«إن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله وأن الذين يموتون فيها شهداء ولهم الجنة ومن تخلف عنها منافق» هكذا قالها من فوق منبر الجامع الأزهر الإمام خالد الذكر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر إبان حقبة السبعينات رحمه الله ، والتي حدث خلالها انتصار العاشر من رمضان السادس من أكتوبر ، منذ سنوات كنت أقرأ لأحد المؤرخين واقعة انتابت اهتمامي وتعلق بها قلبي، وأصبحت في شغف للبحث تعضيدا لهذه الرواية مع يقيني بحدوثها ، الواقعة تحديداً هي رؤية الإمام عبد الحليم محمود لسيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام وهو يقود الجيش المصري وجمعاً من علماء المسلمين ويعبر بهم قناة السويس ، ثم طلب الإمام مقابلة الرئيس السادات وإخباره بالأمر وكان ذلك قبل حدوث المعركة بعدة أسابيع ، اتصلت على فضيلة الأستاذ الدكتور منيع عبد الحليم محمود الابن الأكبر للإمام وكان آنذاك عميداً لكلية أصول الدين بالقاهرة ، قلت للدكتور منيع بعد تحيتي له وللإمام الراحل عندي سؤال واحد حيرني هل رأى الإمام رسول الله في المنام وأخبره بالانتصار على أعداء الله الصهاينة ؟ دعاني فضيلته إلى مكتبه بكلية اصول الدين بالقاهرة لتناول القهوة معه ، ذهبت إلى الميعاد فوجدت فضيلته ينتظرني بكل احترام وتواضع عند باب مكتبه ورحب الرجل رحمه الله أشد ترحيب، ثم جلسنا وبدأ الرجل في ذكر بعض مناقب الإمام الطيبة وحبه لبلده وللأزهر الشريف، ثم قال إن فضيلة الإمام كان يخلو لنفسه ليلا ساعات كثيرة يخصص منها جزء للدعاء بأن تنقشع غمة الاحتلال الصهيوني وأن يرفع الله تعالى شأن هذه البلد ، ثم قال هذه الليلة تحديداً وهي الليلة التي رأى فيها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم رأيت فيها الإمام وكأن نورا يخرج من وجهه فرحاً مسروراً يتمنى أن يخرج النهار ليبلغ الرئيس السادات بالأمر ، ثم قال الدكتور منيع لقد ذكر الإمام هذه الواقعة بعد الحرب في أكثر من موقف للصحافة . نصر أكتوبر العظيم لم يكن نصراً بيد البشر فقط ، إنما كان نصراً ربانياً اجتمعت فيه السماء والارض على هدف واحد وهو جلاء هذ الغمة عن مصرنا العزيزة ،النصر له مقوماته وأسبابه ومن مقومات نصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر الاعتماد على الله تعالى فهو القائل (إِن يَنصُرْكُمُ 0للَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ) وهو القائل أيضا (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ) ،عاشت مصرنا عزيزة بأذن الله . رحم الإمام عبد الحليم محمود شيخ الأزهر رحمة واسعة الرجل الذي كان كالأنفاس الطاهرة الهادئة و النسمات الوادعة في صمته و صوته و جميع سمته , كان عظيم الصدق مع ربه و مع نفسه، كان شجاعا في اختيار طريقه ، احترمته الشعوب قبل الملوك والرؤساء ، الرجل الذي صدح بالحق ولم يخف في الله لومة لائم ،من ينسى صلاة الجمعة يوم أن صلى الرئيس السادات والملك فيصل في الجامع الأزهر يومها رفض الملك فيصل دخول المسجد إلا وراء الإمام عبد الحليم محمود رحمه الله ، رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وبشارة الانتصار الكبير يدل على قدره لدى ربه ونبيه الكريم ، حفظ الله مصر وأزهرها الشريف ورحم الله الإمام عبد الحليم محمود