تنقلب المعادلات وتتغير التحالفات سريعًا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فمنذ انتخاب الرئيس الجديد دونالد ترامب، تراقب العديد من دول العالم استراتيجية الرئيس الجمهوري التي تختلف عن استراتيجية الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، وتترقب الدول، وفي مقدمتها دول القارة العجوز، تبعات هذا التغيير الكبير، وفيما هنأت بعضها، بحذر، بفوز ترامب، امتنعت أخرى. الجولة الأخيرة يغادر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، واشنطن اليوم الاثنين، للقيام بجولة فى اليونان وألمانيا، ثم البيرو، فى إطار جولة قد تكون الأخيرة له قبل مغادرته البيت الأبيض فى يناير المقبل، وتهدف هذه الجولة، بحسب البيت الأبيض، إلى إظهار التزام الرئيس بالتضامن بين ضفتى الأطلسى وبأوروبا قوية وموحدة وبالتعاون مع الشركاء فى منطقة آسيا المحيط الهادىء. ينوي أوباما، خلال زيارته إلى اليونان، لقاء الرئيس بروكوبيس بافلوبولوس، ورئيس الوزراء، أليكسيس تسيبراس، لأول مرة، ليعرب عن امتنانه للسخاء المميّز للحكومة والشعب اليونانيين حيال اللاجئين والمهاجرين، وفي زيارته إلى ألمانيا، سيلتقي الرئيس أوباما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تعتبر من أقرب شركائه خلال رئاسته، وتُعد زيارة أوباما إلى ألمانيا هي السادسة منذ وصوله إلى الحكم. تنتهى جولة أوباما فى 21 نوفمبر فى بيرو، حيث سيشارك في الفترة بين 18 و20 نوفمبر فى قمة منتدى التعاون الإقتصادى لمنطقة آسيا المحيط الهادىء، الذى يضم 21 اقتصادًا، وستكون فرصة للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي. طمأنة أوروبا يرى مراقبون أن زيارة أوباما للقارة الأوروبية في هذا التوقيت بالذات الذي تتزايد فيه المخاوف الأوروبية من سياسة ترامب الآتي من رحم قومية شعبوية، جاءت كمحاولة من الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته لطمأنة حلفائه الأوروبيين إلى أن سياسة بلاده تجاههم لن تتغير، خاصة بعد أن توجس قادة القارة العجوز من فوز ترامب، وهو ما ظهر في وصف رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز، ب"اللحظة الصعبة" في العلاقة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد. محاولة أوباما طمأنة حلفائه الأوروبيين بشأن سياسة أمريكا الخارجية، لم تقتصر على زيارته إلى بعض الدول الأوروبية، لكن الرئيس المنتهية ولايته سعى مرارًا إلى توجيه رسائل إلى ترامب، لتوضيح مدى أهمية العلاقات بين أمريكا وأوروبا، وكانت أقرب هذه الرسائل تلك التي وجهها في حديث صحفي، قال فيه إن التكامل الأوروبي هو أحد أعظم الإنجازات السياسية والاقتصادية في العصر الحديث، والتي يستفيد منها كل من الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة والعالم أجمع، وأضاف أن أوروبا أكبر شريك اقتصادي لأمريكا، مشيرًا إلى أن المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة مرتبطة بأوروبا مستقرة ومزدهرة. مستقبل العلاقات مع انتقال دفة القيادة الأمريكية إلى الرئيس الجديد، دونالد ترامب، ظهرت مخاوف العديد من دول القارة العجوز، حتى أن بعضها امتنع عن تهنئة الرئيس الجديد، وأبرزهم وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الأمر الذي كشف عن الصدمة من فوز