أفضت الانتخابات الداخلية لحركة حماس، يوم أمس، إلى انتخاب يحيى السنوار، قائدًا عامًا للحركة في غزة، والقيادي خليل الحية، نائبًا له، وتصدر كل من القيادي في الحركة إسماعيل هنية، ومروان عيسى، نتائج انتخابات حماس لرئاسة المكتب السياسي في ساحة قطاع غزة التي لها الثقل الأكبر في الانتخابات الداخلية للحركة. انتخابات حماس وفق أجواء محاطة بالسرية المطلقة، عقدت حركة حماس المرحلة الأولى من انتخاباتها الداخلية التي انتهت بانتخاب يحيى السنوار، قائدًا عامًا لقطاع غزة خلفًا لإسماعيل هنية. وتجرى انتخابات حماس كل 4 أعوام، وأشارت المصادر إلى أنه تم اختيار أعضاء لقيادة الحركة في غزة أيضًا، وهم: أبو فكري السراج، صلاح البردويل، مروان عيسى، روحي مشتهى، سهيل الهندي، فتحي حماد، ياسر حرب، محمود الزهار، أبوعبيدة الجماصي، إسماعيل برهوم، جواد أبوشمالة، أحمد الكرد، أبوعلاء أبوالسبح. وقالت مصادر إن القيادة العسكرية لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس سيطرت بشكل كبير على الانتخابات في المناطق، وكان للمرشحين منها الحظ الأوفر والأكبر من الأصوات. وتشهد المرحلة المقبلة انتخاب رئيس المكتب السياسي من قبل الأعضاء المنتخبين، حيث ترجح التقديرات وصول إسماعيل هنية، إلى رئاسة المكتب السياسي. السنوار يبلغ السنوار من العمر 55 عامًا، ومنذ 6 أعوام تم الإفراج عنه في صفقة تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مقابل 1027 أسيرًا فلسطينيًا، حيث قضى قرابة 20 عامًا في السجون الإسرائيلية بتهمة القيام بأنشطة إرهابية. ينحدر السنوار من مدينة خان يونس، وقد أسس عام 1988 جهاز "مجد" الذي يعد الجهاز الأمني للجناح العسكري لحركة حماس "كتائب عز الدين القسام"، وطالت السنوار اتهامات من الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث أدرجت اسمه قبل عامين في لائحتها السوداء للإرهابيين الدوليين، والتهمة هي الدعوة إلى خطف جنود إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين. الصحف العبرية رون بن يشاي، الخبير العسكري الإسرائيلي، قال لصحيفة يديعوت أحرونوت، أن السنوار يستعد استعدادا مكثفا للحرب القادمة مع الجيش الإسرائيل. وكان صعود السنوار لتولي قيادة حماس في غزة، موضع تعليق في وسائل الإعلام العبرية، التي وصفته بوزير دفاع حركة حماس، وبالشخص الأكثر تأثيرًا على توجهات الجناح المسلح للحركة، لكونه يشكل حلقة الوصل بين الجناحين العسكري والسياسي. وأضافت وسائل الإعلام العبرية، أن اختيار السنوار رئيسًا لحماس في غزة يعتبر إنجازًا مهمًا للجناح العسكري للحركة، ويعزز التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، بأن تأثير الجناح العسكري لحركة حماس يتفوق على تأثير الجناح السياسي، الأمر الذي يزيد من احتمالات حدوث مواجهة عنيفة بين الكيان الصهيوني وحماس قريبًا. محور المقاومة شكلت كل من سورياوإيران وحماس، بالإضافة لحزب الله اللبناني، محورًا يسمى بمحور المقاومة، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، لتضمين إيران في محور الشر، بوصفها داعمًا قويًا لحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولكن بعد اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011، شابَ محور المقاومة تباين في وجهات