تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 6 مايو 2024    بطائرات مسيرة.. استهداف قاعدة جوية إسرائيلية في إيلات    "لافروف": لا أحد بالغرب جاد في التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية    موعد مباراة الأهلي ضد الهلال اليوم الإثنين 6-5-2024 في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    هشام يكن: خسارة سموحة محزنة.. ويجب أن نلعب بشخصية البطل ضد نهضة بركان    أحوال جوية غير مستقرة في شمال سيناء وسقوط أمطار خفيفة    حمادة هلال يكشف كواليس أغنية «لقيناك حابس» في المداح: صاحبتها مش موجودة    مخرج "العادلون": تقديم المسرحية ضمن المهرجان الإقليمي لفرق القاهرة الكبرى    حملات تموينية على المخابز السياحية في الإسكندرية    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    فرج عامر: سموحة استحق الفوز ضد الزمالك والبنا عيشني حالة توتر طوال المباراة    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات الرئاسة المصرية 2018 رؤية مقترحة.. وورقة للنقاش
نشر في البديل يوم 13 - 05 - 2017

بشكل موجز ومختصر.. سأطرح في نقاط رؤيتي حول موقفي من خوض اليسار المصري والقوى التقدمية والمدنية انتخابات الرئاسة المصرية القادمة في 2018، ومن الطبيعي في ظل حالة الردة الثورية وهيمنة الثورة المضادة وتشتت قوى الفعل الثوري، وتراجع كثير من الحريات أمام ضغط السلطة؛ من الطبيعي أن يكون منطلقنا نظريا، قبيل الخوض في طرح رؤية عملية..
الأفق السياسي
لا خلاف كبيرا حول توصيف النظام الحاكم في علاقته الهيكلية ببعدها التبعي بهيكل النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بدءا من 1990، وأكدته حرب الخليج الأولى والثانية، واعتبارا من 2003 وحتى اليوم استفحلت الهيمنة الأمريكية في العالم، وتضاعفت تلك الهيمنة في منطقتنا العربية لا سيما في ظل تعاظم المصالح الإمبريالية/الصهيونية التي تسعي جاهدة إلى تدمير وتقسيم دول في المنطقة العربية وطمس الهويات الثقافية والحضارية لها.
زاد الوضع خطورة جراء تنامي قوى الإرهاب الديني وسيطرتها على أرض جديدة في العراق وسوريا، وتنامي نفوذها السياسي لا سيما بعد الثورات العربي وخاصة في تونس ومصر، ثم موجات الإرهاب المدعوم بخطاب رعوي يتجاهل العمق الحضاري لشعوب تشكل حضاراتها جزءا من خصوصيتها الثقافية والدينية.
وبعد الثورات العربية بدا في الأفق فرص كبيرة للتحول باتجاه التحرر من علاقات الأبوية السياسية والتبعية الاقتصادية بدرجة ما، والانتقال من حالة ستاتيكية المجتمع إلى خلق روح جديدة تصبح للمبادرات الأهلية والأحزاب والتنظيمات دور في بناء المستقبل. كان الشباب هو الجوهر الصلب في هذا التحدي المهموم بالأساس بطرح رؤى متعلقة بالحريات العامة وحقوق التنظيم والاعتقاد، بالإضافة إلى بعض المطالب الاقتصادية التي لم ترق إلى مستوى الضغط الشعبي. لقد كانت ثورات طبقة وسطى فعلا، رفعت شعارات تقدمية، ولكنها لم تنشغل كثيرا بنقل تلك الشعارات إلى برامج عمل.
