السيسي: حملات تفتيش على المنشآت لمتابعة الحماية القانونية للعمال    «القومي للأمومة» يطلق برلمان الطفل المصري لتعليم النشئ تولي القيادة والمسؤولية    مصير مقعد رئيس لجنة القوى العاملة بالشيوخ بعد وفاته    البدري: الرئيس السيسي حريص على حقوق العمال والعمالة غير المنتظمة أولوية    الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر بمبادرة سيارات المصريين بالخارج    السيسي يعزي رئيس دولة الإمارات في وفاة الشيخ طحنون    وزراة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قوات الجيش على بيرديتشي شرقي أوكرانيا    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    ميقاتي: طالبنا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على لبنان    «الشيوخ» ينعي رئيس لجنة الطاقة والقوى العاملة بالمجلس    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    الزمالك يواجه بروكسي في دور ال32 لكأس مصر    الأهلي يواجه الألومنيوم.. والزمالك أمام بروكسي في دور ال32 بكأس مصر    العين يتحدى الوحدة .. موعد نهائي كأس رابطة المحترفين الإماراتية    نجم الأهلي السابق: إمام عاشور أفضل لاعب في مصر    انهيار الأسقف الخشبية لمسجد الظهران بالسعودية| فيديو    ضبط المتهمين بقيادة دراجتين ناريتين بطريقة استعراضية بالقاهرة    الأرصاد: الأجواء مستقرة ودرجة الحرارة على القاهرة الآن 24    الداخلية تطارد المتلاعبين بأسعار الخبز    حداد رشيد حول منزله إلى ورشة تصنيع أسلحة نارية    ضبط أحد الأشخاص تخصص في الاحتيال على عملاء البنوك    بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد.. إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة الأربعاء (أرقام)    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 4.. جد بينو وكراكيري يطاردهما في الفندق المسكون    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    محافظ الجيزة يستجيب لحالة مريضة تحتاج لإجراء عملية سريعة    صدام جديد.. أنشيلوتي يُجبر نجم ريال مدريد على الرحيل    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    الأمن تكثف جهوده لكشف غموض مق.تل صغيرة بط.عنات نافذة في أسيوط    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الفنانة بسمة تكشف أسباب وكواليس ظهورها دون مكياج في «مسار إجباري»    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    كلمة الرئيس السيسي في احتفالية عيد العمال (بث مباشر)    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    أول تعليق من ميار الببلاوي بعد وفاة عمها    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زين العابدين خيري : جمعة الغضب.. حتى لا ننسى الدم
نشر في البديل يوم 30 - 01 - 2012

في مثل هذا اليوم (28 يناير) السنة اللي فاتت (2011) صحيت متأخر وقلت مش هالحق أصلي الجمعة في الأزهر وأخرج مع المظاهرة من هناك للتحرير.. صليت جنب البيت واستغبيت ونزلت بالعربية قال يعني كده هالحق المظاهرة وأركن العربية في أي حتة في الحسين.. المهم لقيت شارع الأزهر مقفول، ومافيش غير النفق شغال، نزلت النفق وخرجت على أعظم كمين، يادوبك 20 متر في شارع عدلي وكانت قنابل الدخان والخرطوش والمطاطي زي المطر، والشوارع ماتشوفهاش من كتر الطوب المتكسر على الأرض نزلت من العربية وسبتها قريب من المعبد اليهودي واندسيت في أقرب مظاهرة، وعينك ماتشوف إلا النور.
جحافل الأمن المركزي كانت محاصرة وسط البلد كله عشان تمنع دخول ولو نملة ميدان التحرير، حاولنا نوصل عن طريق شارع طلعت حرب ولكن فشلنا بعد ما قنابل الدخان كانت بتنزل فوق دماغنا واتعمينا، ولا نفعني البيبسي ولا الكوفية ولا كل الاحتياطات التونسية من خل وبصل وخلافه.. رجعت جري على شارع عدلي وأنا مش عارف آخد نفسي.. لقيت مظاهرة تانية جاية من ناحية شارع شريف اندسيت فيها تاني، ونفس العلقة بالظبط وبقيت مش شايف أي حاجة، سامع بس صوت رجلين العساكر بتدب على الأرض وصوت القنابل والرصاص ماتعرفش جاي منين.. وناس عمالة تقع حواليك وناس تانية بتشيلها وتجري ولا تعرف رايحين فين.
