أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسألة بناء جدار المكسيك الحدودي إلى واجهة الأحداث من جديد، بعد أن كان ملف الجدار قد أغلق لفترة وجيزة، على إثر الأزمات العديدة التي أثارها مع الكونجرس تارة، ومع المكسيك تارة أخرى، لكن سريعًا ما أعاد ترامب، فتح الملف من جديد، ليحدث الصدام المتوقع مع أعضاء الكونجرس خاصة الديموقراطيين. صدام جديد مع المكسيك دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأحد، الكونجرس لإيجاد طريقة لتغطية تكاليف الجدار الذي وعد ببنائه على الحدود مع المكسيك، مؤكدًا أن هذه الفاتورة ستسددها بطريقة أو بأخرى مكسيكو، كما حذر ترامب المكسيك وكندا من أنهما إذا واصلتا تبني موقف صعب بشأن محادثات التجارة، فإنه سيضطر إلى وقف مفاوضات تعديل اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة "نافتا". في ذات الإطار، هاجم ترامب مجددًا جارته المكسيكية، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": المكسيك هي من أعلى الدول في نسبة الجرائم في العالم، يجب أن نبني هذا الجدار، المكسيك ستدفع كلفة بنائه التي قدرها مهندسون بنحو 10 بلايين دولار، من خلال التعويضات أو غيرها، وأضاف الرئيس الأمريكي: نحن في عملية إعادة التفاوض على اتفاقية نافتا، أسوأ اتفاقية تجارة في التاريخ، مع المكسيك وكندا، والبلدان يتبنيان موقفًا صعبًا، هل سنضطر إلى وقف العملية؟. الجدير بالذكر أن واشنطن دخلت الشهر الماضي محادثات بطلب من الرئيس ترامب، مع المكسيك وكندا بشأن تحديث الاتفاقية الموقعة في عام 1994، لكن المحادثات الأولية انتهت في واشنطن مطلع الأسبوع الجاري، وسط مؤشرات على انقسام عميق بشأن قضايا رئيسية، ومن المقرر أن تبدأ مناقشات جديدة في مكسيكو، في الأول من سبتمبر المقبل. تهديدات للكونجرس في ذات الشأن، هدد ترامب الكونجرس بتعطيل الحكومة من أجل الحصول على الأموال الضرورية، في حال عدم إقرار الكونجرس برنامجا لتمويل الجدار، الأمر الذي يضع ترامب على طريق صدام جديد مع العديد من أعضاء الكونجرس بعد عودتهم من العطلة الصيفية في الخامس من سبتمبر المقبل، حيث من المقرر أن يتوافقوا على برنامج لتمويل الحكومة ورفع سقف الدين الفدرالي، وترغب الغالبية الجمهورية في خفض الضرائب وتمرير مشروع قانون بنية تحتية مُكلف، فيما يعارض الديمقراطيون تضمين مشروع قانون الإنفاق الحكومي ملف الجدار، وسيسعى قادة الجمهوريين إلى إقرار القانون، فيما يعارضون في الوقت ذاته وقف عمل الحكومة. على جانب آخر، قال مستشارون كبار في البيت الأبيض إن ترامب أكد لهم استعداده للجوء إلى أي وسيلة قد تكون ضرورية للحصول على مبلغ كافٍ يسمح بالشروع في بناء الجدار من دون تباطؤ، وشدّد ترامب على أنه لن يقبل أي حلول وسط بشأن البنود الأخرى في الميزانية، إلا بشرط تخصيص المبلغ المرجوّ في مشروع الجدار على الحدود مع المكسيك. رأى بعض المراقبين أن تهديد ترامب بإغلاق الحكومة يُعد واقعيًا، لأن مؤسسات السلطة التنفيذية الفيدرالية ستضطر إلى تعليق عملها إن لم يتوصل الكونجرس إلى توافق بشأن المخصصات المالية في الميزانية بحلول 30 سبتمبر المقبل، وفي الوقت نفسه يرفض الديموقراطيون قبول أي صيغة توافقية بشأن النفقات تتضمن مخصصات لبناء الجدار، وإذا أصدر الكونجرس قانونًا بشأن النفقات لا يشمل مشروع الجدار فقد يقابله "الفيتو الترامبي" مما سيؤدي إلى إغلاق الحكومة. وحول توقيت فتح هذا الملف مجددًا، رأى مراقبون أن ترامب، يحاول التغطية وتعويض فشله السابق في عدم تنفيذ أي من وعوده الانتخابية سواء فيما يتعلق بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية "نافتا"، أو الاتفاق النووي الإيراني، أو إلغاء النظام الصحي الحالي "أوباماكير"، وغيرها من الوعود التي فشل الرئيس الأمريكي في تحقيقها، إضافة إلى ذلك فقد أثبتت سياسته الخارجية فشلها مجددًا سواء في سوريا التي أصبحت خارج القبضة الأمريكية أو العراق أو حتى الدول الأوروبية التي ينتهج معظمها سياسات معادية لتلك التي ينتهجها ترامب. المكسيك وكندا ترفضان التهديدات رد المكسيك جاء سريعًا، حيث رفضت التلويح والتهديد الأمريكي بالانسحاب من اتفاقية نافتا، وأكدت على أنها لن تمول الجدار بأي طريقة، وهو ما أشارت إليه وزارة الخارجية المكسيكية في بيان قالت فيه إن "الحكومة المكسيكية أكدت دومًا أن بلدنا لن يدفع بأي طريقة من الطرق وبأي ظرف من الظروف ثمن بناء جدار"، وأضافت الوزارة أن "هذا الموقف لا يندرج في إطار استراتيجية تفاوض للمكسيك بل هو مبدأ يتعلق بالسيادة وبالكرامة الوطنية"، فيما أكد وزير الخارجية المكسيكي لويس فيديغاراي، أن تصريحات ترامب لن ترهب المكسيك في المفاوضات، مضيفًا أنه يتفاوض بطريقته، كما أشار وزير الاقتصاد إيلديفونسو غواخاردو، إلى أن المكسيك لديها خطة بديلة محددة بوضوح شديد في حال فشل محادثات "نافتا". رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أكد أن مسؤوليه سيظلون يركزون على العمل الشاق الذي ينتظرهم على طاولة التفاوض، مضيفًا: لا أرى شيئًا يتغير في ذلك، كما أكد أن تهديدات ترامب لن تردع بلاده، وأن الحكومة تتأهب للحظات صعبة، وأضاف: دائمًا ما كانت هذه ورقة نعلم أن الرئيس سيستخدمها على الأرجح، وربما جاء استخدامها في وقت مبكر قليلًا عن المتوقع.