لقد جرى في النهر ماء كثير، لا داعي للاستفاضة فيه الآن، وانتهى الأمر إلى العودة للنقطة صفر، ولكنها عودة أشبه بقفزة كبيرة إلى الأمام، فعلى الرغم من سيطرة الثورة المضادة تماما على الجيش والقضاء والشرطة والإعلام.. الخ، إلا أن الخبرات الذاتية والجماعية وتراكمات الفعل الثوري لا يمكن إنكارها، أو تجاهلها، ومن ثم صار لدينا تركة ثورية كبيرة، نعم هي مفتتة ومجزأة ومتشظية ومنزوعة الإرادة والرغبة أحيانا كثيرة، ولديها ميل انسحابي من المعارك الكبرى ذات الطابع السياسي الصرف، وهي غالبا ما تدعو إلى استكمال مهام الثورة بنفس آليات المرحلة الأولى لها في 25 يناير 2011، فالدوافع لإزالة الطبقة الحاكمة بمجملها هي المنطق الوحيد المسيطر علي الأفق الثوري، حقا.. وغالبا ما تأتي هذه الرغبة في صورة حراك شعبي منفصل أو متجاوز صور النضال الجزئي والسياسي سواء في البرلمان أو المحليات أو الرئاسة. وأعتقد أنني متفهم جدا أسباب ذلك، وقد دعوت كثيرا إلى مقاطعة معظم الانتخابات ما بعد يناير 2011، وفي اعتقادي أن الأمر ربما يختلف قليلا الآن، ولكنه اختلاف مشروط بمدى جدية القوى المدنية والتقدمية خصوصا برغبتها في فتح ثغرات في الواقع الأسمنتي الذي نعيشه الآن، وفي التراجع الثوري الذي صار حقيقة مؤكدة، وأقصى ما يمكن توقعه هو أن ينتظر البعض هبة جماهيرية عفوية تكون هي نقطة بداية جديدة لإعادة تكرار سيناريو النزول الجماهيري في الشارع. فالواضح أن القوي السياسية والثورية منها على وجه التحديد لم يعد لديها شيء إيجابي تقدمه في المسار الثوري، الأغلبية تنتظر حركة شعبية مفاجئة، وهذا في تقديري ليس موقفا علميا على الإطلاق، فحتى في حال انتظار مثل هذا الموقف لابد وأن يكون لدينا ما نقدمه للجماهير الثائرة، على الأقل صورة مبدئية، من مطالب وملامح تنظيم للكوادر في المحافظات. كل ذلك لن يتم في لحظة الحراك الشعبي، وإنما ينبغي أن يتأسس ما قبل ذلك، وفي اعتقادي أن معركة انتخابات الرئاسة تحقق ذلك الهدف، – لو توفرت شروطه – فالمعركة بطبيعتها مركزية على الصعيد السياسي، لما يمثله منصب الرئيس في المجتمعات الشرقية من ثقل سياسي طاغٍ، وهي أيضا معركة الاتجاه الواحد أي تدور في فلك فكرة واحدة (مع أو ضد) ولغة خطاب واحدة في كل المناطق والمحافظات، من جهة ثالثة سنجد أنها معركة تأتي في لحظة ضعف حقيقية للقوى الثورية، وفي الوقت نفسه في لحظة تراجع كبير لشعبية النظام ورئيسه، ومن ثم يصبح استدعاء السياسي أسهل من استدعاء الثوري، فطالما أن الجماهير بدأت تفقد الثقة في التغيير فلابد أن تكون المهام السياسية البسيطة للكادر هي مدخلنا لإعادة التثوير مرة أخرى. ومن جهة رابعة وأخيرة، هي معركة نخوضها لاستعادة لغة خطاب تبعثر منا، ووحدة عمل ضلت طريقها منذ عدة سنوات، واختبار رؤى وكوادر في محيط شارع فقد الثقة في كل شيء، وصار على شفا فقدان الأمل أيضا، إنها اللحظة السياسية التي ينبغي استثمارها لكي نعيد فرص العمل الوحدوي – كقوى تقدمية – واليقظة الوطنية – كقوى مدنية، واستعادة روح النضال والممارسة بحثا عن جولة جديدة نستعيد بها ثورتنا المغدورة.