المظاهرة اتفرقت بعد الهجوم عليها من كذا اتجاه وكان العدد فيها أصلا مايزيدش عن 200 واحد، رجعت أجر ذيول الفشل للعربية ومش عارف وصلتلها إزاي وأنا بكح والدموع نازلة من عيني زي المطر وكأنها مية نار. أفتح القزاز ولا أقفله مش عارف، كده كدا حاسس إني بتخنق.. المهم أصلا دوّرت العربية ومش عارف أروح بيها فين، وفيه ناس في الشارع عمّالة تحدّف عليك خل وبصل ومناديل وتقولك تمشي كدا لأ تمشي كدا.. مالقتش شارع ينفع يتمشي فيه إلا شارع طلعت حرب في الاتجاه العكسي ناحية شارع 26 يوليو.. واتكلت على الله.
أنا شايف في آخر الشارع سواد بس عرفت لما قربت منه إنهم عساكر أمن مركزي، المهم دست على التاني التالت الرابع في شارع طلعت حرب وأنا ماشي عكسي، اتشاهدت وقلت أنا ونصيبي بقى، يا عديت يا ضربوني رصاصتين وخلصنا.. معرفش إيه الله حصل وعديت إزاي وأنا طاير بالعربية.. دخلت على شارع 26 يوليو، ومنه لشارع رمسيس ومنه عكسي في شارع معهد الموسيقى العربية، ونزلت على كشك السجاير اللي هناك أجيب بيبسي وأغرق وشي بيه وعيني.
اتشاهدت مرة تانية لما شفت مبنى الأهرام وطلعت أجري عليه، وفيه ورايا في شارع رمسيس مئات العساكر جايين في اتجاه الأهرام، قلت أكيد مش هايكونوا كلهم بيجروا ورايا عشان مشيت عكسي يعني.. بابص في اتجاه ميدان عبدالمنعم رياض، والله ماشفت إلا دخان إسود وأبيض بكثافة مستحيل تتوصف، الدخان أصلا مش مبيّن أبعد من ميدان الإسعاف بكتير.. وظهر من وسط الدخان عساكر تانيين عمالين يدبوا في الأرض، وبرضوا جايين في اتجاه الأهرام.. قلت مش ممكن يعني يحركوا كل القوات دي عشان يقبضوا عليا، واتأكدت إن اللي مقصود حد تاني خالص.
جريت في اتجاه مبنى الأهرام الجديد في شارع الجلاء، وبدأت أشوف ناس أعرفهم من الأمن وزمايلنا، وشفت جسين بهجت زميلنا وقتها في الأهرام المسائي جاي من ناحية عبدالمنعم رياض وحالته ماتفرقش كتير عن حالتي، عينه عمالة تنزل دموع ومش قادر يمشي، ومعاه كمامة قالي إن فيه شاب راكب عربية كان بيوزعهم على كوبري أكتوبر.. المهم رجعنا للكشك واشترينا كانزات سفن وحاجات تانية غير البيبسي اللي خلص علشان نوزعهم قدام الأهرام، وقالي تعالى ندخل العربية الجراج عشان العساكر اللي جايين ناحيتنا.. ركبنا وجرينا بالعربية عكسي في شارع الجلاء، ولفينا من ورا الأهرام ودخلنا الجراج بالعافية.
خرجنا قدام الأهرام وظهر زمايل تانيين كتير من الأهرام المسائي وبوابة الأهرام زي هشام يونس وأشرف عمران وعادل عباس وغيرهم، وثواني وعرفت العساكر دول جايين ليه، كان فيه مئات أو آلاف من المتظاهرين جايين في شارع الجلاء في اتجاه عبدالمنعم رياض، وأول ماوصلوا قدام الأهرام بدأوا يشتموا فيه وفي أسامة سرايا وفي كل اللي بيشتغلوا فيه، وقفنا على سلم المبنى الجديد نهتف معاهم بسقوط مبارك والنظام، وفي نفس الوقت نحاول نحمي المبنى بدل مايقتحموه.. والحمدلله العاقلين وسطهم كانوا كتير واكتفوا بالشتيمة وبس.
في ثواني لقيت الشباب في المظاهرة بيجرّوا الحواجز الحديد من قدام المؤسسة وبيقطعوا بيها شارع الجلاء تماما.. عشرات الحواجز قفلت الشارع عشان تمنع وصول أي مدرعات أو عربيات للشرطة.. وفي ثواني برضه كانت جحافل الأمن المركزي في شارع المعهد بيضربوا في اتجاه المتظاهرين والأهرام أكبر كمية قنابل غاز وخرطوش ممكن تشوفها في حياتك (شفتها بعد كدا في أحداث محمد محمود)، والقنابل عمالة تنزل كمان زي الرز من فوق كوبري أكتوبر.. والحياة بقى لونها أبيض.
