المجزرة التي ارتُكبت أثناء صلاة الجمعة يوم 15 مارس/ آذار في مسجدين، في مدينة كرايست تشيرش، في نيوزيلندا،مذبحة لم يكن فيها تضارب معلومات، ولا أي وجه من أوجه الالتباس، ذلك لأن القاتل الأسترالي وثق المشهد كاملًا ما بين ثقته فيما يقوم به وهلع المصلين الذين لا حول لهم ولا قوة ،حيث صور بنفسه العمل الإجرامي باعتباره عملًا بطوليًا ضد هؤلاء المسلمين العزل ، فلو رأيت فكأنك أمام فيلم وثائقي يظهر الإرهابي منفذ الهجوم قبلها وهو في سيارته يستمع إلى أغنية قومية صربية، يعود تاريخها إلى حرب البوسنة في التسعينيات، إبان الإبادة الصربية لشعب البوسنة والهرسك المسلم، تمجد الجنود الصرب وزعيمهم السفاح كراديتش وتُهين البوسنيين المسلمين. الحُكومات الغربيّة ارتكبت جريمةً كُبرى عندما “تساهلت” تُجاه ظاهرة “الإسلاموفوبيا” ولم تتّخذ الإجراءات القانونيّة المطلوبة لمُواجهتها، مثلما تعاطت مع ظاهرة “العداء للساميّة” والدفاع عنها بكل صلابة وحزم، ولا يُمكِن أن ننسى كعرب ومسلمين تصريحات بوريس جونسون، وزير الخارجيّة البريطاني السابق، التي تطاول فيها على المُسلمات المُنقّبات عندما وصفهن ب”صناديق البريد”. العداءات للمُسلمين في أوروبا والعالم الغربي عُمومًا متعددة ليست جديدةً، ولكن الجديد أنّها بدأت تأخذ طابعًا إرهابيًّا مُسلّحًا، وتنتقل من البيانات والكتابات التحريضيّة وتدنيس المقابر، إلى الهجَمات الدمويّة، ومن الأعمال الفرديّة أو المحدودة الى الجماعية ،مجزرة مسجدي “كرايس تشيرش” النيوزيلنديّة ربّما تكون الأُولى من حيث ضخامة عدد الضّحايا، والحِقد العُنصريّ الذي كشف عنه مُنفّذها، ولكنّها قطعًا لن تكون الأخيرة، في ظِل وجود زعماء غربيين لا يتورّعون عن إظهار كُل أنواع الكراهية للمُسلمين . المجزرة هي حصيلة تغذية منهجية سياسيا وإعلاميا ل «الإسلاموفوبيا»، على مدى عقود، من قبل جهات متعددة تعطي المحتل الاستيطاني الحق في فعل ما يشاء وتحرم على اصحاب الارض الدفاع عن انفسهم ،ان المتابع لهذه الجريمة والمجزرة التي بثت للعالم يدرك مسؤولية أجهزة الإعلام في الغرب وهى تتناول الاسلاموفوبيا وهذا ما أكد عليه الاعلامي البريطاني جيمس أوبراين، في حديثه عن المجزرة البشعة قائلا في برنامجه الاذاعي في قناة «أل بي سي»: «إن وسائل الإعلام تتحمل بعض المسؤولية عن إطلاق النار على المسجدين في نيوزيلندا… من خلال نشر مقالات تثير الكراهية ضد المسلمين». كمثال على ذلك، حدد جيمس مقالين، نشر الأول في صحيفة «الصن The Sun»، وهي الصحيفة الأوسع انتشارا في بريطانيا. إدعى كاتب المقال: «إذا كنا نريد السلام، فنحن بحاجة إلى قدر أقل من الإسلام»، أما المقال الآخر فنشر في مجلة The Spectator، الناطقة تقريبا باسم حزب المحافظين البريطاني، وحث فيه كاتب المقال على الخوف من المسلمين، قائلا: «لا يوجد ما يكفي من الخوف من الإسلام في حزب المحافظين». ويخلص جيمس أوبراين أن «مثل هذه المقالات ساعدت على خلق ثقافة يدخل فيها رجل إلى المسجد حاملا بندقية ويبدأ إطلاق النار. لعلي أكون منصفاً لو قلت أن الإرهاب مصدره الوحيد هو من أشعل حربين عالميتين ، هو من أستعمل القنابل النووية ، هو من يستخدم قواته لاحتلال أرض الغير بالقوة والبطش ، هو من يغذي خطاب الكراهية المنتشر وبقوة في الغرب ، هذا الخطاب دفع المتعصبين إلى حرق القرآن الكريم مصدر عز المسلمين وشرفهم ، هو من ينكيل بالمستضعفين في شتى بقاع العالم كمأساة الروهينجا ومسلمي الصين وغيرهم من الاقليات المسلمة التي تمت تحت سمع وبصر البشرية جمعاء ، هذا التعصب حتماً سينتج أجيالاً من الشباب المتعصبين المستعدين للموت هنا وهناك ،حتى المهاجرين الهاربين الذين حلموا بمعيشة امنة أصبحوا عرضة للملاحقة والتهديد من أولئك الذين تغذوا على خطاب الكراهية ولذا نقترح الآتي: 1 ملاحقة وسائل الإعلام التي تبث خطاب الكراهية والتطرف المعادي للإسلام من خلال المنظمات الإسلامية والجامعة العربية . 2 ضرورة أن تتبنى الحكومات الغربية إيجاد خطاب معتدل من خلال كنائسها ووسائل إعلامها بما يوحي بتكامل الأديان جميعها 3 ضرورة التمييز بين حق الدفاع الشرعي للشعوب في الدفاع عن ارضها ضد المحتل وبين مقامة المحتل بكل السبل . مسؤولية قتل الساجدين المسالمين تتحملها الحكومات الغربية جميعا لأنها لم تمنع إعلامها من الانزلاق إلى الفوضى وبث خطاب الفرقة والكراهية فكان هذا هو النتاج والبقية في الطريق ، رحم الله شهداء أمتنا