الطريق إلى الشعب
ضع أمامك خريطة العمل السياسي المصري وتأملها جيدا، وانظر إلى حصادها في مقابل ما قدمه الشعب من تضحيات وشهداء ومعتقلين وجرحى ومرضى نفسيين حتى، منذ ثورة يناير حتى لحظتنا الراهنة. لن تكون سعيدا وأنت ترى هذا التردي الواضح في الممارسة السياسية، وأنا لا أريد أن أناقش تلك القضية لأن موضوعها قد يتشعب منا بصورة لا يمكن السيطرة عليها. ولكن ما أود قوله هو أننا أمام مربع سياسي مهم أن نراه في صورته الكلية دون تجزئة (1- ثورة مضادة مهيمنة 2- شعب فاقد الثقة والرغبة في التغيير 3- قوى سياسية غائبة عن الحضور الجماهيري 4- قوى ثورية تمارس الآن كافة تجليات الهزيمة من تخوين متبادل وإحباط ويأس وانسحاب الخ)
يترتب على هذه الصورة الرباعية سؤال يطرح نفسه: ما العمل؟ في تقديري أننا يجب أن نجيب كالآتي: العمل هو العودة للسياسي، فالثورة ليست هي العمل الإيجابي الوحيد، ربما كانت هي الحل الأخير والضروري، ولكن ضرورتها لا تلغي ضرورات أخرى سياسية ونضالات جزئية وتنظيمات شعبية وجماهيرية ومعارك في كل مكان، وفي اعتقادي أنه من الضروري أيضا أن نجيب كذلك بقولنا: لابد من استدعاء معركة عاجلة نوحد بها هدف الحركة، ونتقارب فيها من بعضنا البعض، ونقترب أكثر من شعب ضاع من بين أيدينا.
من هذه الوضعية تصبح انتخابات الرئاسة هي أنسب الوسائل التي نستعيد بها وجودنا، فلا توجد فرصة عمل جماعي تشمل القطر كله حول هدف واحد وبسيط سوي معارك الرئاسة، وأعتقد أيضا أننا في وضعية أفضل من سنوات سابقة، فشعبية الرئيس في تراجع، والوضع الاقتصادي لا يمكن السكوت عليه، والتحديات الإقليمية تحتاج منا إلى كلام كثير، وأوضاع الفلاحين والموظفين كارثية، وحالة البطالة تدعو للرثاء، والانهيار القيمي والثقافي والفني في المجتمع صار كارثيا، والأهم أن فقدان الثقة في السياسة والثورة عاد كما كان من قبل، ومن ثم نحن نحتاج إلى معركة كبرى أكثر من احتياج الثورة المضادة لها، وأكثر من احتياج الإسلام السياسي لها. نحن في حاجة إلي العودة إلى الشعب من جديد، أن نتذكر الطريق إليه، وأتصور أن القول بضرورة خوض معاركنا بعيدا عن أي انتخابات هو قول غير صادق بدليل أن الباب مفتوح منذ سنوات ولم نفعل شيئا من هذا القبيل، فلا تحدثني عن بطلان الفعل السياسي ونحن خارج سياق الوجود الحقيقي أصلا، لا تحدثني عن ضرورة الثورة ونحن غير قادرين بالأساس علي خوض معركة في مركز شباب. انتخابات عامة تشمل القطر ستتم خلال عام أو أكثر، لدينا فرصة لأن نقول كلمتنا وفق برنامج نضعه ونتفق حوله، برنامج ثوري يهدف إلى تغيير حقيقي أو رفع مستوى الوعي الشعبي بالمخاطر المحيطة، وليس برنامجا سياسيا يحرص على مسك العصا من المنتصف.. هنا فقط يمكن أن نضع الثورة من جديد في عقول الناس وليس مهما أبدا أن نهتم بفكرة الصندوق بصورة كبيرة، فقوتنا السياسية لا تسمح لنا بإحداث تغيير حقيقي عبر الصناديق. خوض انتخابات الرئاسة هو ضرورة ثورية بعدما سدت كل أفق التحرك الفعلي وشلل حركتنا الذي يبدو أنه قد يستمر طويلا، وأنا لا أريد أن أضع مستقبل الثورة في يد هؤلاء الذين لا ولن يفعلوا شيئا إيجابيا للشعب سوى المزيد من التعالي عليه والتنظير علينا.
رؤية برنامجية
في الوضع المحلي: هناك تحديات اقتصادية متعلقة بالتوجه وفلسفته وضرورة طرح رؤي متعلقة بالتخلص من حالة الانهيار الاقتصادي هذه عبر تصور كلي لوضعية الاقتصاد وآثاره الاجتماعية، والأهم دائما هو طرح رؤى بديلة واقعية، وتحديات سياسية متعلقة بقيم الحريات العامة والخاصة وحقوق الاجتماع والتنظيم والتظاهر والإضراب، وتحديات اجتماعية وثقافية ودينية، إن سؤال الهوية لابد وأن يكون حاضرا في المشهد المحلي، وكذا سؤال التنمية المستقلة، وكذلك الملفات الكثيرة المنتشرة في مصر والمعلقة كقضايا ليس لها حلول بدءا من مزارعي القصب في جنوب الصعيد وحتى الصيادين في بحيرة المنزلة والبرلس.
