«معاداة الصهيونية هى أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية». هكذا تحدث الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» مؤخرًا خلال حفل العشاء السنوى للمجلس التمثيلى للمؤسسات اليهودية فى فرنسا، وهو المناظر لمنظمة «أيباك» فى الولاياتالمتحدة، بحضور زعماء اليهود بفرنسا، مضيفًا أن بلاده ستطبق مفهوما عالميًا لمعاداة السامية، وستعتبر أن معاداة الصهيونية أحد أشكال جرائم الكراهية!! وقد برر «ماكرون» هذا الموقف بأن هناك زيادة فى الهجمات التى تنطوى على معاداة السامية لم تشهدها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، وتعهد بالتصدى لها بما فى ذلك سن قانون جديد لمواجهة جرائم الكراهية على الإنترنت، مشيرًا إلى أن فرنسا ستطبق مفهوم معاداة السامية كما حدده التحالف الدولى لإحياء ذكرى المحرقة.. وهو أمر مخالف للحقيقة إذ لا يستخدم تعريف التحالف الدولى عبارة «معاداة الصهيونية»، لكنه يقول إن إنكار حق الشعب اليهودى فى تحديد المصير.. أى على سبيل المثال القول «إن وجود دولة إسرائيل عمل عنصري» معاد للسامية. إضافةً إلى أن تعريف التحالف الدولى المذكور غير ملزم قانونًا لكنه يستخدم كمرجع عالمى؟!! ويأتى موقف «ماكرون» بعد محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو»، حسبما أعلن موقع «إسرائيل هيوم»، وهو ما يتفق تمامًا مع ما حدث فى يوليو 2017م على هامش الاحتفال بإحياء ذكرى تسفير الفرنسيين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قال «ماكرون» أمام «نتنياهو»: «لن نتنازل عن شيء إزاء معاداة الصهيونية؛ لأنها تمثّل نوعًا جديدًا من معاداة السامية». إذًا.. موقف «ماكرون» هذا ليس جديدًا، ولكنه يأتى وسط أزمات متتالية يواجهها الرئيس الفرنسى على الصعيد الداخلي، لا سيما مع تنامى نشاط حركة «السترات الصفر»، وهو ما يشير بموقفه هذا إلى محاولته لكسب الدعم لتعزيز حكومته عن طريق مغازلة اليهود وإسرائيل، خصوصًا أن هناك حالة من البرود الملحوظ فى العلاقات الفرنسية الإسرائيلية فى الآونة الأخيرة؟!! والمتابع للمواقف الإسرائيلية المطالبة دومًا باعتماد الصهيونية ضمن معاداة السامية، يمكن أن يلحظ الفائدة الكبيرة التى ستجنيها إسرائيل من قرار كهذا، إذ أن أى انتقاد لإسرائيل وممارساتها العنصرية والقمعية ضد الفلسطينيين سيُعد أمرًا مجرمًا وفق التوجه «الماكروني» الأخير، ولهذا كان التأييد السريع لموقف «ماكرون» من جانب «المؤتمر اليهودى العالمي» أمرًا مبررًا تمامًا حيث اعتبر المؤتمر اليهودى أن موقف الرئيس الفرنسى -رغم أهميته- ليس كافيًا إذ أن هناك إجراءات طويلة يجب اتخاذها عالميًا لإسكات كل الأصوات المناوئة لدولة الكيان الصهيونى!!