قال الدكتور محمد فودة، المستشار بهيئة قضايا الدولة، تعقيبا علي ما ورد بكلمة المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية للدستور في الجلسة العامة الأربعاء، أن ثورة 25 يناير، التي كانت العدالة الاجتماعية من أهم مبادئها، لم تصل إلي المستشار حسام الغرياني الذي قام بالجلسة العامة بالجمعية التأسيسية بتوجيه أعضاء الجمعية التأسيسية والتدخل في سير العمل الفني للجمعية وهو ما يخالف أساليب وضع الدساتير في العالم، وهو ما اثار حفيظة أعضاء الجمعية كما انه يتنافي مع طبيعته كرئيسا للجمعية، كما انه افتقد معه إلي مبدأ الحيدة. وأوضح فودة، في تصريحه لموقع أخبار مصر، أنه كان يتعين علي المستشار الغرياني ان يتجرد من أي مواقف شخصية أو فئوية وينظر إلي تحقيق الصالح العام، وذلك عندما اتفق أعضاء لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية علي تحويل أعضاء هيئة قضايا الدولة إلي نيابة مدنية تتولي تحضير الدعاوي المدنية والتجارية لسرعة الفصل في القضايا، فضلا عن الاستفادة من أعضاء النيابة الإدارية بتوليهم الدعاوي التأديبية والادعاء العام التأديبي وتكون تبعيتهم للنائب العام وتوفيرا للخزانة العامة للدولة وضخ أعضاء هاتين الهيئتين الذين تزخر بهم الدولة من علم وكفاءة علي أعلي مستوي قانوني فضلا عن انهم أصحاب مراكز قانونية متماثلة لأقرانهم بالنيابة العامة والقضاة ولزيادة عدد القضاه وحلاً لهذه الأزمة. الا ان المستشار الغرياني انتفض ومعه رفيقه الدكتورعاطف البنا معترضين علي ذلك الأمر بل وفرض المستشار الغرياني رأيه علي أعضاء الجمعية فاقدا حيدته كرئيس للجمعية التأسيسية ومحاولة تأثيره علي أعضاء لجنة نظام الحكم الأمر الذي قد يفقدهم استقلالهم في عملهم. وقال فودة مذكرا بأنه عندما عقد مؤتمر العدالة الأول عام 1986 أوصي بانشاء نيابة مدنية لتحضير الدعاوي المدنية والتجارية للفصل فيها من القضاء علي وجه السرعة وهو ما يسمي بقاضي التحضير وهو معمول به في دول ونظم قانونية كثيرة مثل فرنسا وبعض الدول الانجلوسكسونية وبذلك تتحقق العدالة الناجزة، كما ان تأخير سرعة الفصل في القضايا عمل علي هروب فرص الاستثمار من مصر بدلا من جذب المستثمرين خوفا من العدالة البطيئة مما يهدد هؤلاء المستثمرين بضياع حقوقهم فكانوا يلجأون إلي دعاوي التحكيم في الخارج بحجة انها أسرع مكلفين الدولة مبالغ طائلة. وفى نادى النيابة الإدارية، أمس، عقد المستشار عنانى عبدالعزيز، رئيس الهيئة، اجتماعا مع مديرى النيابات على مستوى الجمهورية تطرقوا فيه إلى ما قاله الغريانى وأعلنوا عن رفضهم له جملة وتفصيلا. فى السياق نفسه قال المستشار إسلام إحسان، بالمكتب الفنى لرئيس الهيئة، إن ما حدث من المستشار حسام الغريانى فى اجتماع اللجنة العامة للجمعية التأسيسية مرفوض وغير مقبول على الإطلاق، حيث استغل موقعه كرئيس للجمعية التأسيسية ليتحدث منفردا لمدة جاوزت الساعة، ليعرض وجهة نظره وحده أمام الرأى العام، دون أن يسمح لأحد بالتعقيب عليه، متعللا بنظام الجلسة حتى لا تكتمل الحقيقة أمام الشعب. وتساءل إحسان: من الذى فوض الغريانى الحديث باسم شعب مصر؟! فالغريانى فزع من النص على الهيئات القضائية فى الدستور وتطوير منظومة القضاء واعتبره خطيئة كبرى، ولم يفزعه مأساة استمرار ندب القضاة إلى الوزارات والهيئات والشركات للعمل كمستشارين قانونيين، رغم أن هذه هى الخطيئة الحقيقية التى ارتكبتها الجمعية التأسيسية. وأضاف «إحسان» أن «الغريانى» قال: إن النيابة الإدارية أنشئت لمحاسبة القيادات الإدارية، ولم يعرف أنها لم تُمكن من أداء دورها هذا على مدار خمسين عاما، ورغم ذلك يرفض إنهاء هذا العوار التشريعى وإزالة هذه العوائق التى تحول دون أداء النيابة الإدارية لدورها، إذ لا سبيل لإزالة هذا العوار إلا بالنص على النيابة فى الدستور لحماية اختصاصاتها من تغول السلطة التنفيذية والتشريعية عليها. ووجه «إحسان» حديثه للغريانى قائلا له: «إذا كان لديك حل بديل لحماية اختصاصات النيابة الإدارية وصيانتها دون النص فى الدستور فقله لنا، أما أن نترك الأمر لإرادة الحكومة وللقانون فهذا عبث وكلام غير مقبول؛ لأنه لا يتصور أن يأتى وزير أو محافظ يقيد نفسه ويقيد صلاحيته بيده». المستشار إسلام إحسان: إدارة الحكومة للهيئة «عبث».. واستمرار ندب القضاة «خطيئة» واستشهد «إحسان» على قوله بأنه منذ قيام الثورة وحتى الآن، رفض وزيرا العدل السابقان مجرد النظر فى مشروع تعديل قانون النيابة الإدارية، رغم أنه كان أول قانون يجب تعديله بعد أن انهالت آلاف الشكاوى على النيابة التى وقفت عاجزة عن اتخاذ إجراءات رادعة وفعالة لمجابهة الفساد. من جانبه قال المستشار أحمد جلال، عضو مجلس إدارة نادى النيابة الإدارية، إن الغريانى لم يعترض على وجود باب كامل للأجهزة الرقابية فى الدستور، بينما علل لنفسه ووجد التبريرات لعدم النص على النيابة الإدارية كهيئة قضائية مستقلة، مما يكشف عن عدم حياده. وأضاف «جلال» أن مطالب أعضاء الهيئة بالنص عليها فى الدستور ليست مطالب فئوية؛ لأنها وفقا للقانون هيئة قضائية مستقلة، ولا بد من تحصينها دستوريا لضمان عدم تغول السلطتين التشريعية والتنفيذية عليها، خاصة أنها مناط بها مكافحة الفساد. وأشار إلى أن تبرير الغريانى برفض النص على الهيئات القضائية فى الدستور يعتبر استحداثا على الدساتير المصرية، وكان جديرا به أن يهتم بإيجاد حلول لمشكلة بطء التقاضى التى يعانى منها القضاء بدلا من الحديث عن إقصاء الهيئات القضائية من الدستور.