إن مصر تمتلك تراثا ثقافيا لا ينضب، وبعضه يرجع إلى تاريخ يفوق عمر بعض الدول التى –يا للعجب– تحاول منافسة مصر ثقافيا!! شاهدت فيديو قصيرا، عرفت من خلاله معلومة جديدة تتعلق بمعلم من معالم الجيزة، يعود تاريخ إنشائه إلى أكثر من مائة وعشرين سنة، ولم أكن أعلم عنه شيئا، مما جعلنى ألجأ للتنقيب فى الكتب والمراجع لمعرفة المزيد عنه. إنه كوبرى إيفل المعلق، نعم إيفل، لا خطأ فى الاسم، ولا لبس فيما فهمته عزيزى القارئ، جوستاف إيفل ذاته الذى أنشأ برج إيفل بباريس، وقاعدة تمثال الحرية بالولايات المتحدة، لدينا فى مصر إبداعات تحمل اسمه وتوقيعه. لقد كانت حديقة حيوان الجيزة جزءًا من حدائق قصر الخديوى إسماعيل، قبل أن يقرر فتحها للشعب عام 1891، كأول حديقة حيوانات فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وأمر بجلب النباتات من كل أنحاء العالم، ومازالت تضم العديد من النباتات النادرة، كما تعد معرضا للحياة البرية الأفريقية، وتضم بين جنباتها متحفا ومعهدا تعليميا. وتتميز طرقاتها بالحصى الملون الذى يكون لوحات فسيفساء بالغة الجمال، وتضم خمس جبلايات، وبها كهوف وشلالات وبحيرة داخلها جزيرتان يربطهما جسر خشبي، وتضم أيضا مجموعة هائلة من التماثيل التى تجسد حيوانات مختلفة، كما أن بها جبلين تم تصميمهما ليرتكز عليهما كوبرى ايفل المعلق ليكون أعلى نقطة فى الحديقة، ويكشف كل أنحائها. والكوبرى نفذته شركة Eiffel et Cie ، فى الفترة (1875–1879) أى قبل إنشاء برج إيفل باريس بسنوات، والمدهش أن الكوبرى المصنوع من الحديد تم إنشاؤه بطريقة التعشيق (عاشق ومعشوق)، أى بدون أى (لحام)، ويذكرنى هذا بمراكب الشمس لدى قدماء المصريين والمعروضة حاليا بمنطقة الأهرامات بالجيزة فى مكان اكتشافها نفسه، والمصنوعة من خشب الأرز بطريقة التعشيق، دون استعمال مسمار واحد!! وكأن الفرنسيين قد اقتبسوا الإبداع والإتقان من قدماء المصريين. كوبرى ايفل مازال يحمل شعار الخديوى إسماعيل، ليظل شاهدا على عصر حاكم أحب مصر، وأراد أن يجعل عاصمتها تنافس العاصمة الفرنسية فى الجمال والرقي، فهل يمكن للجهات المعنية بالسياحة أن تبحث كيفية إدراجه ضمن الأماكن السياحية الموصى بزيارتها فى مصر؟!