«ارتياح يشوبه الحذر».. إطار عام يسود أجواء دول أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، بعدما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتفق مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، خلال مكالمة هاتفية جرت الأحد الماضي، على المشاركة في اجتماع مع قادة بقية الدول الأعضاء في الحلف في أواخر مايو المقبل. وقالت الرئاسة الأمريكية في بيان، إن ترامب أعرب خلال الاتصال عن دعمه القوي للحلف الأطلسي، لكنه دعا الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف إلى بذل المزيد من الجهود، لاسيما أن الاجتماع يأتي بعد مخاوف من انهيار "الناتو" جراء انسحاب الولاياتالمتحدة منه، بحسب تصريحات ترامب أثناء حملته الانتخابية. وأضاف بيان البيت الأبيض أن الجانبين اتفقا على مواصلة التنسيق والتعاون الوثيقين للتصدي لكل التحديات الأمنية التي تواجه حلف شمال الأطلسي، وأشار إلى أن ترامب وستولتنبرغ ناقشا كيفية تشجيع كل الحلفاء في الحلف على تنفيذ التزاماتهم في الإنفاق الدفاعي، وتطرقا إلى إمكانية التوصل إلى حل سلمي للنزاع الدائر على الحدود الأوكرانية. وتعتبر المشاركة الأمريكية في اجتماع الحلف رسالة طمأنة بدرجة كبيرة لبعض الدول الأوروبية، وفي مقدمتهم ألمانيا وفرنسا، بعدما تصاعد قلقهما خلال الفترة الأخيرة بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي الذي طالما انتقد الحلف الأطلسي خلال حملته الانتخابية وعقب فوزه في الانتخابات، حيث سبق ووصف "الناتو" ب"من مخلفات الماضي وقد عفا عليه الزمن". وأوضح ترامب عقب انتخابه أن "الناتو" لم يعمل على حل قضية الإرهاب، قائلا: "تحدثت سابقًا عن وجود مشكلات لدى حلف الناتو، والمشكلة رقم واحد، تكمن في أن الحلف منظمة عفى عليها الزمن، فقد أسست قبل زمن طويل، ولم تهتم بالإرهاب، والمشكلة رقم اثنين، تتمثل في أن الدول الأعضاء في الناتو لا تنفق ما يجب عليها أن تنفقه"، فيما تعهد خلال حملته الانتخابية بإعادة النظر في التزامات الولاياتالمتحدة في إطار حلف شمال الأطلسي، إذا لم تزد الدول الأعضاء الأخرى نفقاتها الدفاعية إلى 2% من الناتج الداخلي، كما كان الحال فيما سبق. مخاوف أعضاء "الناتو" ال28، عززتها سياسة ترامب الخارجية تجاه العديد من القضايا، على رأسها الأزمة السورية، بعدما أكد على ضرورة تركيز جهوده حول مكافحة الجماعات المسلحة بدلًا من محاولات إسقاط النظام السوري بقيادة، بشار الأسد، وهو الموقف الذي ترفضه الدول الأوروبية وسعت طوال الست سنوات من عمر الأزمة السورية إلى إسقاط نظام الأسد، إلى جانب علاقته الودية مع روسيا وتقارب الطرفين فيما يخص مواقفهما من معظم أزمات المنطقة، الأمر الذي رأت فيه الدول الأوروبية عامة وحلف الأطلسي على وجه التحديد تهديدًا لأمنهم القومي، حيث يعتبرون موسكو قوة عظمى ذات نفوذ متصاعد تثير قلق دول القارة العجوز من تحركاتها الدولية، خاصة في أوكرانيا وشبة جزيرة القرم، كما أن "الناتو" تم إنشاؤه منذ البداية لمواجهة النفوذ السوفيتي، الذي يتمثل اليوم بالنسبة للدول الأوروبية في روسيا، فمع تقارب أمريكا مع روسيا باتت مهمة الحلف غير واقعية. الحلف الأطلسي يحتاج بدرجة كبيرة إلى تواجد الولاياتالمتحدة من بين أعضائه، حيث تساهم واشنطن في الحلف بمبالغ كبيرة، إضافة إلى أربعة آلاف من جنود الجيش الأمريكي يشاركون تحت راية "الناتو" في بولندا ودول البلطيق، الأمر الذي دفع رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إلى وضع علاقات الحلف مع أمريكا على رأس أولويات زيارتها إلى واشنطن واجتماعها مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد أسبوع من تنصيبه. وبعد المشاورات الأمريكية البريطانية، خرجت ماي مطمئنة حلفاءها في "الناتو"، حيث أكدت أن ترامب يقف خلف الحلف بنسبة 100%، وأشارت إلى اتفاق الطرفين على العمل سويًا لتعميق الصلات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين، وتعزيز الشراكة التجارية وتنسيق موقف البلدين فى مجال السياسة الخارجية.