فاز رئيس الوزراء الأسبق، محمد عبد الله فرماجو، بمنصب الرئاسة في الصومال، بعد أن حصل على 56% من أصوات النواب في البرلمان الصومالي، وهي 186 صوتًا، وحصل منافسه حسن شيخ محمود، الرئيس المنتهية ولايته، على نسبة 28%، أي 97 صوتًا، وأعلن الأربعاء الماضي رسميًّا فوز فرماجو، وهو الرئيس الصومالي المنتخب رقم تسعة منذ استقلال الصومال، وأدى اليمين القانونية، وتعهد بأن يكون فوزه بدايةً لحقبة جديدة تسودها الوحدة والديمقراطية ومحاربة الفساد. أجواء الانتخابات الرئاسية رغم الأنباء التي تدور حول الانتخابات الرئاسية في الصومال، والتي تقول إنها جرت في جو ديمقراطي ونزيه بشهادة المراقبين الدوليين، الذين حضروا الانتخابات الرئاسية في البلاد، بالإضافة لتنازل الرئيس السابق، حسن شيخ محمود، عن خوض الجولة الثالثة، الأمر الذي أفضى لفوز فرماجو رئيسًا من الجولة الثانية، إلَّا أن بعض المنظمات الحقوقية انتقدت العملية الانتخابية في الصومال، والتي جاءت بعد أربع سنوات من التأجيل، حيث انتقد الرئيس التنفيذي للمؤسسة الصومالية لمكافحة الفساد، محمد مبارك، نواب البرلمان الصومالي الذين انتخبوا الرئيس، قائلًا: «انتخابات مجلس النواب كانت الأكثر فسادًا في التاريخ، فقد كانت غير شرعية، فلقد كان الفساد منتشرًا وممنهجًا وشائعًا، وكان مقبولًا وأمرًا لا يتم إخفاؤه، بالإضافة إلى أنه كان هناك ترهيب وعنف، النواب لا يمكن أن يدعوا أن لديهم شرعية، لهذا نحن نظن الآن بأن الانتخابات الرئاسية جرى فيها فساد؛ لأن الكثيرين منهم يريدون إعادة الأموال التي أنفقوها خلال الانتخابات الرئاسية». فرماجو ولد فرماجو بالعاصمة مقديشو عام 1962، وتلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مقديشو، وعين سكرتيرًا أول لسفير الصومال لدى الولاياتالمتحدة عام 1985. ومنذ ذلك الحين عاش فرماجو في الولاياتالمتحدة، وحصل على جنسيتها، وتخرج في كلية التاريخ بجامعة بافالو في نيويورك، وفي 14 أكتوبر عام 2010، عينه الرئيس الصومالي السابق شريف شيخ أحمد رئيسًا للوزراء، لكنه أجبر على الاستقالة من منصبه في 19 يونيو عام 2011؛ تنفيذًا لاتفاقية «كمبالا» التي أنهت الخلاف بين الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف، ورئيس البرلمان السابق شريف حسن. البرنامج الانتخابي يدرك الرئيس الصومالي الجديد أن مهمة معقدة تنتظره في منصبه الجديد، حيث قال: «منصب رئيس الصومال ليس سهلًا، وهناك مهمة شاقة أمامي، أنا أعلم ذلك، لكنني سأعمل بجد للتأكد من تحقيق أحلامكم». وطرح فرماجو برنامجًا انتخابيًّا، يراه البعض بأنه شامل يتضمن محاور مهمة، تمس حياة المواطن العادي، وتعالج قضايا تشغل باله، مثل الأمن ووحدة البلاد، وتماسك المجتمع الصومالي. البرنامج الانتخابي للرئيس الصومالي الجديد يتمثل في محاربة الإرهاب، وإعادة تنظيم الجيش الصومالي كجيش وطني؛ في محاولة للاستغناء عن تواجد القوات الإفريقية، خاصة قوات دول الجوار. تنظيم الجيش الوطني الصومالي من المفترض أن يتم بعيدًا عن الأسس العشائرية والقبلية، فالحوادث التي تشهدها العاصمة الصومالية مقديشو مؤخرًا وغيرها من المدن الصومالية كلها دليل على أن هناك حاجة ماسة لتكوين الجيش الصومالي؛ ليحل محل القوات الإفريقية التي فشلت فيما يبدو في القضاء على حركة الشباب الصومالية. وكانت بعثات عسكرية أجنبية متواجدة في الصومال قد اشتكت في وقت سابق من ضعف التنسيق بين قواتها والقوات المحلية الصومالية، الأمر الذي يرجح أن يقدم الرئيس الصومالي تطورًا جديدًا، فعندما كان فرماجو رئيسًا سابقًا للوزراء في الحكومة الفيدرالية، وكانت فترة قليلة، لم تتجاوز عامًا، إلا أنها عرفت ب«فترة فرماجو»، وبالنظر إلى ما شهدته البلاد في ذلك الحين من إنجازات على الصعيدين الأمني والسياسي، حيث قام بخطوات لإعادة تشكيل الجيش، الذي نجح في استعادة بعض المناطق من العاصمة الصومالية سابقًا، نجد أن إعادة انتخابه كرئيس للجمهورية تعتمد على أساس أنه قادر على أن يأتي بخطة واضحة لبرامج عسكرية متكاملة للتنسيق بين القوات الأجنبية والصومالية، مع حرصه على تكوين الجيش الصومالي وبناء قدراته العسكرية؛ حتى يكون قادرًا على الاكتفاء الذاتي والاستغناء عن القوات الأجنبية، وهو الأمر الذي لن يكون سهلًا في ظل عوائق أخرى، مثل حظر ترويد الأسلحة المفروض على الصومال من قِبَل مجلس الأمن. وبالنسبة للبرنامج السياسي لفرماجو فإن أمامه مهمة صعبة أيضًا، تتمحور حول محاربة الفساد المستشرى في الدوائر الحكومية، وفيما يخص البرنامج الاقتصادي فهو مرتبط بالملف الأمني، فالاستثمارات الأجنبية لن تأتي إلى الصومال بسبب سوء الوضع الأمني الحالي، وفي حال ضبطه، فإن ذلك سيمهد الطريق أمام المستثمرين. عقبات أمام الرئيس الجديد من إحدى العقبات التي تواجه الرئيس الجديد على الصعيد الداخلي انتماؤه القبلي، حيث ينتمي فرماجو إلى قبيلة غير مدرجة في قائمة القبائل المرشحة لتولي منصب الرئيس؛ نظرًا للعرف السياسي السائد في الصومال ما بعد الحرب الأهلية، كما أن علاقته مع الإدارات الإقليمية ك«بونت لاند، جوبا لاند، غلمد، هرشبيلي، جنوب غرب الصومال» ليست قوية، لكنه في المقابل يحظى بقبول واسع لدى الشعب الصومالي، وخصوصًا من الفئات المهمشة والمتطلعة إلى تحسين الوضع المعيشي في البلاد، بالإضافة لعلاقته القوية مع الزعماء التقليديين في الصومال، وهو الأمر الذي قد يقلل من حجم العقبات أمامه. كما أن علاقة فرماجو متوترة مع المجتمع الدولي، حيث يصنف فرماجو من القيادات ذات المواقف المتشددة، حيال دور المجتمع الدولي في المشهد السياسي في البلاد، وخصوصًا دول التماس إثيوبيا وكينيا، ولا يتمتع بعلاقات قوية مع الدول الأخرى المعنية بالشأن الصومالي، سواء كانت دولية أو إقليمية.