النظر حول الملف السوري، حيث دعمت إيران بقاء المؤسسات السورية التي تضمن الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم تفككها، فيما انحازت حماس لموقف المعارضة السورية الداعي لإسقاط النظام السوري، وهو الأمر الذي أدى إلى أن تُغلق حماس مكاتبها في دمشق وتحول بوصلتها إلى قطر وتركيا، وحسب مراقبين، فإن حماس "المقاومة" وقعت في خطأ استراتيجي، فحلفاؤها الجدد سواء في الدوحة وقاعدة سيلية الأمريكية، وأنقرة عضو الحلف الأطلسي، تجمعهم علاقات وثيقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر الوسيط الأمريكي مع الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي أثر بصورة كبيرة على مصداقية صورة المقاومة للحركة الحمساوية، الأمر الذي أدى إلى انقسام حماس داخليًا إلى جناحين، سياسي يؤيد التوجه الجديد للحركة باتجاه قطر وتركيا، وجناح عسكري يؤيد الحفاظ على علاقات وثيقة مع طهرانوسوريا كمصدر للحفاظ على القوة العسكرية للحركة. ويرى مراقبون أن الانتخابات الأخيرة قد تعطي مؤشرًا على تقارب حماس مع محور المقاومة مجددًا، فصحيح أن الانتخابات الأخيرة في غزة قد أفضت لوصول شخصيات حمساوية إلى مناصب سياسية لكنها بزي عسكري، وبإلقاء نظرة على العلاقات الداخلية في حركة حماس، يتبين أن يحيى السنوار، مقرب من محمد الضيف، القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، ونائبه خليل الحية كان مقربًا من الشهيد أحمد الجعبري، نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض حتى اغتياله، الأمر الذي من شأنه أن يحدث تطورًا في علاقة حماس بطهران، خاصة أن صحيفة معاريف العبرية كتبت في شهر مايو من عام 2015، "أن محمد الضيف أعد العدة للمواجهة المقبلة مع الجيش الاسرائيلي، من خلال وحدة نخبة خاصة تضم مئات المقاتلين تم تدريبهم من قبل الإيرانيين، وسيحاولون الوصول إلى الإنجازات التي فشلوا في الوصول إليها خلال عملية الجرف الصامد الأخيرة". كما أن خليل الحيَّة، قال في شهر أكتوبر 2016، إن حركته تسعى لطيّ الخلافات مع الجمهورية الإيرانية وتطوير العلاقات معها "بعيدًا عن الطائفية"، ما يعني أن التنسيق الإيراني مع الجناح العسكري لحركة حماس لم ينقطع حتى بعد الأزمة السورية، كما أن وصول الجناح العسكري لقيادة الدفة في غزة قد ينبئ بتطور ما داخل المحور المقاوم. في المقابل، يرى مراقبون أن عودة هنية، المرشح القوي لرئاسة المكتب السياسي لحماس إلى غزة عبر البوابة القطرية، قد يعطي مؤشرا بأن حماس قد تحافظ على سياستها الجديدة باتجاه قطر، ويقول الصحفي الفلسطيني، مصطفى الصّواف، إن السياسة في حماس هي سياسة مقره، وسوف تستمر هذه السياسة وإن اختلفت الأشخاص، والسنوار لا يمكن له أن يحرف الاستراتيجيات التي على أساسها تسير حركة حماس، فالسنوار هو فرد من 16 عضوا داخل المكتب السياسي في قطاع غزة، كما أن المكتب السياسي في قطاع غزة هو جزء من أجزاء تشكل الحركة السياسية لحركة حماس، وبالتالي فحماس تنظيم مؤسساتي لا يخضع لأفراد". وعلى كل الأحوال، ليس الكيان الصهيوني وحده من يراقب نتائج الانتخابات الحمساوية، فالحدث يشغل الداخل الفلسطيني كما العربي، ولا سيما أن هذه الانتخابات، بحسب ما يبدو، سوف تشهد تغيرات كبيرة في الأسماء التي ستتولى المناصب الأساسية في الحركة.