في خطوة وصفها بعض المتخصصين بالتاريخية، أعلنت الدول المصدرة للنفط أوبك عن خفض الإنتاج لأول مرة منذ 8 أعوام، الأمر الذي دفع أسعار النفط للارتفاع في الأسواق الدولية بنسبة 8 في المائة، مقارنةً بالسنوات السابقة التي شهدت خلالها الأسواق العالمية تراجعًا كبيرًا في أسعار النفط أثر سلبًا على اقتصاديات الدول المصدرة. إجراءات أوبك لتخفيض الإنتاج على خلاف التوقعات وتحليلات المراقبين، تمكّنت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» في فيينا، الأربعاء الماضي، بعد طول انتظار، من إراحة الأسواق عبر الوصول إلى اتفاق لتنفيذ أول خفض لإنتاجها في 8 سنوات، من خلال تفعيل «اتفاق الجزائر» الذي تم التوصل إليه نهاية سبتمبر الماضي. وقال رئيس منظمة أوبك، وزير النفط القطري، محمد بن صالح السادة: المنظمة ستخفض 1,2 مليون برميل يوميًّا من إنتاجها بداية من يناير 2017، على أن يستمر ل6 أشهر، تحدد بعدها المنظمة مستويات جديدة للدول، من خلال إنشاء لجنة مراقبة وزارية من ثلاثة أغضاء هي الكويتوفنزويلاوالجزائر؛ لمراقبة التزام الدول بهذا الاتفاق. ويشكل التخفيض اليومي الذي أعلنت عنه أوبك بالنسبة لإنتاج النفط ما نسبته 3% من إنتاج أوبك الإجمالي، وستخفض تلك الخطوة إنتاج دول المنظمة إلى 32,5 مليون برميل يوميًّا عن المستوى الحالي البالغ 33.64 مليون برميل يوميًّا. حصص التخفيض لكل دولة تعهدت المملكة العربية السعودية بخفض 486 ألف برميل يوميًّا، مما يعني أن السعودية تتحمل العبء الأكبر من التخفيض بين أعضاء منظمة الأوبك، ويتحمل العراق خفض 210 آلاف برميل يوميًّا، وستخفض الجزائر إنتاجها بنحو 50 ألف برميل يوميًّا، وستكون حصة الإمارات وقطر والكويت ستكون حصتها مجتمعة من الخفض نحو 300 ألف برميل يوميًّا. وباقي الحصص الفردية للأعضاء، فنزويلا ستخفض 95 ألف برميل يوميًّا، الغابون 9 آلاف برميل يوميًّا، الأكوادور 26 ألف برميل يوميًّا، وأنغولا ستخفض إنتاجها ب80 ألف برميل يوميًّا. أما بالنسبة للدول المنضوية في أوبك، التي كانت لها حالات خاصة ولم تخضع لشروط تخفيض الإنتاج النفطي فهي ثلاثة، نيجيريا وليبيا، بالإضافة إلى إيران، التي ستجمد إنتاجها عند 3.797 مليون برميل يوميًّا مقارنة ب 3.975 مليون برميل قبل الاتفاق. وكانت أوبك قد قالت: إنها ستعفي إيران وليبيا ونيجيريا من الخفض؛ نظرًا لتضرر إنتاج تلك الدول جراء الاضطرابات أو العقوبات. الدول المنتجة للنفط من خارج أوبك من المفترض أن تقوم الدول المنتجة للنفط من خارج منظمة أوبك بتخفيض مماثل للدول منظمة أوبك، وعليه فإن على هذه الدول خفض إنتاجها ب600 ألف برميل يوميًّا، لتأخذ روسيا، وهي منتج رئيس خارج أوبك، حصة الأسد من هذا التوزيع، متعهدة بخفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميًّا. تأثير قرار الأوبك على أسعار النفط بعد إعلان أوبك الأخير، ارتفعت أسعار النفط في متوسط 8%، حيث ارتفع سعر البرنت بنسبة 8,4% إلى 51,3 دولار للبرميل، أما الخام الأمريكي فارتفع بنسبة 8,2% إلى 48,9 دولار للبرميل. وكانت الأسعار قد انهارت في العامين الماضيين من 100 دولار للبرميل إلى أدنى مستوياتها خلال 13 عامًا إلى ما دون 27 دولارًا للبرميل في يناير الماضي؛ بسبب وفرة المعروض الأمر، الذي أصاب الأسواق بالتخمة النفطية، وكانت أسعار النفط قد حققت في عام 2008 رقما قياسيًّا يتجاوز 140 دولارًا. مشكلات التخفيض إعلان أوبك تخفيض إنتاج النفط خطوة مهمة في ارتفاع نسبي بأسعار النفط على المستوى القريب، ويقول مراقبون: هذا الارتفاع في أسعار النفط لن يرق إلى المستويات التي وصل لها سعر برميل النفط والتي تجاوزت حاجز ال100 دولار، وأن الأسعار القياسية التي وصلت إليها لم تكن من خلال جهود قامت بها منظمة الأوبك، بل كانت نتيجة لمضاربات أسواق النفط في البورصات العالمية، بالإضافة إلى أن إعلان أوبك يرتكز على أسس هشة قد لا تدوم طويلًا، خاصة في ظل الاستقطابات السياسية بين الرياضوطهران وموسكو، فحتى يوم الأربعاء أبدت السعودية امتعاضها من تحملها عبء التخفيض على حساب طهران، حيث قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قبل بدء الاجتماع: الرياض مستعدة لتحمل عبء ثقيل في إنتاجها والقبول بتثبيت الإنتاج الإيراني عند مستويات ما قبل العقوبات، رغم إصرار المملكة السابق على مشاركة إيران في أي خفض للإنتاج. وهناك نقطة مهمة يجب الالتفات إليها، فإذا ما كانت المزاعم السعودية تقول بأن رفضها في السابق تخفيض إنتاجها من النفط للضغط على المنافسة القوية للنفط الصخري الأمريكي، فإن مستويات أسعار 50 دولارًا للبرميل الجديدة، بعد إعلان أوبك التوصل اتفاق التخفيض، ستشكل عودة مربحة للنفط الصخري، الذي بدأ يتأقلم مع تراجع الأسعار، نتيجة استحداث تكونولوجيا للتكسير الصخري الهيدروليكي، الأمر الذي يعني انتعاش هذا القطاع مؤخرًا، من خلال زيادة فرص التنقيب والاستثمار وبالتالي العودة للمنافسة مع النفط التقليدي، الأمر الذي قد يؤدي إلى فجوة جديدة في الأسعار. كما حذر محللون من أن الأسعار قد لا تشهد ارتفاعًا كبيرًا قياسًا بالمقارنات التاريخية، إذ سيسد منتجون آخرون الفجوة في الإنتاج الذي تم تخفيضه.