شد وجذب لا ينتهي بين روسيا وحلف شمال الأطلسي بشكل عام، وأوكرانيا بشكل خاص، حيث تتجدد الاشتباكات بين القوات الانفصالية التابعة لروسيا والقوات الأوكرانية في مقاطعات شرق أوكرانيا، وبين هذه الاشتباكات تأتي رسائل سياسية تتمثل في تدريبات عسكرية تارة وتصريحات لاذعة أو لينة تارة أخرى. انطلقت اليوم الأربعاء، تدريبات "الدرع البحري 2017" العسكرية البحرية المشتركة بين حلف الناتو وأوكرانيا في مياه البحر الأسود، وستشارك في التدريبات التي ستستغرق 10 أيام، 7 دول أعضاء في الحلف، هي رومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا والولايات المتحدة وكندا وإسبانيا إضافة إلى أوكرانيا، ومن المقرر أن ينفذ عسكريو الدول المشاركة فيها إجراءات نمطية للناتو للتصدي لتهديدات مفترضة تنطلق من الجو ومن تحت الماء وفوقه. تتزامن هذه التدريبات العسكرية مع تجدد الاشتباكات في مدن أفدييفكا وياسينوفاتايا ودونيتسك، شرق أوكرانيا، التى أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا، حيث كان المتحدث باسم قوات الانفصاليين الموالين لروسيا، قد أعلن الاثنين الماضي، التصدي لمحاولة جديدة من الجيش الأوكراني للتقدم بمقاطعة دونيتسك، مشيرًا إلى أن قصف القوات الأوكرانية قتل مدنيًا وأصاب 3 آخرين في بلدة ماكييفكا جنوبي أفدييفكا، فيما أعلنت وزارة الدفاع في جمهورية دونيتسك الشعبية، المعلنة من طرف واحد، أن القوات الأوكرانية قامت بمحاولتي اختراق لمواقع قوات الدفاع الشعبى في جنوب "دونباس"، الأمر الذى أدى إلى مقتل أكثر من 27 جنديًا أوكرانيًا. من جانبها، اتهمت موسكو السلطات الأوكرانية بتنفيذ انتهاكات مستمرة لاتفاقات مينسك حول السلام في شرق أوكرانيا، مطالبة كييف بالوقف الفوري لاستفزازاتها العسكرية بمنطقة دونباس، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أمس الثلاثاء: شهدت الأوضاع في منطقة دونباس، خلال الأيام الماضية، تصعيدًا حادًا للتوتر، حيث تستمر وحدات القوات الأوكرانية بشن عمليات هجومية ترمي إلى السيطرة على مواقع قوات الدفاع الشعبي، بما في ذلك في ريف دونيتسك، واستهداف أحياء سكنية في المدن والبلدات المحلية، باستخدام نشيط لأنواع الأسلحة الثقيلة، ومن بينها المدفعية من عيار ثقيل وراجمات الصواريخ، التي تنص مجموعة الإجراءات الخاصة بتطبيق اتفاقات مينسك والمؤرخة في 12 فبراير من العام 2015، على سحبها منذ زمن طويل من خط التماس بين الجانبين. في الوقت نفسه، فإن هذه التدريبات العسكرية تعتبر الأولى من نوعها منذ بداية هذا العام، كما أنها الأولى منذ أن اتجهت تركيا إلى التحالف مع روسيا في الشأن السوري، وهو ما أثار قلق العديد من دول الحلف الأطلسي، حيث اتجهت أنقرة إلى التقارب مع روسيا بعد أن تصاعدت أزمتها مع دول القارة الأوروبية بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حيث وجدت تركيا في تقاربها مع روسيا ليا لذراع الحلف الأطلسي الذي يعتبر موسكو عدوه اللدود، كما أنه يحتفظ بموقف مُعادٍ للنظام السوري برئاسة، بشار الأسد. من ناحية أخرى، يرى عدد من المراقبين أن حلف شمال الأطلسي لا يريد فتح جبهات جديدة عليه في الوقت الحالي، خاصة مع تصاعد أزمته مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة، دونالد ترامب، وهو ما ظهر في المواقف الأخيرة التي أطلقها الناتو بشأن علاقته مع موسكو، حيث أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبيرغ، أمس الثلاثاء، أن الحلف لا يسعى إلى المواجهة مع روسيا وإشعال حرب باردة جديدة معها، وقال ستولتنبيرغ: إن الناتو لا يتحرك صوب المواجهة مع روسيا ولا يرغب في اندلاع حرب باردة جديدة معها، إننا نتمسك بموقف مناسب وصريح تجاه روسيا، ونوه الأمين العام للحلف بأن "خطوات الناتو تحمل طابعًا دفاعيًا"، مؤكدًا أنها في الوقت ذاته ترسل إشارة واضحة إلى وحدة الحلف واستعداد كل أعضائه للدفاع عن بعضها البعض، مشيرًا إلى أن الحلف اتفق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على ضرورة التحاور مع روسيا انطلاقًا من موقع قوة. على الرغم من هذه التصريحات التي تبدو لينة ولا تدعو لنشوب أزمة بين الطرفين إلا أن الحلف الأطلسي لا يترك مناسبة إلا ويستغلها في نشر المزيد من المعدات العسكرية بالقرب من الحدود الروسية، ففي يوليو الماضي اتخذ الحلف أثناء قمته بالعاصمة البولندية وارسو، قرارًا يقضي بتعزيز الأمن في الجناح الشرقي للحلف أمام الخطر الذي تشكله روسيا، وتنفيذًا للقرار سارع الحلف إلى نشر قواته في العديد من الدول الأعضاء فيه، ومنهم ليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وبولندا.