"أفلح إن صدق".. لسان حال ما يقرب من 13 مليون مواطن من ذوي الاحتياجات الخاصة، عقب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، 2018 عاما ل"متحدي الإعاقة"، في حين ما تزال حقوقهم مهدرة ومعاناتهم قائمة وتهميشهم بالقطاعين العام والخاص، ومطالبهم على قوائم الانتظار حتى جاء القرار الوزاري الأخير الصادر عن مجلس الوزراء بتشكيل لجنة داخل وزارة الصحة لحل مشكلاتهم. تساءل كثيرون هل فعلاً هناك خطوات جادة تصب في صالح فئة كبيرة من أبناء الشعب المصري وقرارات مصيرية كافية لضمان حقوق المعاقين الذين يعانون بصورة يومية أم مجرد مسكنات وقرارات غير فعالة للشو الإعلامي ولا جدوى من ورائها ما يزيد من تفاقم أوجاعهم بصورة أكثر في المستقبل القريب؟ في حين سقطوا من أجندة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال مشروع التعداد السكاني الجاري، الذي تخلوا استمارته من وجود خانة مخصصة لذوي الإعاقة للوصول إلى أعدادهم وحصر مشاكلهم بصورة دقيقة. عدد كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة طالبوا المسؤولين بالاهتمام والرعاية دون انتظار عام 2018 الذي أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي ل"متحدي الإعاقة" في مؤتمر الإسماعيلية الثالث للشباب، فأعداد كبيرة من المعاقين بحاجة ماسة إلى تقديم المساعدة العاجلة لهم، ولا يستطيع أحدهم أن يحيا حتى نهاية العام الجاري، دون مساعدته في الحصول على قوت يومه عبر توفير وظيفة مناسبة وسيارة جيدة ومعاملة آدمية تكفل لهم حقوقهم. تساؤلات عديدة طرحتها "البديل" على أصحاب القضية الأصليين، والمهتمين بها عقب قرار وزارة التضامن الاجتماعي بالتنسيق مع المجلس القومي لشؤون الإعاقة بتشكيل لجنة وزارية لبحث ملف المعاقين وموافقة الوزارة على تركيب رافعات بوسائل النقل والمواصلات بعد الاتفاق مع وزارة الإنتاج الحربي، ومحو أمية الصم، حيث تصل نسبتهم إلى 3% و99%، منهم لا يعرفون القراءة والكتابة. أعلن الدكتور حسام المساح، أمين عام المجلس القومي لشؤون الإعاقة، رضاه عن القرار الوزاري الأخير، مطالبًا الدولة بالالتزام بما ورد في نصوص الدستور ورعايتهم وتوفير فرص العمل اللازمة لهم وتيسير المرافق العامة وفقا لما أوصت به الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان، مؤكدا أن الخطوة تعتبر بداية طريق الألف ميل الذي بدأوه ولن يتراجعوا عنه حتى يصبح من حق المعاق أن يترشح لرئاسة الجمهورية. طرقوا كل الأبواب أحمد حمدي، شاب ثلاثيني أقعدته الإعاقة الجسدية عن الحركة الطبيعية، لكن لم تقعده عن ممارسة هوايته التي يعشقها منذ الصغر كفنان تشكيلي محسوب على ذوي الاحتياجات الخاصة، رغم أنه سقط من أجندة المسؤولين في وزارة التضامن الاجتماعي والقائمين على المجلس القومي للإعاقة. قال أحمد، الذي يعمل مدرس خط عربي بإحدى المعاهد الأزهرية في محافظة الغربية، إنهم سلكوا كل الطرق الشرعية وطرقوا كل الأبواب للحصول على جزء بسيط من حقوقهم الأساسية التي أقرها الدستور والمواثيق الدولية، مثل حق العمل والسكن والعلاج والمعاش لمن لا يستطيع العمل، وكذلك حق الحصول على سيارة ملاكي معفاه من الجمارك، خاصة أنها ليست كماليات كما يظن كثيرون، بل ضمن أساسيات الحياة حتى يستطيع التنقل والتفاعل مع المجتمع بشكل طبيعي دون انتقاص من شأنه أو إهانة له. خدمات غائبة شاب آخر ثلاثيني يُدعى عمرو عبد القادر، يرأس اللجنة المركزية بالمجلس الوطني للمعاقين، لم يقف مكتوف الأيدي مثل غيره أمام إعاقته في إحدى قدميه، لكنه انتزع حقًا له بالتعيين في إحدى شركات البترول بطنطا، ويأمل أن يكون عام 2018 بشرة خير عليهم وبداية عودة الحق إلى أهله دون استغلال أو متاجرة من أحد، لكنه يتراجع أحيانًا حين يتذكر الثماني أشخاص المعينين باللجنة الاستشارية بوزارة التضامن الاجتماعي لبحث مشاكلهم، والذي يراهم "لا يمثلون جموع المعاقين". أكد عمرو، الذي يتكئ على عكازه القصير، أن عدد المعاقين كبير جدا وفئة اجتماعية لا يُستهان بها؛ فهم أكثر من 10 ملايين معاق ينتظرون منذ أربعة عقود خروج قانون وتشريع ذوي الاحتياجات الخاصة إلى النور؛ لإعادة حقوقهم الغائبة، والتواجد الرسمي في جميع المحافل السياسية بالدولة من الترشح لمجلس النواب أو المجالس المحلية، وصولًا إلى رئاسة الجمهورية، فضلاً عن الحق في العلاج الذي ينبغي أن يشمل التأمين الصحي لكل ذوي الإعاقات الخاصة دون استثناء. سمية عبدالعال، فتاة عشرينية تعاني مثل باقي أقرانها