تمكنت أطراف صنعاء من السيطرة على الأوضاع المتوترة منذ أسبوعين بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام على خلفية مخاوف الطرف الأول بأن مخططا ينسق الطرف الثاني مع العدوان لتنفيذه لاستهداف الجبهة الداخلية، وخلال أيام من التراشقات الإعلامية وسيطرة أجواء التشكيك من فعالية المؤتمر التي أحياها الخميس الماضي بهدوء، كان التحالف ومؤيدوه يظهرون التعويل على المؤتمر وهو ما أثار قلق أنصارالله ودفعهم لاتخاذ خطوات وقائية تمثلت في فتح ساحات تعبئة وانتشار أمني وعسكري مكثف في محيط العاصمة وشوارعها. مرور فعاليتي الخميس بسلام أزعج تحالف العدوان والأطراف الموالية له في صنعاء وأصابهم بخيبة أمل، وارتكب خلال تلك اليومين مجزرتين بغارتين متفرقتين، وانقلبت لغة التناول للمؤتمر وزعيمه إلى الهجوم والقدح وكيل التهم، غير أن تلك الخيبة لم تستمر طويلا وسرعان ماعادت على أثر اشتباكات شهدتها صنعاء بين نقطة أمنية وموكب يتبع نجل رئيس المؤتمر تم تلافيه من قبل الطرفين. تحرك دولي يستند على خلاف داخلي: ومن بين غبار ضجة الخميس الماضي وشرارة السبت، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن بذل الجهود لتهيئة الظروف الملائمة لتقديم مبادرة قوية جديدة للسلام في اليمن، وفيما يشبه تعزيز حديث مبعوثه إلى اليمن تحدث عن إمكانية استئناف المفاوضات اليمنية من جديد، وبحسب وكالة "رويترز"، نقلا عن غوتيريس، بعد لقائه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الأحد، قال: نحن نبذل قصارى جهدنا لتهيئة الظروف اللازمة للتغلب على المأزق الحالي، وأكد أن الأممالمتحدة تسعى إلى تهيئة الظروف لاستخدام ميناء الحديدة ومطار صنعاء في عمليات الإغاثة الإنسانية في اليمن، مشيرا إلى أن هناك حاجة للعمل بشكل كامل لتلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني الذي يعاني من هذه الطريقة الفظيعة ويستحق تضامننا والتزامنا. من جهته ظهر المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مجددا ليتحدث عن خطة جديدة بخصوص تسليم ميناء الحديدة، وخلال مقابلة أجرتها قناة العربية الجمعة الماضية، أعلن مبعوث الأممالمتحدة أن لديه خطة جديدة تتعلق بميناء الحديدة تحظى بدعم دولي قوي. وفي محاولة لاستثمار الخلافات بين أنصارالله والمؤتمر، تحدث ولد الشيخ عن ما أسماه "صعوبة في اتفاق صالح والحوثي على التفاوض"، وهو تلميح إلى أن ثمة مرونة في موقف المؤتمر بشأن مقترح الحديدة، وقال: لم يتسن لي لقاء مع صالح وأعرف أنه كان قبل سنة متمسك بالتحالف مع أنصار الله واليوم هناك خلافات وأطلب من الجميع الهدوء ونحن متخوفون من الخلاف في صنعاء ونأمل ألا يصل إلى عنف وندعو للتهدئة. وفيما لم يفصح عن الجديد في خطته، برر إسماعيل فشل نجاح تحركاته في تسويق خطة تسليم ميناء الحديدة مقابل صرف الرواتب بأنه لم يمنح الفرصة في صنعاء لتفسير المبادرة الحديدة وأهميتها، وفي ذات الاتجاه تحدث عن زيارته الأخيرة إلى إيران وتلقيه الدعم منها والوعود بأنهم سيتواصلون بأنصارالله، وقال: لمست في إيران كلاما دفعني للتفاؤل، معتبرا أن زيارة الصدر للسعودية وتحسن العلاقات بين إيران والسعودية سينعكس إيجابا على اليمن، كاشفا عن لقاء مرتقب بين الأممالمتحدة وأنصارالله في جنيف أو أي دولة أخرى بالمنطقة لمناقشة خطته. أحداث السبت.. تعويل أم خيبة؟ وكانت قد اندلعت اشتبكات بين نقطة أمنية تابعة للداخلية وبين موكب تابع لنجل رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح، وبحسب وكالة الأنباء اليمنية، فإن جنديين من أفراد النقطة الأمنية قتلا إثر الاشتباكات التي اشتعلت مساء السبت الماضي وسط العاصمة صنعاء، ووصفها بيان الداخلية بأنها حادث أمني جنائي وليس صراعا سياسيا، على خلفية احتشاد المؤتمريين وأنصارالله الخميس الماضي كما يحاول أن يصورها الإعلام الموالي للتحالف. وتعليقا على أحداث السبت الماضي اعتبر مساعد الناطق باسم الجيش اليمني العقيد عزيز راشد أن الأمر تم احتواؤه عبر الأجهزة الأمنية والمجلس السياسي الأعلى، وأكد راشد في حديثه للبديل أن ذلك الحادث أمني وتم تأجيجه من خلال الشحن الإعلامي والتعبئة التي أحدثتها فجوات إعلامية عبر قاصري النظر وفاقدي الوعي والمرتبطين بالخارج غير مدركين بخطورة حجم المؤامرة التي لا تستثني أحدا في غاراتها الجوية التي تحصد أرواح الأبرياء المدنيين جميعا ونفث تحريضي من قبل العدوان والموالين له عقب فشله في تحقيق إنجاز عسكري على المناطق التي تحت إدارة الجيش واللجان وغالبية الشعب اليمني طوال عامين ونصف مستخدما جميع الأسلحة الحديثة والمعاصرة ومركزا على الغارات الجوية وما توصلت آلية أحدث الطائرات الحربية الأمريكية والأوربية. ولفت راشد إلى أن ذلك الشحن الإعلامي أدى إلى وجود مظاهر مسلحة منت نفسها أنها قادرة على فرض أجندات حتى وصل الأمر إلى ضرب النقاط الأمنية بالطيران وتشجيع عناصر الداخل على تنفيذ هجمات على النقاط الأمنية، مثمنا دور الأجهزة الأمنية والمجلس السياسي في احتواء الموقف. وفي إجابته على تساؤلات البديل عن تأثير تلك الأحداث والخلافات على الجبهات أكد راشد أنها لن تؤثر على الجبهات، وقال: لو تطورت لؤدها الشعب في ساعات أما بالتعامل بالمثل أو محاصرتها بالطرق المعروفة. وعزى راشد الانظباط والاستقرار الأمني في صنعاء إلى وجود دولة ومؤسسات، وقال: من ينكر وجود دولة فلا يمكنه إنكار حالة الاستقرار الأمني الذي يختلف تماما على ما كانت عليه حكومة المبادرة الخليجية التي نشطت فيها الاغتيالات والمفخخات واقتحام المناطق العسكرية وتفجيرات المساجد والكليات العسكرية واغتيال العسكريين والسياسين وتفجير الحافلات التابعة للقوات الجوية وإسقاط الطائرات وتفجيرها في قواعدها حتى وصل الأمر إلى اقتحام وزارة الدفاع التي تعتبر أرفع مؤسسة سيادية في الوطن لكي يضربوا الحالة المعنوية للجيش. وفي تأكيد على أن الحدث لن يكون له تداعيات على الوضع برمته في مناطق الشمال البعيدة عن سيطرة التحالف، قال راشد: منذ وصول اللجنة الثورية العليا واللجان الشعبية إلى إدارة الدولة وصولا إلى تشكيل المجلس السياسي الأعلى استطاعت اللجان الشعبية والجيش والأمن مواجهة أعتى دول العالم عتادا وعددا وضبط الوضع الأمني بشكل لا يتواجد في الدول المتقدمة، وتمكنت من تفكيك مئات الخلايا الإرهابية. وفي رد على رئيس المؤتمر الذي وصف اللجان الشعبية بأنها "ميليشيات"، قال راشد: من يصف اللجان الشعبية بالمليشيات فإنما يخدم العدوان من حيث شعر أو لا يشعر. راشد في سياق حديثه للبديل أكد أن التحالف كان لديه أمنية وغاية من إيجاد تصادم بين أنصارالله والمؤتمر وصرف جل اهتمامه لتحقيق ذلك من خلال التحريض والتحفيز لطرف ضد الآخر راميا إلى تحقيق ما عجز عن تحقيقه خلال العدوان العسكري والحصار طيلة عامين ونصف، مشددا على أن تلك الآمال سقطت وتبخرت وخابت كل مخططاتها أمام وعي وحكمة اليمنيين. كيف أسقط الخميس آمال التحالف ؟ بدد حزب المؤتمر الشعبي العام مخاوف حلفائه من أنصارالله والقوى الحليفه لهم، حين أنهى احتفاله الجماهيري بميدان السبعين الخميس الماضي دون أن يعلن أي مواقف من شأنها أن تؤثر على تماسك الجبهة الداخلية وتحالف الطرفين، واكتفى بخطاب قصير جدا ألقاه زعيم المؤتمر وبيان خيب توقعات تحالف العدوان والموالين له في اليمن، وأثار حفيظة بعض قيادات ونشطاء الحزب الذين كانوا ينتظرون موقفا نوعيا بحسب تصريحات وكتابات نشروها في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح ألقى كلمة مقتضبة قبل أن يغادر المنصة لأسباب أمنية حسب وصف مراقبين، اكتفى فيها بتوجيه التحية إلى جماهير الحزب وحمل التحالف وهادي وحكومته مسؤولية تفتيت وتدمير اليمن وحصاره على مدى أكثر من عامين، ودعا لمواجهة العدوان وأعلن استعداده لرفد الجبهات بالمقاتلين إذا توفرت الرواتب، معتبرا أن الحرب على اليمن هدفها تقسيمه. المهرجان المؤتمري بمناسبة الذكرى ال 35 لتاسيس الحزب، وصف بالمخيب للآمال بمنظور إعلام دول التحالف وأطراف يمنية مواليه له كانت على عداء سابق مع المؤتمر مثل حزب الإصلاح، وظهرت تلك المواقف على وسائل الإعلام السعودية والإماراتية التي استضافت شخصيات وصفت صالح بالجبان، بعد أن كانت ذات الشخصيات قبل المهرجان تتحدث عن التعويل عليه وتعقد الآمال على تحرك ما سيقوم به، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل ظهرت أصوات متذمرة وغاضبة داخل الحزب نفسه في صنعاء، الأمر الذي يعزز الاعتقاد القائل بأن ثمة تحرك كان مرسوما للمؤتمر وتراجع عنه تحت ضغط حفائه أنصارالله الذين اتخذوا خطوات موازية أبرزها فتح ساحات الاعتصامات للتعبئة والتحشيد على مداخل العاصمة فيما يشبه حصار العاصمة ويذكر بارهاصات ثورة 21 سبتمبر 2014. وكان قد كشف يحيى محمد عبدالله صالح نجل شقيق الرئيس اليمني السابق، والذي يقيم حاليا في بيروت عن وساطة قام بها الأمين العام لحزب الله لتفادي تأزم الأمور بين المؤتمر وأنصارالله عشية الخميس الماضي، وقال يحيى صالح في وقت سابق للميادين: السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله كان له دور في رأب الصدع بين أنصارالله والمؤتمر"، دون أن يوضح طبيعة الدور غير أن ذلك يفسر تقديم بيان المؤتمر الشكر للسيد حسن ودوره في مساندة اليمنيين طوال فترة العدوان. واعتبر محللون وسياسيون أن فكرة الساحات كانت بمثابة طوق حصن العاصمة وفرض إجراءات مشددة ونقاط تفتيش في مشهد يذكر بما سبق ثورة 21 سبتمبر التي أسقطت حكومة الوفاق وأركان النظام الموالي للسعودية وأمريكا. وبالتزامن كانت قد نفذت اللجان الشعبية استعراضا عسكريا بمئات الأطقم العسكرية التي تحمل شعار أنصارالله وصور عبدالملك الحوثي، وعلى متنها قوات يبدو أنها خاصة، عبرت من ميدان السبعين عقب مهرجان المؤتمر وتوجهت في نهاية المطاف إلى ساحة الرسول. التحالف ينتقم بمجزرتين في صنعاء: وقبل أن يخفت ضجيج المناسبتين الشعبيتين في العاصمة صنعاء، شن طيران العدوان ليلة الخميس الماضي غارات مكثفة على العاصمة صنعاء أسفرت عن مجزرة مروعة في أحد أحياء العاصمة، وبحسب بيان الصحة ومنظمات حقوقية فإن منزلين سكنيين في منطقة عطان بالعاصمة صنعاء قصفا بطيران العدوان بعد منتصف الليل ودمرهما بالكامل، وأكدت المعلومات أن أحد المساكن تقطنه 8 أسر والآخلا أسرة واحدة. مجزرة عطان هي المجزرة الثانية التي ارتكبتها طائرات تحالف العدوان على اليمن في أقل من 48 ساعة أسفرتا عن سقوط أكثر من 62 وجرح 37 من المدنيين بينهم نساء وأطفال في منطقتين مختلفتين الأولى كانت في أرحب محافظة صنعاء.