لا أنكر أنني أشعر بحالة من الاستياء الشديد كلما قدر لي أن أشارك في جلسة من جلسات الاتفاق على زواج جديد وبالطبع، فإن استيائي هذا لا ينبع من أن اثنين سيتم الجمع بينهما في الحلال عن طريق هذه الرابطة، التي أعلى الله عز وجل من قدرها واعتبرها الرسول صلى الله عليه وسلم واحدة من سننه،ومنبع ضيقي هو تلك التفاصيل المادية الخاصة بالزواج، والتي يبدو أنها أصبحت عرفا لا يمكن الفكاك منه، حتى أضحت العقبة الكؤود في إتمام الكثير من الزيجات، بل وكانت السبب الرئيس في تزايد أعداد العانسين والعوانس، حتى وصلت هذه الأعداد إلى الملايين بما ينذر بحدوث كوارث اجتماعية لا حصر لها. وتساءلت لماذا ونحن المؤمنين بالرسول صلى الله عليه وسلم نُصر على فعل عكس ما كان عليه ، والعجيب ان يخرج علينا اصحاب العقول العفنة والقلوب المريضة بدعوات هي اقرب الى عمل الشيطان مثل حملة ( خليها تعنس ) وقد لاحظت ان مراكز ابحاث عديدة فاجئتنا بأرقام تبعث على الصدمة جراء العنوسة في كثير من البلدان العربية والاسلامية ، فتُشير الدراسات والإحصائيات إلى ارتفاع معدلاتها حسب الفئات العمرية بين الذكور والإناث ،وتتصدر لبنان قائمة البلدان العربية بأعلى معدل للعنوسة، حيث بلغت 85 في المئة، حسب آخر الدراسات التي أجرتها وسائل إعلام عربية، ومراكز أبحاث في عام 2018 ، وسجلت البحرين أقل معدل في العنوسة بنسبة 25 في المئة، فيما بلغت معدلات العنوسة في اليمن 30 في المئة، وسجلت نحو 40 في المئة المغرب ومصر، و42 في المئة بكل من الأردن والسعودية، و50 في المئة في الجزائر، و62 في المئة في تونس ،بينما بلغت معدلات العنوسة في كل من سوريا والعراق نحو 70 في المئة، و75 في المئة في الإمارات. اسباب ارتفاع تكلفة الزواج يرجع باحثون اجتماعيون واقتصاديون أسباب تأخر الزواج إلى أسباب عديدة؛ منها ارتفاع المهور والأعباء الاقتصادية، وتفشي البطالة، وارتفاع أسعار السكن، وتكاليف المعيشة مقارنة بالرواتب المعروضة ،فلا يخفى على عاقل ما في غلاء المهور من المفاسد والمضار التي منها انتشار العنوسة بين الجنسين ، وإثقال كاهل المتزوجين بديون يرزحون تحت وطئتها لسنوات عديدة. وقد يتسبب ذلك في أن الزوج إذا لم توافقه الزوجة ولم يمكنه إمساكها فمن الصعب عليه أن يطلقها ويسرحها سراحاً بالمعروف لأنه يرى أنه قد خسر في زواجه منها خسارة كبيرة -فيلجأ إذا لم يتق الله تعالى- إلى مضارتها وتضيع بعض حقوقها ليلجئها إلى الافتداء منه بما يخفف عليه تلك الخسارة، لذلك كله كان من هدي الإسلام تخفيف مؤونة النكاح. ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه. وهدي صحابته – رضي الله عنهم – في ذلك فعليك أن تتدخل لدى المعنيين بهذا الأمر جميعاً من باب النصح والدعوة إلى الالتزام بشرع الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. كل ذلك يكون بالحكمة والحوار والإقناع. ولا تغفل الموازنة بين المصالح والمفاسد. ولا تغفل أن ما يتسبب من ذلك في فشل الزواج ينبغي تجنبه . أولاً- المغالاة في المهور: ظهرت في الأزمنة المتأخرة مسألة التغالي في المهور من طرف الأولياء حينا، والفتيات حينا آخر؛ فتعنت الأولياء في هذه المسألة لا يحكمها شرع، بل مجرد هوى النفس في حب التفاخر والتباهي، دون النظر إلى ما يؤول إليه هذا الفعل من نتائج سيئة على الشباب ، والفتيات ، وترتب على المغالاة في المهور اتجاه الشباب للزواج بالأجنبيات؛ لأن مهورهن قليلة، أو الانصراف عن الزواج والعزوف عنه بالكلية، وهذه النتيجة أضر من الأولى، إذ تظهر العنوسة عند الفتيات ويتأخر زواجهن وربما ينعدم. ثانياً- الاصرار على المغالاة في تجهيز الزوجين: لماذا نصر على أن نمتلك ومنذ البداية أفخم الأثاث؟ وأن تمتلئ مساكننا بكل الأجهزة الكهربائية الضروري منها وغير الضروري؟ ولماذا نصر على أن نجعل من الوليمة التي يقدمها القادر عليها في عرسه فرضاً نوقف عليه إتمام الزواج؟ ولماذا نجعل من حفلات أعراسنا التي ما كانت إلا لإشعار العروسين ومن حولهما بالفرحة والسعادة نكبة على رأس الزوج وأهله، بعد اشتراط أن يقام الحفل في أفخم القاعات التي يتم حجزها بأرقام فلكية فتظل تكلفتها عبئا على الزوج إذ في الغالب ما يتم استدانتها؟ بل إن هناك ما هو أسوأ فهذه التكاليف الباهظة للزواج قد تكون فيما بعد حاجزا بين الزوجين طيلة زواجهما، إذا لم يغفر الزوج أبدا لزوجته تلك الاشتراطات المادية التي فرضها أهل زوجته عليه أو فرضتها هي نفسها عليه لأجل إتمام هذا الزواج، فكان الواقع عكس ما أراده أهل الزوجة أو أرادته هي من هذه المغالاة في التكلفة إذ إن الكثيرين وللأسف الشديد يظنون أن ذلك مما يرفع قدر الزوجة في عين زوجها ويدفعه للحرص عليها انطلاقا من القول بأن ما أخذ بالغالي لا يتم التفريط فيه بسهولة. الحلول 1 الدعوة لتوعية الناس عن طريق الإعلام والخطابة في المساجد بالحث على التقليل من المهور، والتخفيف منها اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في مهوره التي أمهرها زوجاته، والمهور التي قدمت لبناته، واقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم، والسلف الصالح في هذا الأمر، والتحذير من عواقب الإسراف والتبذير التي تنتشر أيام الزفاف، 2 المساهمة في إقامة الحفلات الجماعية: والغرض منها تخفيف أعباء تكاليف وليمة الزواج، والقضاء على مظاهر الترف والبذخ، بتحضير الولائم الجماعية التي تجمع زيجات كثيرة، سواء لأفراد أسرة واحدة أو على مستوى الحي أو البلدة أو المدينة، ليحضرها أهل الأزواج دفعة واحدة. وإن لهذه التجمعات الكثير من الأهداف النبيلة في إعلان الزيجات، ورفع العنت عن كاهل الأهل والأزواج، والحث على التأسي بهذا المشهد، حتى يتحقق إجراء الزواج واقعا. ومثال ذلك ما قامت به إحدى محافظات مصر عندما " قررت محافظة أسيوط إقامة حفل زفاف جماعي يوم 18 أبريل 1999م وفي ملعب أسيوط الرياضي، يجمع 156 عريسا وعروسا... 3 فتح صناديق الزواج: ويكون ذلك من ميزانية الدولة، أو من مصارف الزكاة، أو الأوقاف الخيرية الخاصة بالزواج وغيرها. فيمكن أن يخصص للتزويج أو التيسير فيه ميزانية خاصة من ميزانية الدولة نفسها، ومن أمثلة ذلك "صندوق الزواج في دولة الإمارات العربية" الذي تأسس عام 1993. وهو مؤسسة حكومية تُعنَى بمنح الشباب منحاً مالية للزواج ، وهي منح تعطى ولا تسترد 4 عدم المغالاة في تجهيز الزوجة : إن شبابنا وابائنا في حاجة ماسة إلى النصح والإرشاد عند التجهيز للزواج وعليهم اتباع الهدي النبوي عندما بسط امور الزواج فها هو يزوج صحابي على خاتم من حديد واخر على ما معه من القران ، نحتاج رجال للقفز فوق (تابوهات) ومُسَََلَمَاَتَ تربعت في نفوس السابقين وتفشيها بين الناس ادى الى الاستدانة لكل من يريد الزواج ، إنني أناشد كل قرية أو نجع أو أي تجمع سكني بضرورة وضع ميثاق شرف أو إتفاق فيما بينهم بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية للثورة على هذه التقاليد والأعراف البالية بضرورة التخفيف من مصاعب الزواج كإلغاء الذهب مثلا أو الإكتفاء بجرمات قليلة وإلغاء الولائم الإكتفاء بالأجهزة الكهربائية الضرورية وعدم الإنجرار أو المماثلة لأحد ، يا سادة إن السجون اكتظت بالغارمين والأمر أبسط مما يتصور الجميع ، إن من يدعون إلى ترك الزواج على شاكلة خليها تعنس إنما هم دعاة الشيطان وأعوانه والله ورسوله منهم براء ، لسنا أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الذين ملؤا الدنيا عدلا وخلقا وتواضعا ، اقتدوا بهم لعل في سبيل ذلك النجاح والفلاح