في زيارة هى الأولي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن منذ تنصيه رئيسا للجمهورية، تحضر العديد من المباحثات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، ولا شك أن هناك بعض الملفات المشتركة التي ستأخذ اهتمامات الرئيسين. وتوترت العلاقات بشدة بين البلدين خلال حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، حيث جمد الأخير لسنوات المساعدة العسكرية الأمريكية لمصر بعد ثورة 30 يونيو البالغة قيمتها 1,3 مليار دولار سنوياً،، قبل أن تعود في مارس 2015 ويلغى تجميدها. ويري مراقبون أن السيسي وترامب يلتقيان في عدد من المواقف المهمة إزاء منطقة الشرق الأوسط، فبينما لدى الجانبان تفاهمات مشتركة في محاربة الإرهاب والتطرف بالشرق الأوسط، لا يقل التفاهم في قضية محورية مثل القضية الفلسطينية والسورية والعداء مع جماعة الإخوان، في حين لم يحدد ترامب موقفه المستقبلي تجاه الملف الليبي، وبعيدا عن هذا وذاك يدعم الرئيس الأمريكي البرنامج الاقتصادي المصري الذي تروج له الإدارة المصرية في الأونة الأخيرة بعد تعويم العملة المحلية، فيما سيترك ملف حقوق الإنسان داخل مصر جانبًا فبحسب رؤية ترامب لا تريد إدارته إثارة الأزمات الحساسة في العلن. ملف الإخوان تزايدت التقارير في الصحافة الأمريكية التي تؤكد مناقشة السيسي وترامب لملف جماعة الإخوان، كما ورد في إحدى المقالات أن الرئيس الأمريكي سيتسعين بنظيره المصري في تفعيل القانون المقدم بالكونجرس لتصنيف جماعة الإخوان كإرهابية، حيث قالت مجلة نيوزويك الأمريكية أمس إن ترامب سيواصل الثناء على السيسي لمحاربة مصر جماعة الإخوان، مؤكدة أن ترامب تعهد بتدمير تنظيم داعش، كما فعل السيسي في شبه جزيرة سيناء، وفي حملته على جماعة الإخوان، التي شن مؤيدوها هجمات ضد السلطات المصرية. وأضاف المسؤول في البيت الأبيض للمجلة، أن المسائل الأمنية ستكون محورية في اجتماع الإثنين بين الزعيمين، مؤكدًا أن ترامب يدعم محاولة السيسي لإصلاح واعتدال الخطاب الديني في مصر، مضيفة أن ترامب يهمه أن يستمع إلى أفكار السيسي حول الإخوان لأن لديه مخاوف بشأن مختلف الأنشطة التي ينفذها الإخوان في المنطقة، فضلًا عن أنه سيناقش ما إذا كان ينبغي تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية في أمريكا مع الرئيس السيسي. ويبدو أن جماعة «الإخوان» تواجه أياما صعبة في المرحلة المقبلة حيث تتزايد عليها الضعوط ، فبالإضافة إلى أن الرئيس الأمريكي والمصري لديهما نظرة قريبة إزاء جماعة الإخوان، يعتزم الرئيس الجمهوري أن يصنف الجماعة على قوائم الإرهاب في أمريكا لأنه يرى بحسب البيت الأبيض أن «الإخوان من أخطر الجماعات التي تغذي الفكر المتطرف، لذا فهو يريد توجيه ضربة للتنظيم عن طريق السيسي وليس احتوائها سياسيا كما فعل أوباما وهيلاري كلينتون. الملف السوري والعلاقة مع روسيا ولدى السيسي وترامب وجهات نظر متقاربة إزاء الملف السوري وتعاملهم مع روسيا فالرئيس الأمريكي لديه علاقة جيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويؤمن بضرورة التنسيق والتعاون مع موسكو بدلا من الصراع معها، لاسّيما وأنه لديهما موقف متناسق في الملف السوري، حيث تدعم مصر العملية السياسية في سوريا بالإضافة إلى تمسكها بأن مصير الأسد يحدده السوريون وهو أمر اقتنعت به واشنطن في الفترة الأخيرة بعد وصول ترامب إلى الحكم حيث خرج وزير الخارجية ريكس تيلرسون ليؤكد أمس أن وضع الرئيس السوري بشار الأسد سيقرره الشعب السوري. القضية الفلسطينية فضلًا عن ذلك فإن القضية الفلسطينية تعد من أهم الملفات المشتركة لدى الرئيسين، حيث يسعى السيسي وترامب إلى إحداث تطور جديد في هذا الملف، وذلك عن طريق إحياء ما تعرف بعملية السلام بين الفلسطينين والإسرائيلين بعد توقف لسنوات، وكان السيسي أعلن العام الماضي عن طرح لتحريك الجمود الواقع بالقضية الفلسطينية الأمر الذي ثمنته الإدارة الأمريكية في أكثر من مناسبة حيث قال مبعوث ترامب لشؤون المفاوضات الدولية جيسون جرينبلات خلال لقائه بوزير الخارجية سامح شكري على هامش تحضيرات القمة العربية إن واشنطن تقدر الدور المصري على الصعيدين الإقليمي والدولي الرامي إلى الوصول إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. المعونة الأمريكية والاقتصاد على الرغم من التصريحات الرسمية المصرية والتقارير الإعلامية التي تؤكد أن المساعدات الأمريكية للقاهرة، عادت كما هي شكك كثيرون في جدوى الحديث مؤكدين أن بحسب الميزانية التي قدمها ترامب للكونجرس هذا العام تؤكد تخفيض المساعدات لكل دول العالم ومن بينها مصر، حيث لم تحصن الميزانية الجديدة المساعدات المقدمة للكيان الصهيوني والتي تبلغ فيمها 3.1 مليار دولار سنويًا، مما يعني أن المساعدات المقدمة للدول العربية ومنها مصر باتت رهن التقييم وهو ما أثار القلق لدى البعض أبرزهم وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي الذي طرح سؤالًا مهما حول هذه المسألة، وقال نبيل فهمي في فيديو تسجيلي نُشر عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "إدارة بارك أوباما كانت تؤيد تقديم المعونة لمصر، بينما الإدارة الحالية للرئيس ترامب لا تؤيد التوسع في تقديم المعونة بالأساس لدول العالم، ونحن في انتظار نتائج زيارة السيسي للقاء ترامب". ملف حقوق الإنسان ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نقلا عن مساعدى الرئيس دونالد ترامب، أن الرئيس الأمريكى سيركز خلال مباحثاته مع نظيره عبد الفتاح السيسي، على القضايا الأمنية والملفات الاقتصادية، وذلك فى الزيارة الأولى للسيسي إلى واشنطن منذ تولي ترامب الرئاسة، مشيرة إلى أن ترامب سينحي ملف حقوق الإنسان جانبا خلال التعامل مع الحكومة المصرية، واصفة ذلك بأنه تحول لافت آخر عن السياسة الخارجية الأمريكية للرؤساء السابقين من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وأشارت في تقرير نشرته للكاتب بيتر بيكر، إلى إعلان مسؤول بالبيت الأبيض، أن إدارة ترامب لن تسمح بعد الآن لقضايا حقوق الإنسان بأن تصبح محط صراع مع مصر، مؤكدة أنه على الرغم من أن حقوق الإنسان لا تزال تشكل مصدر قلق، فإن ترامب يفضل التعامل مع هذه المسائل على انفراد.