في الوضع الإقليمي: ينبغي أن نحدد موقفا واضحا من الصراع الإقليمي، منحازين تماما ضد الصهيونية وأعوانها، وضد التطرف الديني والإرهاب ومخاطره، وضد الاستبداد السياسي ومخالبه. إن الوضع الإقليمي منعكس بصورة خطيرة على واقعنا السياسي، ومن الضروري أن تعرف القوى التقدمية كيف تصطف وكيف تضع قدميها في هذا الوضع المربك الذي تضافر فيه الديني بالاستعماري بالاستبدادي فأنتج ظاهرة رجعية مركبة يصعب التفاعل معها بإيجابية ما لم تكن لدينا جرأة على مناهضتها بالكية، فالاستعمار أنتج الاستبداد السياسي، وهذا الاستبداد أنتج الإرهاب الديني، وجميعهم انتهوا بالشعوب إلى التخلف والتردي والضياع والتشرد، وموقفنا يجب أن ينبع من رؤيتنا التقدمية، ضد كل قوى الرجعية والاستبداد والاستعمار والإرهاب. وكذلك موقفنا الواضح من حق الشعب الفلسطيني في وطنه كاملا غير منقوص، وحق الشعوب العربية في التعبير عن ذاتها بعيدا عن الجذب العالمي والهيمنة الأسرية على الحكم.
الوضع الدولي: ما موقفنا من عالم أحادي القطبية، كيف يمكننا المساهمة في بناء عالم جديد متعدد الأقطاب، وهل هناك إمكانية لاستعادة دورنا الطليعي في إفريقيا والعالم الثالث، كيف يمكن أن تسهم ثورتنا المصرية في إنتاج حالة جديدة تتمكن فيها الشعوب من تحديد مصيرها والتحرر من أسر التبعية الذي انعكس علي حياة المواطنين؟.
إن صياغة برنامج عام وبرامج متخصصة لكل قضية وكل محافظة وتمكين القوى التقدمية والمدنية منها وتشكيل لجان عمل في المحافظات تحت شعار موحد هو الطريق لعودتنا للشارع، وبالتالي لعودتنا للثورة.. إن السياسي هو ضرورة لنا الآن، كضرورة الثورة لنا غدا.
إن انتخابات الرئاسة ليست سوى إحدى وسائل النضال مهما كنا ندرك نتائجها، فالهدف ليس جلوس أحدنا في قصر الاتحادية، بل جلوس ثورانا في قلوب وعقول الشعب، كيف يتم ذلك؟، الإجابة، بأحد طريقين.. إما انتظار جماهيرية عفوية، وقتها لن ترى تلك الهبة أي أحد منا أو من النظام، فقط سوف تنحو باتجاه تدمير كل شيء، وأما الطريق الثاني فهو وحدة العمل والهدف، ولن يتم ذلك سوى عبر معركة شاملة محددة الزمن والهدف والمضمون، وإذا كنا نقدم اعترافا للنظام بشرعيته عبر خوض انتخابات، فإنني سأقبل ذلك لهدف آخر أهم هو أن أكتسب اعترافا من الشعب بأن النظام الحالي يدمر البلد وينزلق بها إلى الحضيض، وإننا نقدم أنفسنا كبديل له من خلال عمل منظم ورؤية محددة للخروج من مشاكلنا، ثم نترك الشعب يحدد هو مصيره بالصناديق أو بالشارع، ولكن المهم أن نقول كلمتنا ونتابع، قبل أن ينزل الشعب الشارع ونغرق نحن في بحره ونموت تحت أقدامه لأنه لم ير أحدا في وقت شدته.
