اتفق أعضاء لجنة الحوار الوطني الليبي، التي انعقدت في مدينة الحمامات التونسية، والتي بدأت أعمالها يوم الأحد الماضي وانتهت أمس الثلاثاء، على 6 مقترحات بالتعديل في الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات 17 ديسمبر من العام 2015. التعديلات على اتفاقية الصخيرات في 17 ديسمبر 2016 انتهت المدة القانونية المحددة للعمل بحكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق الصخيرات الموقع بين أطراف الأزمة الليبية العام الماضي في المغرب، وينص الاتفاق على أن تتولى حكومة الوفاق الوطني الإشراف على أمور البلاد لفترة سنة كاملة، على أن يتم التحضير خلالها لمرحلة انتقالية. وبعد انتهاء المدة الزمنية للاتفاقية احتدم الجدل في ليبيا حول الخيارات المطروحة أمام الأطراف السياسية التي يتمسك بعضها بالصيغة الحالية للاتفاق الذي رعته الأممالمتحدة وحظي بدعم دولي واسع، فيما يطالب آخرون بإدخال تعديلات على الاتفاق كي يتلاءم مع الوضع القائم، ويبدو أن المسارات السياسية الليبية تسير في اتجاه تعديل الاتفاقية، فبالأمس تم تقديم 6 مقترحات لتعديل الاتفاقية من قبل لجنة الحوار الوطني الليبي في تونس جاءت على النحو التالي: أولًا: إعادة تشكيل المجلس الرئاسي على أن يكون من 3 أعضاء يتولون الاختصاصات المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، وتتخذ القرارات بينهم بالتوافق. ثانيًا: اختيار رئيس لحكومة الوفاق الوطني من غير أعضاء المجلس الرئاسي، يتولى الاختصاصات التنفيذية مع وزرائه. ثالثًا: تولي رئيس حكومة الوفاق الوطني منصب القائد الأعلى للجيش الليبي ويمارس مهامه مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وعضو من المجلس الرئاسي يسميه المجلس الرئاسي، على أن يتم اتخاذ القرارات بينهم بالتوافق. رابعًا: تطبيق الآلية المنصوص عليها في قانون انتخاب المجلس بعد التزام مجلس النواب بتعليق المادتين 16 و17 من الاتفاق السياسي، مع توسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة وفق انتخابات 7-7-2012، ومراعاة التمثيل العادل لكل الدوائر الانتخابية. خامسًا: ضرورة تفعيل المادة 52 من الاتفاق السياسي بشأن انتهاء مدة عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، على أن يتم ذلك خلال شهر من التوقيع على هذه التعديلات. سادسًا: تعديل الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة الوفاق قبل التوقيع على هذه التعديلات من أطراف الحوار السياسي، ضمانا لنفاذ ما تم التوافق عليه في هذه التعديلات حزمة واحدة. عقبات ما بعد التعديل بدأت ردود الأفعال على التعديلات الجديدة تتوالى بين مؤيد ومعارض لها، حيث قال الشريف الوافي، عضو لجنة الحوار، إن اللجنة تسير في الاتجاه الصحيح وهناك تفاهم كامل أن المجلس الرئاسي لم يقم بدوره، في حين اعتبر عضو مجلس النواب، زياد دغيم، أن اجتماع بعض الأطراف السياسية الليبية في مدينة الحمامات بتونس، لا قيمة له سياسيا ولا أثر قانونيا يقدمه لحل الأزمة السياسية في ليبيا. وقال دغيم، إن المجتمعين لا صفة قانونية لهم ولاسيما بغياب بعثة الأمم والطرفين الرئيسيين، كما أن المخرجات مرفوضة، فلم تلغ المادة الثامنة ولم ترجع صفة القائد الأعلى لرئيس البرلمان، في إشارة إلى اجتماعات الأطراف الليبية في القاهرة، حيث توصل المجتمعون إلى مقترحات محددة لتجاوز أزمة الاتفاق السياسي، والوصول به إلى الاتفاق الوطني، وذلك عبر تعديل لجنة الحوار بشكل يراعي التوازن الوطني وإعادة النظر في الفقرة المتعلقة بتولي مهمات القائد الأعلى للجيش، وهي نقطة هامة شكلت عقبة خلال توقيع اتفاق الصخيرات، الذي كان يتضمن استبعاد المشير خليفة حفتر، من قيادة الجيش، إضافة إلى معالجة المادة الثامنة من الأحكام الإضافية من الاتفاق السياسي، بما يحفظ استمرار المؤسسة العسكرية واستقلاليتها وإبعادها عن التجاذبات السياسية، وكذلك إعادة النظر في تركيبة مجلس الدولة، ليضم أعضاء المؤتمر الوطني العام، المنتخبين في 2012، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي وآلية اتخاذ القرار لتدارك ما ترتب على التوسعة من إشكاليات وتعطيل. ويبدو أن العقبة الرئيسية ستكون في وضعية المشير خليفة حفتر، فمراقبون ليبيون يقولون إن نجاح تعديلات اتفاقية الصخيرات من عدمه سيتمثل في ترتيب وضعية حفتر، فالبرلمان الليبي لا يستطيع تجاوزه في التعديلات الجديدة، وفي ظل الحديث عن لقاء مرتقب يجمع المشير الليبي وفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، برعاية مصرية روسية، فإن جميع التكهنات تبقى معلقة، خاصة أن هناك ترتيبات معنية من قبل حكومة الوفاق للجيش الليبي، حيث اعتبر وزير الخارجية الليبي محمد الطاهر، أن «القضية الجوهرية هي أن تبقى القيادة العسكرية تعمل تحت القيادة السياسية، وإذا وصلنا لهذا الحل سيكون بيت القصيد، ونحن لا نتحدث عن شخصيات وإنما عن وضع المؤسسة العسكرية، والتي يجب أن تكون مؤسسة وطنية تعمل وفق الرؤية السياسية وقيادتها. وفي النهاية أرى أن أي صيغة يتوافق عليها الليبيون تخدم الهدف، والمهم هو استقرار الوطن»، وقال الطاهر إن حفتر هو قائد عام للجيش تم تعيينه من مجلس النواب الذي اختاره الشعب، ولكن بقيت نقطة أخيرة، وهي أنه لا بد أن يقبل العمل تحت القيادة السياسية، وهذا نظام معمول به في العالم كله ولا توجد قيادة عسكرية تعمل بمعزل عن القيادة السياسية. وبالنسبة لعقبات التعديل، يرى محللون أن الكيل بمكيالين كان وراء اقتراح مجلس رئاسي ثلاثي ورئيس حكومة منفرد بقراره، وكشف الشريف الوافي، أن هناك اتجاهًا كبيرًا داخل اجتماع لجنة الحوار لأن يكون رئيس المجلس الرئاسي هو رئيس الدولة، الذي يكلف رئيس حكومة الوفاق، ومن العقبات أيضًا أن المجتمعين لم يتطرقوا للترتيبات الأمنية ومقر الحكومة مع استمرار اختطاف العاصمة من المليشيات المسلحة، إضافة إلى عدم معالجة نقاط الخلاف الأخرى. الجدير بالذكر أن اجتماعات القاهرة جاءت على خلفية لقاءات مهمة شهدتها العاصمة المصرية خلال الفترات الماضية؛ حيث استقبلت رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وكذلك رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، والمشير خليفة حفتر، والمبعوث الأممي كوبلر، غير أن القاهرة لم تنجح في ترتيب لقاءات مباشرة بين أطراف الأزمة الليبية.