مواجهات جديدة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، فيبدو أن أنقرة ملت من مماطلة الاتحاد الأوروبي بشأن الانضمام إليه، فيما خرجت انتقادات الأخير إلى العلن بشكل غير مسبوق، وأصبحت العلاقات بين الطرفين على المحك، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كانت مسألة انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي وصلت إلى طريق مسدود لا رجوع فيه. أصدرت مفوضية الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، تقريرًا انتقدت فيه تراجع التزام تركيا بمعايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة في مجال حرية التعبير، حيث قالت بروكسل إن تراجعًا لدى تركيا في التزامها بمعايير الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وخصوصًا على صعيد حرية التعبير ودولة القانون، مذكرًا أيضًا برفض الاتحاد الأوروبي لعقوبة الإعدام، والتي طرح نظام الرئيس رجب طيب أردوغان إعادة تطبيقها. ولفت تقرير المفوض الأوروبي يوهانس هان، إلى أن: الوقت حان حتى تقول لنا أنقرة ماذا تريد فعلًا، هذا اختبار لصدقيتها ولصدقية الاتحاد الأوروبي أيضًا. أمام لجنة للبرلمان الأوروبي أن على تركيا، بصفتها بلدًا مرشحًا، أن تطبق أرفع المعايير التي التزمت بها والتي لن تحصل في شأنها أي تسوية. يأتي انتقاد تقرير مفوضية الاتحاد الأوروبي لتركيا بعد يوم واحد من تصريحات مماثلة أطلقها رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، الثلاثاء الماضي، شكك خلالها في رغبة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، معربًا عن الأسف لابتعادها يومًا بعد يوم عن أوروبا، ملمحًا بذلك إلى عمليات التطهير الكبيرة التي نفذها النظام منذ محاولة الانقلاب في يوليو الماضي. من جانبها ردت تركيا على انتقادات المفوضية الأوروبية، حيث قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو: الرئيس أردوغان طالب الاتحاد الأوربي بإعلان موقف صريح حول انضمام تركيا للاتحاد بعد توجيه الاتحاد مجموعة من الاتهامات للسلطات التركية عقب الانقلاب الفاشل، وأضاف أوغلو: إثر المحاولة الانقلابية صدرت تصريحات تطالب بوقف مفاوضات العضوية، ونحن أيضًا طالبناهم بإتخاد قرار في هذا الصدد، وتابع: إن كنتم تريدون إيقافها فلتوقفوها، فعلاقتنا لن تتقدم طالما أنهم يروننا من الدرجة الثانية. في ذات الإطار قال الوزير التركي للشؤون الأوروبية، عمر جيليك، الأربعاء، إن بعض خلاصات تقرير الاتحاد الاوروبي حول مسيرة انضمام بلاده للاتحاد بعيدة عن الموضوعية، واعتبر الوزير التركي أن التقرير غير بناء ولا يوفر سبيلًا لإحراز تقدم، مضيفًا أن هذا التقرير صيغ بطريقة لا تخدم العلاقات بين تركيا والاتحاد الاوروبي، معتبرًا أن الكثير من استنتاجاته تعكس نقصًا في فهم الوضع في تركيا، وتابع أن الاتحاد الأوروبي تحول إلى مؤسسة لا تفعل أكثر من إصدار البيانات، معقبًا: من جانبنا نحن لا ننشر الكلام؛ لأننا نريد أن نرى الأمور تتوج بنتائج. الانتقادات المتبادلة بين الطرفين التركي والأوروبي تنبئ بانتهاء جولات المفاوضات والمباحثات بين الدول الأوروبية وبعضها بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، خاصة أن أنقرة أصبحت تجاهر بمعاداة واحدة من أكبر دول الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، وهي ألمانيا، حيث وصف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قبل أيام قليلة، ألمانيا بأنها أكثر بلد يفتح أحضانه للإرهابيين في تركيا، وقال أوغلو إن أعضاء تنظيم "DHKP/C" الإرهابي مستمرون في نشاطاتهم في ألمانيا، وأرجع تفضيل أعضاء منظمة فتح الله الإرهابية لهذا البلد في الغالب إلى وجود عداء ظاهر لتركيا هناك. من جانبها رأت صحيفة الفايننشال تايمز، أن الرئيس التركي رجب أردوغان يبدو وكأنه ضاق ذرعًا من الغرب وانتقاداته المتكررة له واتهامه بالخيانة وبدعم الإرهاب، وأضافت الصحيفة في مقال بعنوان "تهديدات أردوغان وتحديه الاتحاد الأوروبي تمثل أول محاولة في الواقعية السياسية" أن أردوغان عبر عن تحديه للغرب عندما صرح في إحدى المحاضرات وأمام عدد كبير من الطلاب بأنه: حان الوقت لقطع الحبل السري مع الغرب، بعدما أضعنا زهاء نصف قرن بانتظار فتح الباب لنا للحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي، وأردفت الصحيفة أن العلاقة التركية – الأوروبية أضحت على المحك، مضيفًا أن بعض الدبلوماسيين الأوروبيين يأملون أن يتخلى أردوغان عن فكرة انضمام بلاده لدول الاتحاد الأوروبي، كي يسهل عليهم إعلان إنهاء عملية انضمام تركيا، وختمت الفايننشال تايمز بالقول إنه في حال إنهاء عملية محادثات انضمام تركيا لدول الاتحاد، فإن تركيا ستخسر الكثير من الامتيازات ومنها تسهيلات الحصول على التأشيرات لدول الاتحاد الممنوحة لنحو مليوني تركي، وتسهيلات التصدير والاستيراد، مضيفة أن الهجرة والإرهاب هما ما يقلقان مضاجع دول الاتحاد الأوروبي.