النصيحة التى توجه إلى كل إنسان هى أن يحتفظ بهدوئه.. يسيطر على أعصابه فى جميع الأحوال فى الرفعة والغنى.. فى الخوف والفزع.. فى الفرح والحزن.. فى الرضى والسخط وحتى فى الحب، فمن الضرورى بمكان أن يسيطر العاشق الولهان على عواطفه ويتحكم فى مشاعره؛ حيث إن أيام قيس وليلى وروميو وجولييت قد ولت، فلم يعد هذا الحب القاتل موجودا اللهم إلا فى الأساطير وعبر شاشات السينما ومسلسلات التلفاز؛ أما على أرض الواقع فتبخر هذا الحب ولم يعد له وجود، وبالتالى يتعين على الانسان أن يحتفظ بهدوئه فى كل المواقف حتى لا يفقد اتزانه. قد يواجه المرء حادثًا مروعًا يكاد من هوله أن يفقد اتزانه فيجعله موضع انتقاد وسخرية من الناس لا سيما إذا بالغ فى إظهار الخوف. وهذا يستدعى لى موقفين مررت بهما أصابانى بالفزع والخوف. الأول عندما كنت قادمة من سوريا وأعلنت المضيفة بأن عطلا طفيفا حدث للطائرة وستعاود الهبوط إلى أرض المطار؛ تملكنى خوف قهرى من الرأس إلى أخمص القدم شعرت بالفزع وانتابتنى الهواجس فتعطل الطائرة يعد سرطانا بالنسبة للحوادث والكوارث، حيث يتضاءل الأمل فى النجاة. وعندما تغير هدير المحركات اصفرت وجوه الركاب وهرب اللون من وجهى رغم أننى حاولت أن أحافظ على رباطة جأشى. شرعت فى قراءة آيات قرآنية واسغفرت الله على كل خطاياى. وبعد مرور أربعين دقيقة زال الخطر وتنفست الصعداء، فأنا أفضل ألف مرة أن يقال عنى جبانة من أن يقال رحمها الله. أما الموقف الآخر الذى تعرضت له وأفقدنى صوابى فكان فى أكتوبر عام 1992 عندما وقع زلزال فى القاهرة بلغت قوته نحو ست درجات بمقياس ريختر، ولكنه كان زلزالا مدمرا تسبب فى وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 وشرد حوالى خمسين ألفا. كان الأكثر تدميرا مقارنة بالزلازل التى حدثت فى القاهرة منذ عام 1847. فى البداية لم أفقد اتزانى وتفكيرى وحاولت أن أحتفظ بهدوئى. ترى كم من الناس يستطيعون الاحتفاظ بهدوئهم فى مثل هذه الأحداث؟ وكم هو عدد الذين لا تضيع عقولهم ورؤوسهم وتفكيرهم فى ساعات الخطر؟ أتذكر يومها عندما أصيبت سيدة بانهيار نتيجة الخوف فأحضر لها الموجودون فى الشارع طبيبا من الجيران. وكان هو أيضا فى حالة ارتباك وخوف فأمسك بالحقنة ولكن بدلا من أن يحقن السيدة المنهارة غرس الأبرة فى ذراع ابنتها التى كانت تقف إلى جوارها. غير أن التغييرات الطفرية التى قد تطرأ على الشخص لا تقتصر على حالات الفزع والخوف فقط إزاء حدث ما. بل إن هناك من تعتريه هذه التغيرات فيما إذا هبطت عليه ثروة لم يكن يحلم بها. وهنا يصاب بحالة انتشاء قد تخلع عليه سمة التعالى والاستعلاء على الآخرين فتسوء أخلاقه وينعكس هذا على تعاملاته مع الجميع. ولهذا حرى بالإنسان أن يحتفظ دوما بهدوئه، وأن يتمكن من السيطرة على أعصابه فى كل الحالات، فى الغنى والفقر، فى الفرح والحزن، فى الرضى والسخط، فى الحب حيث يتعين على المحب أن يسيطر على عواطفه. يظل مطلوبا من الإنسان أن يحنى رأسه للعاصفة فهى لن تلبث أن تزول ويعقبها صحو وانفراج. ولهذا يتعين على كل منا أن يحتفظ بهدوئه فى المواقف الخطرة واللحظات الحرجة. ولا شك أن التواصل مع الله سبحانه وتعالى مطلوب فى كل المواقف، فكل شىء سيسير بسلام كلما اتكلت على الله. فالعمل بوصايا الإله هى خير الزاد الذى يوصلك إلى الرفعة والسلطان. ولهذا سر حسب تعاليم الله سبحانه واعمل بوصاياه فهى طوق النجاة الذى يعصمك وينقذك من الشرور. لا سيما وأننا فى عالم وصلت فيه الأمور إلى الحد الذى يقتل فيه الإنسان أخاه الإنسان من أجل حفنة من المال أو شبر رخيص من أرض...