من أين نبدأ؟
إذا قلت على القوى التقدمية الاتفاق على مرشح، فلن يحدث هذا. إذن ما العمل؟ في تقديري أنها لابد وأن تجلس مهما كانت الصعوبات، وإن لم يحدث فليس علينا سوى إنجاز استطلاع رأي سريع ومنجز حول بعض الأسماء، لا سيما وأن معظم الذين يملكون القدرة على التصدي علميا وسياسيا للترشح عازفون عن الاشتباك نظرا لسوء الحالة السياسية والأمنية. لذلك أعتقد أننا في موقف صعب للغاية، فمن السهل صياغة برنامج، ومن السهل أيضا إعداد الكادر المؤهل لخوض معركة سياسية لو اقتنع بأهمية دوره، ولكن التوافق على مرشح تبقى أصعب المشكلات، ولا أضمن أبدا أن اتفاق القوى التقدمية على مرشح سوف ينتج إجماعا من الجميع خاصة الشباب المستقل.
كيف نختار مرشح رئاسة تقدميا؟ هذا هو السؤال الأزمة، مرشحا غير متورط في خدمة النظام أو التحالف مع الإسلاميين أو تلقي تمويلات أجنبية من الخارج أو الداخل، مرشحا لديه لغة خطاب وقبول عام، ووضعية تسمح لنا بالتحرك تحت اسمه ورايته، مرشحا يقترب من سن الشباب، متعلما يفهم مشاكل المجتمع جيدا، مرشحا مارس السياسية وانخرط مع الناس في حياتهم اليومية، مرشحا ليس بخلفية عسكرية أو دينية أو مذهبية ذات طابع سياسي..
في اعتقادي أنه موجود، أنا لا أعرف بالضبط أين يمكن أن نجده فعلاقاتي متواضعة للغاية، ولكنني بالفعل لا أرى جيدا وأتمنى أن نتدارك الأمر حتى لا يدركنا الوقت.
.. إن خوض انتخابات الرئاسة لابد وأن يبدأ من بعد عيد الفطر مباشرة، عبر:
1-تشكيل لجنة صياغة البرنامج العام والمحددات السياسية له
2-اختيار المرشح عبر التوافق –أتمنى هذا جدا توفيرا للجهد واللغط- أو استطلاع رأي لا يقل عن عشرين ألف عينة
3-تشكيل لجان المحافظات والبدء في وضع برامجها المحلية وتدعيم اللجنة العامة بها
وضع خطة عمل على مدار عام محلية في المحافظات وعامة على مستوى القطر المصري
4-إنجاز عدة دورات تثقيفية حول مهام الكادر في معركة الرئاسة
5-وأعتقد أن عنصر الوقت مهم لدرجة أن التأخر بدون إنجاز شيء حتى يوليو القادم سوف يجعل المهمة مستحيلة، وبالتالي الهدف منها يصبح مستحيلا أيضا، ومن ثم يصبح خوض الانتخابات بهذه الصورة مضيعة للوقت، ولا داعي لها..
في النهاية، لقد علقت شرط خوض انتخابات على
1-وضع برنامج تقدمي
2-اختيار مرشح توافقي غير متورط في دعم الثورة المضادة بكافة أجنحتها
3-البدء مبكرا – يوليو 2017 على الأكثر
في تلك الحالة فقط أستطيع القول إنني مع خوض انتخابات رئاسة، مع تحمل كافة المسؤولية على خوض انتخابات ستمارس فيها كافة الانتهاكات، ولكن منذ متى كان الفعل السياسي مشيا على الحرير؟
ملاحظة أخيرة.. في انتخابات الرئاسة السابقة كنت ضد خوضها تماما، وكان السبب أنني كنت أرى الثورة قائمة وفرصها موجودة، اليوم اختلف الوضع وصرنا في الدرك الأسفل منها، ولذلك لابد من حبل يعيدنا إلى حافة البئر، وأعتقده هو حبل السياسة، ومعركة الرئاسة التي تتوافر لها فرص وحدة العمل والهدف، وربما يأتي يوم آخر في معركة رئاسية أخرى أكون ضد خوضها، فالمواقف الثابتة في ظل الحركة هي من سمات الدوجماطيقية، فكلما ابتعدت الثورة عن الأفق صار السياسي ضروريا، وكلما اقتربت الثورة تراجعت السياسة وصارت الصناديق إحدى حيل النظام لتبريد الفعل الثوري، أما في هذه اللحظة التي نعيشها فنحن في حاجة إلى خوض انتخابات جمعيات دفن الموتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.