أجندة واحدة تجمع ثلاث جهات على استهداف الأراضي السورية؛ بالأمس استهدفت غارة للكيان الصهيوني موقعًا للجيش السوري في القنيطرة، سبقتها بأيام إسقاط قوات أمريكية لطائرة تابعة للجيش السوري، وقبل الواقعتين، شنت قوات ريفية إرهابية هجمات على عناصر من الجيش في التنف الحدودية، كما استهدفت العام الماضي موقعًا للجيش السوري في دير الزور، راح ضحيته عشرات العسكريين. الغارة الإسرائيلية بالأمس، صد الجيش العربي السوري هجومًا عنيفًا لجبهة النصرة الإرهابية وجماعات مسلحة مع على أطراف مدينة البعث في ريف القنيطرة، وفيما كان الجيش السوري يصد الهجوم شنت طائرات إسرائيلية غارة على مواقع الجيش، وقال الناطق باسم قوات الاحتلال، إن الغارة استهدفت دبابتين للجيش السوري في القسم الشمالي من الجولان، ردًا على سقوط قذائف شمال هضبة الجولان. من جهته، قال رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، "تل أبيب ليست مستعدة لقبول أي انزلاق للنار من أي جهة كانت، وسترد بشدة على كل إطلاقٍ للنار"، ونشر الجيش الصهيوني فيديو يظهر الضربة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع تابعة للجيش السوري في شمال هضبة الجولان السوري. الحديث الذي يتم نقله عبر مصادر سوريا، يفيد بوجود ضحايا جراء الغارة، ويقدر عددهم باثنين وفقًا للمرصد السوري، وقال مصدر في الجيش السوري إن صاروخا إسرائيليا سقط على مبنى سكني، ما أسفر عن وقوع عدد من القتلى وأضرار بالمبنى، وأضاف أن الضربة الإسرائيلية تدعم المتشددين ومسلحي المعارضة. وفي الجانب الإسرائيلي، أكد جيش الاحتلال أنه بالرغم من وقوع 10 قذائف صاروخية جراء المعارك الدائرة بين الجيش السوري وجماعات مسلحة كجبهة النصرة، إلا أنه لا قتلى في الطرف الإسرائيلي، حيث سقطت القذائف في مناطق مفتوحة، وفي ساعات الظهيرة وبعد وقوع القذائف من الجانب السوري تم إخطار جميع المستوطنين الموجودين في هضبة الجولان المحتل بعدم الخروج والتنقل والتجمع في مناطق مفتوحة لتفادي وقوع إصابات، وحمّل الجيش الإسرائيلي النظام السوري مسؤولية أي قذائف تسقط من الأراضي السورية حتى وإن كانت نتيجة الاقتتال الداخلي الدائر هناك، الأمر الذي تكرر دائمًا خلال الست سنوات السابقة. الهجوم والصلف الإسرائيلي بصرف النظر عن التزامن بين الهجوم الذي نفذته جبهة النصرة الإرهابية على مدينة البعث والغارة الإسرائيلية، فإن الهجوم الواسع من قبل النصرة استطاع الجيش السوري أن يصده الأمر الذي أثار انزعاج إسرائيل، وما يبرر هذا الانزعاج أن جبهة النصرة انطلقت في هجومها الأخير من مواقع قريبة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في خطوط الجولان المحتل، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجولان السوري الذي تقول إسرائيل أن القذائف السورية سقطت فيه، هو منطقة سورية في الأساس يحتلها الكيان الصهيوني، وبالتالي من غير المقبول أصلًا أن ترد تل أبيب على عمليات عسكرية لم تخرج عن نطاق الجغرافيا السورية. وعندما شعرت إسرائيل أن هجوم النصرة فشل، تحججت بالقذائف التي سقطت في الجولان المحتل وقامت بغارتها العدوانية، فحتى لو أطلق الجيش السوري قذائف على الجولان فإنها باللغة القانونية التابعة للأمم المتحدة قد أطلق قذائف على أراضي سورية محتلة، والأممالمتحدة أصدرت عدّة قرارات بضرورة انسحاب الكيان الصهيوني منها. ويظهر الوجه القبيح لإسرائيل والمعروف بوضوح في انتهاكاتها للشعب الفلسطيني، في أنها كيان غاصب يحتل الجولان السورية ومع ذلك ووجّهت "احتجاجاً رسمياً الى قوة الأممالمتحدة" المكلفة مراقبة المنطقة منذ 1974 "بسبب الانتهاك المرفوض للسيادة الإسرائيلية"، على حد قول المتحدث العسكري. ويكمن القبح الصهيوني أيضًا هنا من خلال استهدافها للجيش السوري دون جبهة النصرة الإرهابية، كرد فعل منها على أي قذائف تنزلق باتجاهها، مع العلم أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل أمدت المعارضة السورية بعتاد عسكري والعديد من القذائف والصواريخ، وصلت فيما بعد ليد تنظيمات إرهابية كداعش والنصرة، وبعضها وصل بشكل مباشر وعلني، بالتالي لتل أبيب والجماعات الإرهابية مسؤولية تجاه هذه القذائف، وعلى هذا المنوال، فإن إسرائيل تريد من الجيش السوري أن يُقصف من قبل المجموعات الإرهابية المدعومة إسرائيليًا من دون أن يرد عليها. وعن المزاعم الصهيونية بأن ضربات إسرائيل تستهدف حزب الله في هذه المنطقة، يرى مراقبون أن حزب الله موجود بالفعل في الجولان، لكنه حتى الآن هو طرف يقاتل الإرهاب، وإسرائيل عندما تدعم الإرهاب المتمثل في النصرة، فإنها لا تقف ضد حزب الله بل أنها تقف ضد إرادة المجتمع الدولي في القضاء على الإرهاب، كما أن وجود حزب الله في سوريا هو وجود شرعي فقد تم بناء على طلب من الحكومة السورية كما هو حال روسيا. ويرى خبراء عسكريون أن هناك نية تصعيد تدريجي لدور الإسرائيلي في البادية نحو الجنوب، بموازاة تقدم الجيش السوري المدعوم من روسيا وإيران وحزب الله فيها، لأن المشروع الأمريكي اليوم هو مشروع مناطقي عند حدود الجولان المحتل، بالإضافة للجهة الأردنية والعراقية أيضًا، لذلك لا نية حقيقية لواشنطن في القضاء على إرهاب داعش وحاليًا النصرة، وهنا يبرز الوجه القبيح لواشنطن، بالإضافة إلى أنها لا تحل في مكان إلا ويحل معها الخراب والدمار، كما حدث في أفغانستان والعراق وسوريا، ومؤخرًا ضرب هذا الخراب العلاقات بين حلفائها الخليجيين، فبعد الزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض، تدهورت العلاقات بين السعودية وقطر. ويبدو أن قدرة إسرائيل على إعلان الحرب على سوريا مقيدة على الأقل هذه الفترة والتي تسعى فيها لتطبيع علاقاتها مع دول عربية سنيّة كما يحلو لتل أبيب وصفها، فأي حرب مع سوريا قد تعكر صفو المفاوضات القائمة حاليًا بين هذه الدول والعدو الإسرائيلي تحت ضغط شعوبها، فعلى كل الأحوال لن تقبل معظم الشعوب العربية أن يتعرض شعب عربي لعدوان إسرائيلي دون الاصطفاف معه، وهو الأمر الذي قد يعرقل المسار التفاوضي للسلام المزعوم الذي تسعى إليه على طريقتها.