تعد آراء الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تجاه إفريقيا حتى الآن غامضة، ولكن سلسة من الأسئلة من فريق ترامب الانتقالي الموجهة إلى وزارة الخارجية تثير الشكوك حول مجمل قيمة المساعدات الخارجية، بالإضافة إلى المصالح الأمنية الأمريكية، في ثاني أكبر قارات العالم. قائمة من أربع صفحات حول الأسئلة المتعلقة بإفريقيا من الموظفين الانتقاليين حول دور وزارتي الخارجية والدفاع في إفريقيا، مما يثير الشك عند خبراء القارة السمراء، والذين يقولون إن نغمة هذه الأسئلة تشير إلى أن أمريكا تعيد طريقة تعاملها الخاصة بأهداف التطوير والإنسانية، في نفس الوقت الذي تحاول فيه الدفع بفرص الأعمال في أنحاء القارة. من بين الأسئلة التي تم طرحها: كيف تنافس الولاياتالمتحدة الدول الأخرى في إفريقيا؟ وهل يخسر الأمريكيون مكانتهم ليأخذها الصينيون؟ ومن ثم تبعت هذه الأسئلة الاستفسارات الإنسانية والمساعدات المالية، والتي جاءت على النحو التالي: "مع الكثير من الفساد في إفريقيا، كم من تمويل لنا تمت سرقته؟ ولماذا علينا إنفاق هذه الأموال على إفريقيا في الوقت الذي تعاني في الولاياتالمتحدة؟". بعض هذه الأسئلة يجب أن تسألها الإدارة الجديدة؛ لتسعى إلى السيطرة على أسباب وكيفية المساعدات الخارجية الأمريكية، بالإضافة إلى سياسات الأمن القومي، ولكن من الصعب معرفة اللهجة الحاسمة للأسئلة، والتي تشير إلى التغييرات الكبيرة في السياسة، والتي يجب أن تكون متوقعة. من ناحية الإرهاب، تسأل الوثيقة: لماذا لا تكلف الولاياتالمتحدة نفسها لمحاربة منظمة بوكوحرام الإرهابية في نيجيريا؟ ولماذا لم يتم إنقاذ الطالبات المختطفات من قبل المجموعة؟ وهل هناك عناصر من القاعدة في إفريقيا يعيشون بالولاياتالمتحدة؛ مما يشكك في فاعلية الجهود الكبيرة لمكافحة الإرهاب في القارة؟ هناك بعض الأسئلة الخاصة بقتال حركة الشباب على مدى عشر سنوات، ولماذا لم يربح الأمريكيون هذه الحرب، في إشارة إلى الجماعة الإرهابية التي تتخذ الصومال مقرًّا لها، والتي كانت خلف هجمات وستجيت مول، في كينيا عام 2013. وعلى الرغم من أن الوثيقة تقدم نظرة أولى عن الطريقة التي قد يكون عليها النهج السياسي للإدارة الجديدة تجاه إفريقيا، وهو الأمر الذي نادرًا ما تم تداوله خلال الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، إلا أن المسؤولين في فريق ترامب لم يجيبوا عن الأسئلة بشكل واضح. وفي هذا السياق قالت موند موانجوا، مدير برنامج إفريقيا في معهد ودرو ويلسون: "العديد من الأسئلة التي يسألونها هي الأسئلة الصحيحة التي على أي إدارة طرحها"، ولكنها أضافت: " تأطير بعض أسئلتهم يشير إلى وجود تعريف أضيق لمصالح الولاياتالمتحدة في إفريقيا، واتباع نهج قصير للسياسة والارتباطات مع الدول الإفريقية". وتشير موانجوا إلى أن الأسئلة قد تكون علامة دراماتيكية على تحول سياسة الولاياتالمتحدة وارتباطها مع القارة. ومن جانبه قال بيتر فام، والذي تم ترشيحه للعمل كمساعد لوزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية في إدارة ترامب، وأيضًا مدير برنامج إفريقيا في المجلس الأطلسي: "لا أعتقد أن ترامب سيقوم بأخذ منعطف كامل في العلاقات مع إفريقيا"، ويضيف: "أتوقع أن ترامب سيؤكد على محاربة التطرف في القارة، في حين سينظر إلى تعزيز الفرص الخاصة بالأعمال التجارية الأمريكية". وفي بعض الأسئلة الأخرى يتحدى فريق ترامب الانتقالي الفوائد الخاصة باتفاقيات التجارة والمعروفة باسم "النمو الإفريقي وقانون الفرص" (أغوا)، فحيث إن "معظم هذه الواردات منتجات نفطية، وعائدتها تذهب إلى شركات النفط الوطنية، لماذا ندعم كل هذه الفوائد الكبيرة وهي تذهب إلى أنظمة فاسدة". يتوقع فام أن إدارة ترامب قد تدعم اتفاق أغوا، لأنها خلقت بالفعل أكثر من 120 ألف وظيفة في الولاياتالمتحدة. وحتى الآن، يبقى الأمر غير معروف حول طريقة تعامل السياسة الخارجية وإدارة ترامب مع ال54 دولة إفريقية. ويشير سيفان موريسون، مدير المركز الصحي العالمي لدى مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، إلى أن الأسئلة التي تم طرحها سلبية إلى درجة كبيرة، وبالتالي هناك سلوك غريب يمر عبرها، مضيفًا أنها تثير الشك المتكرر تجاه المصالح الأمريكية، كما أنها برمتها ذات توجيه سلبي. ولكن الأسئلة بالفعل تعكس وبدقة ما قاله ترامب عن القارة السوداء خلال المرات القليلة التي ذكرها فيها. على سبيل المثال، وخلال أزمة مرض الإيبولا في عام 2014، قال ترامب في تغريدة على تويتر، إنه يجب عدم السماح للأمريكيين المصابين بالمرض بالعودة إلى الولاياتالمتحدة، وذلك حين أصيب اثنان من عمال الصحة في إفريقيا بالمرض، وتم نقلهما بالطائرة للعلاج في أتلانتا، وذكر نصًّا "أوقفوا دخول مرضى الإيبولا للولايات المتحدة. عالجوهم هناك على أعلى المستويات. الولاياتالمتحدة لديها ما يكفي من المشاكل". إلا أن وباء الإيبولا، الذي يقتل نحو 10 آلاف شخص في غينيا وسيراليون وليبريا، تم ذكره في الوثيقة مرة واحدة فقط، على النحو التالي: "هل يمكننا منع الإيبولا القادم من ضرب الولاياتالمتحدة؟". نيويورك تايمز