عادت قضية منطقة أبيي، الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان، إلى الواجهة من جديد، حيث دعا وزير شؤون مجلس الوزراء بحكومة جنوب السودان مارتن إليا لومورو، إلى بذل مزيد من الجهود الدولية لمعالجة الوضع في منطقة أبيي، مشيرًا إلى أن نشر قوة دولية في المنطقة الحدودية المتنازع عليها جنبها وضع إنساني لا يمكن تخيله، وتلك المنطقة هي مثلث غني بالنفط والغاز الطبيعي والمعادن والمياه، ويتبع إداريًّا لجنوب كردفان بالسودان، لكنه يمتد جغرافيًّا إلى داخل ولاية بحر الغزال في الجنوب، وسمي «مثلث أبيي» لأن المنطقة أشبه بمثلث يلمس ثلاث ولايات، حيث تحد هذه المنطقة من الناحية الشرقية ولاية الوحدة وجنوبًا ولاية شمال بحر الغزال، وغربًا ولاية جنوب دارفور. وفي 16 أغسطس رفضت جوبا المشاركة في اجتماع للجنة الرقابة المشتركة لمنطقة أبيي نظمته اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي لمناقشة تشكيل إدارة مشتركة، يأتي ذلك بعد دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي للخرطوم وجوبا بتشكيل الإدارة المشتركة وتفعيل المنطقة الحدودية منزوعة السلاح ونشر دوريات الحدود المشتركة المتفق عليها في سبتمبر 2012 كجزء من اتفاق التعاون. قال موقع أوول أفريكا: وزير حكومة جوبا لومورو قال، إن مسؤولية قضية أبيي تقع على عاتق المجمتع الدولي والعمل مع الطرفين، حتى يتم حل القضايا المعلقة بشكل ودي، حيث إن تلك القضية الشائكة لا يمكن للطرفين أن يحلوها معًا، بل يتطلب الأمر دعمًا دوليًّا لسد الثغرات والتغلب على التحديات من خلال تقريب وجهات النظر والتوصل لتفاهم يرضي الطرفين. وتعتبر تلك التصريحات ردًّا غير مباشر على الانتقادات الدولية المتزايدة لجوبا؛ بسبب رفضها التعاون بشأن قضية أبيي والمنطقة العازلة التي اقترحها الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة. تابع الموقع: تعود صعوبة تحقيق اقتراح الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي إلى أن حدود منطقة أبيي تشمل المكان الذي حولت منه دينكا دنقوك ولكردفان الكبرى عام 1905، وفقد المسيرية أكثر من 20 ألف مقاتل في حرب الجنوب، وبعد التحكيم فقدوا 14 قرية وأكثر من 90 مكانًا آخر، وتعثر تنفيذ قرار التحكيم بسبب كثرة الاحتكاكات بين رعاة المسيرية والحركة الشعبية والاستفتاء وانفصال الجنوب التي أدت كلها لمزيد من التوترات بين الطرفين. وأضاف الموقع أن جوبا تصر على وجوب تدخل المجتمع الدولي واقناع الرئيس السوداني عمر البشير بقبول حوار سلمي لحل المأزق، وتحاول الحكومة الجنوب سودانية تحسين صورة سلفاكير ووصفة بأنه رجل متواضع ومحب للسلام ويريد حل قضية أبيي من خلال الحوار السلمي، ولذلك على المجتمع الدولي أن يعمل مع الحكومة السودانية لضمان وجود نفس المعاملة والإرادة، وأثنت جوبا على تدخل الولاياتالمتحدةالامريكية بشأن بروتوكول أبيي، وطالبتها بمواصلة القيام بهذا الدور المهم حتى يتم التوصل إلى تسوية دائمة. وذكر الموقع أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما نأت بنفسها تدريجيًّا عن جوبا بعد سنوات من الدعم القوي من الرئيس جورج، بوش خلال سنوات مفاوضات السلام مع الخرطوم وتنفيذ اتفاق السلام الشامل، أما بالنسبة لإدارة الرئيس دونالد ترامب في الوقت الحاضر فهي مشغولة بالشؤون الداخلية وغيرها من الملفات الدولية التي تعتبر أكثر إلحاحًا. جدير بالذكر أنه في مايو الماضي هدد مجلس الأمن بوقف دعمه لقوات الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان إذا لم تتمكن الأطراف من تفعيلها قريبًا، وجاء هذا التحذير تماشيًا مع مطلب واشنطن بتخفيض عدد قوات حفظ السلام المنتشرة حول العالم، حيث إنها تعمل على خفض كبير في إسهاماتها المالية. ومن الغريب تدخل إثيوبيا في هذا الخلاف وأخذ دور قوي مع المجتمع الدولي، وشكرت جنوب السودان المساعي الإثيوبية، وعدم تدخل مصر التي من مصلحتها حل الخلاف بشكل سلمي والتوسط في الخلاف بعيدًا عن المجتمع الدولي؛ لأن مشكلة أبيي لو انفجرت ستضرب بقوة استقرار الحدود الجنوبية لمصر، وتحمّل المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر مزيدًا من الأعباء الخارجية هي في غنى عنها، في وقت تحتاج فيه مصر لتركيز جهودها علي الاستقرار الداخلي، وهو هدف لن ترضاه أمريكا أو اسرائيل لمصر، اللذان ربما يسعيان، بالتعاون مع أطراف جنوبية، لتفجير حرب في السودان على حدود مصر الجنوبية تعرقل استقرار مصر وأمنها. جديربالذكر أن جوبا تطالب بتدخل دولي رغم أن المشكلة بدأت أساسا عام 1905 من خلال تدخل خارجي «الاستعمار البريطاني» من خلال حل تكتيكي لمشكلات القبيلتين المسيرية ودينكا نقوك، وخلق إشكال استراتيجي تعاني منه دولتان، كذلك استمرت المشكلة في الخروج من الدولة السودانية الوطنية ومرت خلال تقرير الخبراء «5 منهم أجانب» ثم خرجت دوليًّا لمحكمة التحكيم الدائم بلاهاي، مع أحكام التدخل الأممي من خلال قوات اليونسفا وكذلك الاتحاد الإفريقي، وكذلك تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي، فأصبحت مشكلة أبيي تحل بأسلوب العلاج المؤقت مع رحيل الأزمات دون حل حتى تراكمت، ومع غموض النصوص والتدخلات الخارجية، أدى كل ذلك لتأخير حل المشكلة وعدم تحقيق التعايش السلمي بين القبيلتين وتعليق تنفيذ قرارات محكمة التحكيم الدولية والاستفتاء، كذلك أصبحت المشكلة بدلًا من مشكلة في إطار البلد الواحد، صارت بعد 2011 تاريخ فصل الجنوب ليصير دولة جنوب السودان، لتثير مشكلة بين بلدين متجاورين.