المعاقين من التحرك بحرية في الشارع، وتفتقد حقوقا أخرى كثيرة لطالما تسببت لها في أزمات داخل المجتمع، فضلًا عن تدني المعاش الخاص بهم من وزارة التضامن الاجتماعي الذي لا يزيد على 325 جنيهًا تم منعه أيضًا لأسباب غامضة، مطالبة بإنشاء مصنع خاص للأجهزة التعويضية الحديثة وصرفها للمعاق مجانا أو بمبالغ رمزية، مع تخصيص عربات للمعاقين فى السكك الحديدية والمترو وتجهيزها، بالإضافة إلي مراعاة المواصفات الفنية عند إنشاء المباني الحكومية والمستشفيات والنقابات والمدارس وكل المباني التي قد يتعامل معها المعاق تكون مزودة بتجهيزات تساعدهم على ارتيادها بكل يسر. مطالب عادلة طالبت الناشطة إيفون الزعفراني، المنسق العام لحركة معاقين ضد التهميش، بإتاحة الحق في العمل وتفعيل نسبة ال5% الخاصة بالعمل، مع ضرورة أن يراقب الجهاز الإداري أو المحاسبي عملية التنفيذ فى كل الشركات لتوضيح الأماكن الخالية أولا في القطاع الحكومي والخدمي الخاص بالدولة، وثانيا في القطاع الخاص، مشددة على أهمية الحق في السكن عبر تفعيل نسبة ال5% الخاصة بالإسكان المعطلة، وأن يتم تسليم المعاقين الذين تقدموا بطلبات للحصول على وحدات سكنية منذ عام 1998 ولم يتسلموها حتى اليوم، وأن يتم محاسبة المسؤولين عن التأخير والمتسببين في ذهابها إلى غير مستحقيها. وأضافت الزعفراني ل"البديل" أن المعيشة الكريمة حق ثالث من حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، لمن لا يستطيع العمل أن يُصرف له معاش بحد أدنى 1500 جنيه، وفى حالة وجود طفل معاق فى الأسرة يتم صرف مبلغ 500 جنيه لإعانة الأسرة؛ لأن مطالب واحتياجات ذوي الإعاقة أكبر بكثير من متطلبات الشخص الطبيعي بما يتحمل من أجهزة طبية وعلاج وتنقلات، مع ضرورة فصله عن معاش الضمان الاجتماعي الهزلي، الذي يهين من يحصل عليه أكثر من المنفعة التي تعود عليه، بحسب تعبيرها. وانتقدت المنسق العام ل"معاقين ضد التهميش"، ما وصفته بالشروط المجحفة في مواصفات السيارات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، مطالبة بتخصيص كارنيهات خاصة للمعاقين تؤهلهم للحصول على جميع الخدمات بسهولة ويسر من مختلف الجهات الحكومية وغيرها دون حاجة إلى كارنيهات خاصة لكل جهة، مع التنبيه على كل مؤسسة بالتعامل مع المعاق من خلال هذا الكارنيه لتسهيل أدائه للخدمات العامة مثل الحصول على تخفيض لأجرة المواصلات، وكذلك في المطارات والموانئ في حالة السفر خارج البلاد، كما ينبغي إلغاء المخالفات المرورية؛ لأن المعاق يقف في الممنوع، أثناء أداء مصلحة ما. وأكدت الزعفراني أن المجالس العليا لشؤون المعاقين لا تمثلهم من قريب أو بعيد، لكنها تحقق مصالح المؤسسات والجمعيات الأهلية وتجعل منها أباً شرعياً للمعاقين، رغم الفشل الذريع المتكرر لها من قبل، كما أن تعيين والدة المعاق ذهنياً في منصب الأمين العام للمجلس، يمثل حكمًا على جميع المعاقين بالفشل، ما يتعارض مع المطالب الرئيسية التي ظلوا يناضلون في سبيل تحقيقها على مدار سنوات طويلة، مطالبة بسرعة تشكيل لجان منتخبة من المعاقين لتمثيلهم أمام جميع الوزارات والجهات الرسمية لرفع الوصاية عن المعاقين، سواء من قبل وزارة التضامن الاجتماعي أو الجمعيات الأهلية الخاصة بالمعاقين التي كان لها الدور الأساسي في تهميشهم وضياع حقوقهم، بل وصل الأمر بهم إلى التسول بحقوق المعاقين. الدمج المجتمعي وطالبت الدكتورة هبة هجرس، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب والاستشاري الدولي والناشطة في مجال ذوي الإعاقة، الدولة بأن تكفل للمعاق نفس فرص الشخص الطبيعي، فتكافؤ الفرص مطلب أساسي، مع العمل على المسار المزدوج فى كل مادة بالدستور تحتاج إلى ذكر المعاقين، فمثلا مواد الدستور للتعليم والصحة، يجب أن يوجد إشارة للمعاقين بها للتذكير بحقوقهم فى هذه المجالات، ومن ثم يجب التركيز على حقوق المعاقين في الدمج المجتمعي وحقهم في استخدام التكنولوجيا الحديثة وتوفير الدولة لهم ذلك مع وضع ميزانية للمعاقين مع ميزانية وموازنة الدولة تكفل حقوقهم. وشددت على ضرورة مراعاة حق المعاق في التعليم الجيد والتوظيف، ويكون المعيار الأساسي في الاختيار "الكفاءة"، مع الاهتمام بالوضع الصحي لكل معاق؛ بحيث يكون له الحق في الحياة بصورة طبيعية، مثل الإنسان الصحيح، وأن يكونوا على قدم المساواة مع الأشخاص غير المعاقين، لافتة إلى ضرورة تمكين المرأة ذات الإعاقة، التي تعد من أكثر الفئات تهميشًا ومن أفقرهم داخل المجتمع.