سرعان ما انعكست الأزمة السياسية التي تعصف بتونس منذ ثلاثة أسابيع وما رفقها من احتجاجات تطالب باستقالة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية علي الوضع الاقتصادي الذي زاد في التدهور. حذر خبراء في المخاطر المالية بتونس من إمكانية انهيار الاقتصاد بشكل تام و بالتالي إفلاس الدولة.عن هذه القضية التي بدأت تشغل الرأي العام التونسي التقت وكالة أنباء فارس الخبير التونسي في المخاطر المالية مراد حطاب. كيف تقيمون الوضع الاقتصادي في تونس في خضم الأزمة السياسة؟ تشهد تونس حاليا ارتفاعا لم يسبق له مثيل في نسق الأعمال الإرهابية ونوعها والتي أدخلت البلاد في جوّ من الفوضي والعنف انعكس علي الجوانب السياسية وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية للبلاد اذ انه منذ صعود الترويكا المتكونة من الحزب الحاكم وهي حركة النهضة وحليفيها حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات إلي الحكم، حذّر خُبراء المخاطر والأزمات و عدد من رؤساء الأحزاب وفاعلون في المجتمع المدني من أنّ تونس قد صارت أرضيّة مُناسبة لإنتشار مجموعات مُتطرّفة تُمجّد الإرهاب. كما ساهم استقبال وُعّاظ مُتطرّفين وتكفيريين من عدد من دول الخليج الفارسي ومصر المتبنين للمذهب الوهابي ُليحرّضون علي الفتنة و الاقتتال وذلك من طرف بعض أعضاء الحزب الحاكم، إضافة إلي الهجوم علي السفارة الأمريكية في سبتمبر 2012 والاحتجاجات غير المسبوقة أمام السفارة الفرنسية بتونس خلال الحرب علي الإرهاب في مالي، كيف انعكست الأزمة السياسية علي الواقع الاقتصادي.. و هل من أرقام للوضع تبعا للمأزق السياسي الذي وصلت اليه تونس بعد عجز الحكومة الحالية عن إدارة شؤون البلاد نظرا لنقص الكفاءة ونتيجة لفشل للمجلس الوطني التأسيسي الذي انتخبه الشعب لكتابة الدستور علي الرغم من تعالي عديد الاصوات المشككة في نزاهة الانتخابات محليا ودوليا لما رافقها من تمويلات يشير البعض الي شبهات حولها تعيش تونس من الناحية الاقتصادية، كارثة فعلية إذ يزيد عجز الميزان التّجاري يوما بعد يوم وتتعطّل الآلة الإنتاجية باستمرار. فقد بلغ عجز الميزان التّجاري الخارجي في النصف الأوّل من السنة الحالية 5.5% أي ما يُعادل 5.582 مليار دولار. وشهدت أسعار السلع الاستهلاكية ارتفاعا في شهر جوان 2013 في حدود6.4% أي بانحدار سنوي يُعادل 10% 'أثر مُباشر علي المُستهلك'. وارتفعت نسبة البطالة إلي حدود 18.6% وأنزلق الدينار إلي مُستويات قياسية مُقابل اليورو ' - 9.8%' و الدولار ' - 6.1% ' ممّا تسبّب في أزمة شاملة بدأت تُلقي بظلالها علي القطاع الاقتصادي والقطاع المالي. وعلي صعيد آخر، ارتفعت احتياجات البنوك إلي السيولة منذ مطلع جوان 2013، ممّا حدي بالبنك المركزي التونسي إلي مُضاعفة تدخُّلاته في السوق المالية والتي بلغت أعلي مُستوي لها في مُوفّي جويلية 2013 لتبلُغ 4.814 مليار دينار، في ما بقي سعر الفائدة في حدود 4.74% في شهر جويلية. هل باتت تونس بالفعل علي حافة الإفلاس؟ تصنف تونس اليوم من قبل مؤسسات الترقيم الدولي علي المستوي الائتماني في اطار درجة 'ب' وهو ما يفصلها عن احتمال العجز التام عن الايفاء بالتزاماتها المالية تجاه مقرضيها بدرجتين وتبلغ نسبة هذا الاحتمال 30% في غضون العام القادم كما اكدت المؤسسات المذكورة سابقا ان افاق الاقتصاد سلبية بمعني ان افلاسه وارد جدا نظرا لتعطل الالة الانتاجية بشكل ملحوظ اضافة الي انخفاض التصدير الذي لا يغطي حاليا إلا 70% من التوريد فضلا عن تراجع كبير للاستثمارات الاجنبية ب 40%تقريبا نتيجة عزوف اصحاب المال والأعمال من الاوروبيين خصوصا وهم الشركاء التقليديين للبلاد عن التوجه نحو السوق التونسية. وهل أثرت الأحداث التي تشهدها البلاد علي القطاع السياحي الذي يعد ركيزة الإقتصاد التونسي؟ تعتبر السياحة أهم ركيزة من ركائز الاقتصاد اذ توفر 19% من الناتج الداخلي الخام وتشغل خمس اليد العاملة النشيطة كما تعالج عجز الدفوعات الخارجية في حدود 62, 5% وهي اليوم تعيش ركودا كبيرا نظرا لتراجع اقبال السياح وزوار تونس تبعا لخوفهم من تردي الوضع الامني وبالتالي فقد انخفضت ايراداتها من العملة الاجنبية ب 19, 8% وعموما فان هذا الوضع يجعل من تونس غير قادرة بصفة شبه مؤكدة علي سداد خدمة دينها في نهاية سنة 2013 التي تعادل 2, 7 ملين دولار علما بان الوضعية النقدية لتونس في تراجع متواصل حيث انحدرت بحساب ملايين الدنانير من 68, 6 'سالب 'الي 76, 4'سالب' تقارير إعلامية ذكرت أن أجور الموظفين باتت مهددة أيضا.. ما مدي صحة ذلك؟ اعتمادا علي المذكرة الرسمية الصادرة عن وزارة المالية التونسية والمتعلقة بالنتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة الي موفي سنة 2012 وجوان 2013 فان الحصيلة العامة للموازنة هي ألان سلبية ولا تتجاوز143 نظرا لانخفاض الموارد مقارنة بارتفاع النفقات التي اقتصرت علي التأجير وشؤون التسيير العادي دون التنمية وباعتبار العجز الشديد علي مستوي ايرادات الدولة التي يمكن ان تتأتي من الخارج باعتبار خوف الممولين من اقراض تونس فان شبح عدم صرف اجور موظفي الدولة قد بات اكيدا غير انه من المتوقع ان رد فعل الحكومة المزيد من ضخ السيولة بصفة اصطناعية أي بدون مقابل انتاجي حقيقي لتمكين الموظفين من مرتباتهم التي ستفقد قيمتها بحكم التضخم النقدي وندرة السلع والخدمات في اطار المضاربات التي تتزايد يوما بعد يوم والتي تسيرها عصابات منظمة اضافة الي امكانية اختفاء هياكل التعديل الاقتصادي وتواجد الدولة في هذا الاطار للرقابة والتنظيم لفسح المال امام الاقتصادي الخفي والسوق السوداء والموازية والجرائم المالية والاقتصادي