل: حق المرأة في التعليم والعمل بعيدا عن البحث في الجذور الثقافية والدينية التي أدت لظهور مثل تلك التحيزات ضد المرأة، والمرحلة الثانية هي مرحلة استخدام الباحث والباحثة النسوية المناهج النسوية التحليلية –ليس فقط- لغربلة الكثير من فكر العلوم الإسلامية من وجهة نظر المرأة المسلمة وواقع حياتها، لكن –أيضًا- لفتح باب الاجتهاد لها، حتى يتسنى بناء معرفة إسلامية تحيي معاني العدل والمساواة والشراكة وتؤكدها، معرفة بديلة عن منطق الاستبعاد والتمييز والأفضلية الذي شاب خطابات تراثية وأحكام علماء رغم براعتهم العلمية وجهدهم في تحري الشريعة ما كانوا إلا نتاج عصورهم. زيبا مير حسيني و آمنة ودود رواد الفكر النسوي المعاصر استأنفت الحركة النسوية الإسلامية المعاصرة نشاطها على يد الباحثة الإيرانية زيبا مير حسيني، وهي كما تشير دراسة منشورة على موقع مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام عالمة أنثروبولوجيا إيرانية تعيش في المملكة المتحدة، وباحثة متخصصة في الفقه الإسلامي والنوع والتنمية. حصلت على الإجازة في علم الاجتماع من جامعة طهران سنة 1974، ثم على الدكتوراه في علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية من جامعة كامبردج سنة 1980. عملت أستاذة باحثة مشاركة بجامعة لندن وأستاذة زائرة، كما شغلت منصب مستشارة في قضايا النوع والتنمية. بعد إعلان الثورة الإيرانية سنة 1979، أجرت بحثا ميدانيا في محاكم الأسرة بطهران، وتابعت التطورات التي عرفتها قضايا النوع في الجمهورية الإسلامية من خلال تتبع النقاشات التي تناولت قانون الأسرة، وواصلت إنجاز بحوث ميدانية بشكل مكثف في محاكم الأسرة في كل من إيران والمغرب ما بين عامي 1985 و1989، وهو ما مهد لصدور كتابها الأول: Marriage on Trial: A study of Islamic Family Law in Iran and Morocco. وتمثل آمنة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة فرجينيا كومنولث وأخريات اتجاها، يدعو إلى الفصل بين القرآن والحديث. وفي كتابها «من داخل جهاد الجندر»، طرحت ودود، التي أمّت صلاة مختلطة في نيويورك العام 2005، فكرة أساسية، حين دعت إلى تجاوز حرفية النص القرآني في بعض الأحيان، وهي تتحدث عن الاعتراض على النص القرآني والولوج الى مرحلة ما بعد النص، واعتبرت أمنة ودود أنّ الإسلام مجال شاسع للتأويل وللإصلاح. وبهذا مثل النقاش حول قضايا وحقوق المرأة المسلمة منطقة شائكة؛ بسبب تجرؤ الباحثات النسويات على الدخول لمناطق محرمة بدت صادمة للجمهور المسلم وغير معتادة، مثل قيام آمنة ودود بإمامة المصلين، بالإضافة إلى استخدامهن مناهج نسوية معاصرة في التعامل مع النصوص الدينية قد تفقد النص الديني قدسيته ومكانته.