أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي صباح أمس الاثنين عن هوية المُشتبه به في انفجار الكنيسة البطرسية المُلاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية في أقل من 24 ساعة من وقوع الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته 25 شخص وأصيب نحو 50 آخرين، وذلك بعد مُطابقة جهات التحقيق وخبراء الطب الشرعي والمعمل الجنائي لنتائج المضاهاة للبصمة الوراثية وتحليل الحامض النووي«DNA» للعينات التي تم أخذها من أشلاء جثث الضحايا، والتي أسفرت عن الاشتباه في أحدها، بعد مقارنتها مع أسرة المُتهم بمحافظة الفيوم، ويُدعى محمود شفيق محمد مصطفى، بالتورط في تنفيذ الحادث الأليم الذي وقع في قاعة الصلاة عبر عبوة ناسفة. في خضم إعلان رئيس الجمهورية عن هوية المُشتبه به على الهواء مباشرة في غضون 24 ساعة من انفجار الكنيسة البطرسية، تعددت التساؤلات والتكهُنات حول مدى إمكانية الحصول على نتائج تحليل الحامض النووي في غضون ساعات من وقوع التفجيرات والعمليات الإرهابية من عدمه، أم أن تلك العملية تستغرق أيامًا وأسابيع كاملة، كما هو الحال دائمًا في معظم القضايا الجنائية التي تحدث بمصر، وفي حالة الكشف عن هويتهم في غضون ساعات هل من الممكن التوصل إلى قوائم المُتهمين في جرائم الإرهاب العديدة التي مرت بمصر خلال السنوات الأخيرة. تساؤلات عديدة تدور حول إعلان السلطات المصرية للمرة الأولى عن كشف هوية المُشتبه بهم في أقل من 24 ساعة على الحادث، فهل استعانت السلطات المصرية وجهات التحقيق بخبراء بريطانيين للكشف عن هوية المُشتبه به، المذكور على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر هذا الماسح الإنجليزي الجديد، وهل يُمكن الكشف عن هوية أحد المتهمين في جريمة جنائية وتفجيرات وعمليات إرهابية تحدث داخل مصر في أقل من 24 ساعة، وكم يستغرق ظهور نتائج تحليل الحمض النووي«DNA» بعد معاينة خبراء الطب الشرعي، وهل ثمة حاجة لجمع أشلاء جثة كاملة للتعرف عليه جينيًّا أم أن مجرد خلية واحدة تكفي، وهل لدينا خريطة جينية «قاعدة بيانات» كاملة للمواطنين حتى تتم مقارنة البصمة الوراثية للمُشتبه بهم مع ذويهم كما يحدث في الخارج؟ «البديل» طرحت تلك التساؤلات على عدد من خبراء الطب الشرعي ورجال المباحث الجنائية، الذين تضاربت أقوالهم بين النفي والتأكيد، البعض نفى وجود قاعدة بيانات محلية للمواطنين للمقارنة مع البصمة الوراثية للمُشتبه بهم، ومن ثم تحديد هويته وسهولة الوصل إليه، والبعض الآخر أعلن أن نتيجة تحليل الحمض النووي تظهر في مُدة لا تقل عن 3 أيام ولا تزيد عن أسبوع، بينما فريق ثالث يرى أن الأمر لا يحتاج إلَّا لساعات قليلة لمطابقة الجينات الوراثية وإخراج أكثر من عينة. عملية مُعقدة أوضح الدكتور أيمن فودة، كبير الأطباء السابقين بمصلحة الطب الشرعي أن نتيجة تحليل الحامض النووي تستغرق وقتًا طويلًا يتراوح ما بين 3 إلى 7 أيام، وفي أضيق الحدود من الممكن ألَّا يستغرق ذلك أكثر من 12 ساعة، خاصة في القضايا والتفجيرات المهمة التي تصبح حديث ومثار الرأي العام. وأضاف فودة في تصريحات ل«البديل» أن ظهور نتيجة الحامض النووي«DNA» عملية مُعقدة تتم عبر مراحل عدة، تبدأ بأخذ العينات من مسرح الجريمة وفصل واستخلاص الحامض النووي من العينة المجهولة، مرورًا بتكسيره وإرجاعه إلى عناصره الأولية، ثم تحديد البصمة الوراثية للوالدين أو أحد أقاربه، وهذا الأمر يستغرق ما لا يقل عن 7 ساعات، وصولًا إلى تحديد هوية ذلك الشخص عبر مقارنة نتيجة العينة بقاعدة