ترامب، خاصة أن الأخير سبق أن شكك خلال حملته الانتخابية في جدوى التحالفات القديمة وأهميتها، وأبرزها "حلف شمال الأطلسي"، مهددًا حلفاء بلاده في أوروبا إذا لم ينفقوا ما يكفي على الدفاع، كذلك شكك باتفاق باريس بشأن المناخ، وبالاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي الذي تم بين إيرانوأمريكا وبعض الدول الأوروبية، بريطانياوفرنساوألمانيا. كما أن مواقفه بشأن العديد من القضايا لم تكن على وفاق مع المواقف الأوروبية، وعلى رأسها الأزمة السورية، حيث أكد ترامب، أنه لن يقاتل لإسقاط الأسد لكنه سيطارد داعش وهو الأهم بالنسبة له، وهو ما لا يروق للدول الأوروبية التي تنادي منذ سنوات بإسقاط الأسد بأي طريقة، كما أن تصريحات ترامب بشأن تقاربه مع روسيا وإشادته بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في العديد من المناسبات وتعهده بالتنسيق والتحالف معه، طرح علامات استفهام كثيرة حول سياسة أمريكا الخارجية تجاه أوروبا على وجه التحديد في عهد ترامب، فهل يستطيع الجمع بين النقيضين، الروسي والأوروبي؟ تصاعد اليمين كان الأكثر احتفالًا بفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في القارة الأوروبية الأحزاب اليمينية، فالمؤشرات الحالية تشير إلى أن أوروبا تسير بخطى ثابته نحو اليمين، وتستغل الأحزاب اليمينية تصاعد أزمة تدفق اللاجئين وتخوفات الأوروبيين منها لطرح نفسها على الرأي العام الأوروبي، وهو التوجه الذي قد يسهل مهمة ترامب في الجمع بين النقيضين الروسي والأوروبي إذا تحكمت فيه الأحزاب اليمينة الأكثر قربًا من روسيا. في ذات الشأن رأت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، أن سبب فوز ترامب بالرئاسة، هو أن اليمين المتطرف فى جميع أنحاء أوروبا دعمه، وهو ما يثير مخاوف اليسار التحررى، وألقت الصحيفة الأمريكية الضوء على أن وصول ترامب اليمينى فى ظل مناخ أمريكى ودولى يميل إلى اليمين يعنى تعزيز اليمين المتطرّف على حساب اليسار المعتدل فى أوروبا، وهو الأمر الذى سيؤدى إلى بروز أصوات مطالبة بالانفصال عن الاتحاد الأوروبى بدأت ببريطانيا، وهناك مخاوف من أن يصل ذلك لاحقًا إلى فرنساوألمانيا وهولندا والدانمارك وبولندا، وهو ما يعنى انهيار الاتحاد الأوروبى بشكل كامل. يأتي ذلك في الوقت الذي اكتست فيه الرئاسة البلغارية أيضًا بالمظهر الاشتراكي المٌقرب من روسيا، حيث فاز مرشح المعارضة الاشتراكية رومن راديف، أمس الأحد، بالانتخابات الرئاسية على منافسته المدعومة من رئيس الحكومة المحافظ، بويكو بوريسوف، حسب ما افادت استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، حيث أعطت ثلاث مؤسسات لاستطلاع الرأي هذا القائد السابق للقوات الجوية البالغ من العمر 53 عامًا نسبًا تراوحت ما بين 58.1% و58.5% مقابل 35.25% إلى 35.7% لمنافسته رئيسة البرلمان، تسيتسكا تساتشيفا، مرشحة الأكثرية الحاكمة، الأمر الذي يدفع ببلغاريا إلى فلك روسيا. في هذا الإطار، تقترب فرنسا من انتخابات رئاسية العام المقبل، تتزامن مع ارتفاع شعبية الزعيمة المعارضة للاتحاد الأوروبي من الجبهة الوطنية مارين لوبان، والتي قالت إن اختيار ترامب رئيسًا للولايات المتحدة يعزز من فرص انتخابها رئيسة لفرنسا، وأضافت: لقد جعل السيد ترامب ما كان يظنّه البعض غير ممكن أمرًا ممكنًا.