جرينا جوة المبنى وقفلنا الباب والقزاز بتاعه بيترجّ من الخرطوش والقنابل اللي بتترمي ناحيتنا، وبدأ المصابين من المتظاهرين يقعوا قدام المبنى بالعشرات، بقينا نخرج كل شوية نشيل المصابين وندخلهم ونحاول نعملهم إسعافات أولية، ومنهم ناس الخرطوش كان مغرق جسمهم بالكامل، وإحنا كل الإسعافات اللي معانا هي الخل والبصل والمناديل والمية، وطبعا مش هاقدر أوصفلكم كم الدم في اليوم ده.. المصابين فعلا كتير جدا، وإحنا وسطهم اللي وشه بيجيب دم زي هشام يونس، واللي قنبلة دخان نزلت على ركبته زي حالاتي.
فضل الحال على كده كتير جدا، العساكر يرجعوا لورا عشان يجددوا الذخيرة، والمتظاهرين يجروا وراهم بالطوب، وبعدين العساكر يرجعوا تاني يضربوا بكثافة فيجري المتظاهرين ويستخبوا مابين المبنيين بتوع الأهرام، وهكذا كر وفر، وإحنا بنحاول نستغل أي فرصة عشان ندخّل المصابين وبعدين اللي يتعالج منهم نخرجه من باب المبنى الخلفي، واللي حالته صعبة جدا كنا بنوديه على العيادة بتاعة الأهرام.. والله عدد كبير من المتظاهرين كان بيصر يروح يكمل المعركة تاني رغم الإصابات والدم اللي مغرق وشهم وجسمهم.. لكن قالوا طول مافيه نفس لازم يوصلوا التحرير.
بصراحة أنا اتفاجئت بروح زمايلنا في الأمن وزمايلنا من الصحفيين في الأهرام اللي كانوا بيسعفوا المصابين من ناحية ومن ناحية تانية بيحموا المؤسسة.. صحيح منهم ناس كانت رافضة نفتح الباب أصلا لدخول أي حد من المصابين أو المتظاهرين، لكنهم كانوا قليلين جدا، والأغلبية فتحت باب المبنى بالعافية للمتظاهرين، وزمايلنا في الريسبشن طلّعوا التليفونات الأرضية للناس عشان يطمنوا أهلهم.. عشان طبعا زي ما كلنا فاكرين شبكات الموبايل كانت متعطلة كلها في اليوم ده.
حلم الوصول لميدان التحرير اتبخّر عندي في الوقت ده، وسط الكم الرهيب دا من الرصاص والغاز والدخان، ومش قادر أنسى منظر واحد من ظباط الأمن المركزي وهو عمّال ياخد البنادق من العساكر يعمّرها ويحدفهالهم تاني عشان يتفرغوا للضرب بس، ولا منظر المتظاهرين وهمه مصرّين يعدّوا من الشارع، خصوصا وإنهم جايين من أماكن بعيدة جدا زي ماحكولنا.. اللي من عين شمس واللي من حدايق القبة واللي من شبرا، وكل هدفهم يوصلوا التحرير مهما كان التمن اللي هايدفعوه.
أنا بقى كنت عايز أطمّن أمي ومراتي في البيت أنا كمان وأعرفهم إن أنا لسه عايش، كلّمتهم من تليفون المؤسسة وعملت عبيط ولا كأن فيه حاجة بتحصل برة، وحاولت أوصل لحاتم حافظ جوز أختي اللي المفروض كنا نتقابل في آخر اليوم في الأهرام المسائي، وطبعا الباشا كان جاي مع مظاهرة مصطفى محمود ولا عرفت عنه أي حاجة، وبعدين عرفت إنه كان مع المجموعة اللي استحمت واتسحلت على كوبري قصر النيل.
ووسط الدم اللي كان في كل حتة طلعت للأهرام المسائي أعمل شوية تليفونات، ونزلت تاني بسرعة على الشارع.. وفجأة اختفت جحافل الأمن المركزي ولا كأن كان ليها وجود أصلا.
طلعت تاني بسرعة على المسائي وعرفت إن فيه حظر تجول تم الإعلان عنه، وإن قوات الجيش نزلت الشوارع، وجريت على شباك الجرنال من الدور التامن، وشفنا بشاير دبابات الجيش، وبشاير البلطجية اللي راحوا على مجمع محاكم الجلاء عشان يحرقوه ويسرقوا ملفات القضايا، وشفنا العائدين من مبنى الحزب الوطني بعد ما اتحرق، اللي شايل شاشة كمبيوتر واللي بيجر كرسي.. وتحت كان لسة الثوار بيجمعوا نفسهم ويرجعوا تاني للتحرير.. وبدأت بعدها معركة تانية من نوع جديد جوة الجرنال هاتكلم عنها بعدين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.