بيانات «مسجلين خطر» لدى وزارة الداخلية. يبدأ تكوين البصمة الوراثية عبر جمع عينات من الحامض النووي«DNA» من خلال الآثار التي يتركها الجاني في مسرح الجريمة، ومن ثم يمكن سحب تلك العينات من الشعر، اللعاب، الدم، خلايا البشرة، السائل المنوي، العظام، الأسنان، الأظافر، التعرّق الجلدي، الأنسجة، حينذاك تكثر الخيارات أمام المباحث الجنائية لجمع الأدلة الخاصة بال«DNA»، علمًا بأن عددًا كبيرًا من القضايا الجنائية قد تم حلّها عبر تحليل اللعاب الموجود على عقب السجائر والطوابع البريدية، كما أن شعرة رأس واحدة تم العثور عليها بحلق إحدى الضحايا شكلت دليلًا كافيًا لإدانة المتهم أو المُشتبه به. بحسب خبراء المباحث الجنائية، فإن عملية المقارنة يمكن أن تتم بين عيّنات مأخوذة من مسرح الجريمة وأخرى تعود للمتهم، وفي حال عدم وجود مشتبه بهم، يمكن المقارنة مع عينات موجودة ضمن قاعدة البيانات المحفوظة لدى الأجهزة الأمنية، وهي تحتوي على عينات من الحامض النووي تم سحبها في فترات مختلفة من مشتبه بهم في قضايا جنائية متنوعة. وتوجد مثل تلك القواعد لدى عدد من الدول، أبرزها الولاياتالمتحدة وإنجلترا، حيث تملك الأخيرة أكبر قاعدة بيانات خاصة بال«DNA»في العالم، تحتوي على أكثر من مليوني سجل لمشتبه بهم ومتهمين. الداخلية: «معندناش قاعدة بيانات للمشتبه بهم» في المقابل لا تتوافر قاعدة البيانات الخاصة بالمتهمين والمسجلين خطر والمُشتبه بهم في غالبية الدول العربية، ومن بينها مصر، نظرًا للتكلفة الباهظة التي تحتاجها تلك التقنيات الحديثة، وهو ما أوضحه اللواء حسام لاشين، مساعد وزير الداخلية السابق، الذي أكد ل«البديل» أن المُشتبه به المذكور كانت وزارة الداخلية تتبعه منذ أكثر من عامين عبر قاعدة بيانات خاصة به محفوظة لدى سجلات الوزارة، ومن ثم أصبح من السهولة التعرف عليه وتحديد هويته في غضون ساعات، بحسب تعبيره، عقب المضاهاة للبصمة الوراثية مع أسرة المذكور وأقاربه، نافيًا وجود قاعدة بيانات كاملة للمُشتبه بهم كافة أو المُسجلين على مستوى الجمهورية. فيما ذكر العميد محمود قطري، الخبير الأمني، أن التعرف على هوية المُشتبه به في انفجار الكنيسة البطرسية جاء بعد تجميع أشلائه، والتعرف على بقايا ملامح الوجه، قائلًا: جهات التحقيق وأجهزة الأمن مش هتعلن اسمه للرئيس إلَّا إذا كانت متأكدة تمامًا. وأضاف: احنا في مصر معندناش قاعدة بيانات كاملة للمواطنين، لكن تتم مقارنة نتائج تحليل الحامض النووي«DNA»للمشتبه بهم بالبصمة الوراثية للوالدين أو أحد أفراد أسرته للتعرف عليهم بسهولة. CSI تكشف عن هوية المُتهم في ساعتين جدير بالذكر أن صحيفة «الديلي ميل» البريطانية قبل عامين قد نشرت تقريرًا قبل عامين، نقلًا عن جهة التحقيق في موقع الجريمة«CSI» كشفت فيه عن إمكانية التوصل إلى هوية المتهمين في التفجيرات والأعمال الإرهابية في غضون ساعات من وقوع الحادث، عبر تحليل الحامض النووي السريع، بعد أن كان الأمر يستغرق أيامًا كاملة وأسابيع، وهو ما وصفته ب«الثورة الكبيرة» في عالم التحقيقات بمسرح الجريمة. ورصدت وزارة الداخلية البريطانية نحو431 ألف يورو، 732 ألف دولار من أجل تطوير الجهاز الجديد الذي يستطيع أن يحدد هوية المُشتبه بهم في أقل من ساعتين، بحسب التقرير عبر باحثين من جامعة شيفلد هالام««SHU، وهو أشبه ما يكون بالطابعة أو الماسح الضوئي الذي يتم إدخال الحامض النووي السريع للمشتبه بهم، وتمريره عبر هذا الماسح ومطابقة مع أحد الأشخاص المتواجدين في قاعدة بيانات الحامض النووي للمواطنين المحليين.