في الوقت الذي كشفت فيه الإدارة الأمريكية الجديدة عن رؤيتها لمستقبل العلاقات مع اليابان وضرورة تطويرها بسبب الأهمية الاستراتيجية والجغرافية لطوكيو في منطقة شرق آسيا، كونها تقع بين المحيط الهادئ وبحر اليابان، وشرق شبه الجزيرة الكورية، بدت كوريا الشمالية جراء هذه التحركات غاضبة أكثر من أي وقت مضى، مسجلة لهجة أكثر تصاعدية مع الوافد الجديد إلى البيت الأبيض، وهو ما ظهر في إطلاقها صاروخ باليستي قبالة ساحلها الشرقي. وتدخل كوريا الجنوبية على نفس خط الأزمة أو بالأحرى المعركة التي تتمثل في تهديد بيونج يانج لدول الجوار كوريا الجنوبيةواليابان، وأعلنت كوريا الجنوبية أن الصاروخ الذي أطلق من منطقة تسمى بانجيون في المنطقة الغربيةبكوريا الشمالية وقطع مسافة نحو 500 كم، يعد استفزازًا بالسلاح ويهدف إلى اختبار رد فعل الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه هذا الملف برمته. وجاءت ردود الأفعال سريعة من واشنطنوطوكيو وسيول؛ حيث نددوا جميعا بالتجربة الباليستية، وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في فلوريدا، كوريا الشمالية بالامتثال لقرارات مجلس الأمن، مندداً بهذه التجربة الصاروخية وتأكيد وقوف بلاده مع اليابان، كما ندد أيضا رئيس الوزراء الياباني بالتجربة الباليستية التي أجرتها كوريا الشمالية أمس، واعتبرا إطلاق الصاروخ عملاً غير مقبول على الإطلاق، ومن جهتها، اعتبرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية في بيان، أن إطلاق الصاروخ يهدف إلى لفت الانتباه العالمي إلى كوريا الشمالية، من خلال إظهار قدراتها النووية في مجال الصواريخ. واعتبر المراقبون أن التجربة الكورية الشمالية جاءت ردًا على تحركات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه ملف شرق آسيا، ومحاولة لاختبار مواقف ترامب إزاء أمن اليابانوكوريا الجنوبية، الذي أعلن في السابق عندما كان مرشحًا، عدم أولوية هذا الملف والاهتمام بالداخل الأمريكي أولًا، مؤكدًا على ضرورة أن تجنى واشنطن الأموال مقابل أمن الدول الآسوية. وبعد اجتماع في المكتب البيضاوي وعقد مؤتمر صحفي مشترك ومأدبة غداء عمل في البيت الأبيض، يتوجه ترمب وآبي إلى بالم بيتش في فلوريدا لقضاء بعض الوقت في "مار آلاجو"، المنتجع الشخصي للرئيس الأمريكي، وذكر مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض للصحفيين مشترطا ألا يتم الكشف عن اسمه، أن اجتماع آبي مع ترامب، الذي يأتي في وقت مبكر من بدء رئاسته، يوضح مدى الأهمية التي يوليها الرئيس الأمريكي لهذه العلاقة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. ويعتبر آبي أول قائد لدولة أجنبية يلتقي ترامب بعدما أصبح رئيسا منتخبا في مانهاتن بعد أيام فقط من انتخابات التاسع من (نوفمبر)، وسيكون ثاني زعيم يزور البيت الأبيض بعد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي زارت ترامب في السابع والعشرين من (يناير)، وقبل أيام من زيارة رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو المقررة الأسبوع الحالي. ويحاول آبي وترامب أن يقيما مقاربة على صعيد شخصي بعد أن شهدت العلاقات بين الولاياتالمتحدةواليابان توترا إثر رفض ترمب اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ، ورغبة الرئيس الأمريكي في إعادة النظر في الالتزامات الدفاعية القائمة منذ زمن ودراسة البيت الأبيض مشاريع لزيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على الاستيراد، ما سيكون له وقع كبير على المصانع اليابانية، لكن أكد المراقبون أن اقتراج آبي استحداث آلاف الوظائف في الولاياتالمتحدة من خلال مشاريع خطوط قطارات فائقة السرعة، إضافة إلى استثمارات نقدية بمليارات خاصة من شركات يابانية، سيكون مقابلها مطالبة آبي التزام ترامب بالمعاهدات الدفاعية والتجارية الثنائية القائمة. وبدا من تصريحات الجانبين أن هناك رغبة مشتركة على توطيد العلاقة، التي شددت على أن تحالف الولاياتالمتحدةواليابان أساسيا؛ لضمان السلام والاستقرار فى المنطقة، وغيّر ترامب أسلوبه في التعامل مع طوكيو، حيث قرر أن يتغاضى عن تصريحات سابقة له خلال حملته الانتخابية، اعتزم خلالها أن يجبر اليابان على دفع المزيد مقابل المظلة الأمنية الأمريكية، ليصدر ترامب الجمعة، تصريحات جديدة، يعلن فيها التزامه بتحقيق علاقات أوثق بين البلدين، بقوله: «نحن ملتزمون بأمن اليابان وكل المناطق الواقعة تحت سيطرتها الإدارية وبأن نعزز أكثر تحالفنا الضروري جدا».