يصادف هذا اليوم الموافق الثلاثاء 20 من شهر فبراير اليوم الذكري الخامسة عشر علي رحيل الشيخ القارئ عبد العزيز حربي الذي يعد من عمالقة مقرئي القرآن ترتيلا وتجويدا وسط مائدة قرآنية مصرية كبيرة أثبتت في عصرها الذهبي أن مصر هي البلد التي صدرت مدارس التلاوة القرآنية إلي بلدان العالم الإسلامي بلا منازع. كما انه يعتبر أحد عمالقة دولة التلاوة ليس في مصر وحدها وإنما في العالم الإسلامي كله وهو ظاهرة جديرة بالاهتمام بما كان له من مكانة بين حفظة كتاب الله وهو من أفضل من جود القرآن الكريم في الإذاعة والتليفزيون المصري ولم يكن مجرد قارئ للقرآن أو صاحب صوت يهز الوجدان بل كانت القراءة عند علماً له أصوله وقواعده وقراءته المختلفة . ولد الشيخ عبد العزيز حربي في الثاني من أكتوبر عام 1920 ونشأ في منطقة الزهراء بعين شمس بالقاهرة ،وحفظ القرآن في طفولته علي أيدي أكبر المشايخ في زمانه وقرأ القرآن بمدارس ومذاهب مختلفة وأحب المديح والإنشاد الديني والانتماء إلي الطرق الصوفية وكون صداقات كبيرة مع مشايخ عصره وهو العصر الذهبي لمقرئي القرآن في مصر، وقد جاهد كثيرا وأدي اختبارات مختلفة تجاوزها حتى كتب الله له النجاح والقبول بالإذاعة المصرية عام 1939التي كانت موجودة بشارع الشريفين في زمانه وكان كثيرا ما ينتقل إليها ماشيا من عين شمس لأداء واجبه من قراءة وأذان علي الهواء مباشرة وكما يروي أبناؤه وأصدقاؤه بسبب ندرة وسائل المواصلات في تلك الفترة، حصل على شهادات كثيرة في حفظ القرآن الكريم في فترة الخمسينيات من بعض المراكز الإسلامية التي تعتني بحفظ القرآن الكريم. كان الشيخ حربي ومعه رفيق عمره الشيخ فتحي المليجي ينتميان في القراءة إلي مدرسة الشيخ مصطفي إسماعيل، قال عنه الشيخ الشعرواي إذا أردت صوتا قويا قادر علي تصوير الآيات القرآنية فاستمع إلي الشيخ حربي ويرجع ذلك إلي أنه كان إذا ذكر الجنة جعل المستمع يشعر بجمالها ومباهجها، وإذا ذكر النار فإنه يشعر في النفوس الخوف والرهبة منها وهو ما لا نجده في الأصوات الحالية الآن، وقال عنه الشيخ أبو العنين شعيشع أن صوته كالجبل بسبب الرهبة التي كان يدخلها علي النفوس وبسبب قوة الصوت وجمال التلاوة بسبب صوته الجلي وقيل أيضا أنه عندما كان يتلو كأن الحوائط أيضا كانت تستمع إليه بسبب إبرازه للمعاني القرآنية وقدرته الفائقة علي تطويع صوته لتصوير المعاني والقصص القرآني وتمكنه في معايشة النص القرآني أداءا ومعني ، وقال عنه الشيخ عطية صقر أنه معجزة لن تتكرر، وقال عنه بعض النقاد أنه صاحب السورة والصورة، صاحب السورة لجمال تلاواته القرآنية ومنها سورة البقرة ومريم ويوسف وفصلت وفاطر وغيرها من السور، وصاحب الصورة لأن الله قد وهبه بسطة في الجسم وجمال الوجه، وفى سنة 1975 سافر الشيخ حربي إلى المملكة العربية السعودية وقرأ القرآن الكريم بالمسجد الحرام وقد نال صوته وقراءته الخاشعة إعجاب جميع الحاضرين هناك وقد نال الشيخ حربي جائزة خاصة من عاهل المملكة العربية السعودية وقت ذلك، وكان الشيخ حربي رحمه الله يقرأ القرآن الكريم في الحفلات الدينية وكان يقنع بالقليل من الرزق دون طلب ولا يأخذ من الفقراء أجراً على التلاوة عندما يدعوه للقراءة عندهم، ويقول الشيخ عبدا لله عمران مقرئ الإذاعة وإذاعة فلسطين وصوت العرب: الشيخ حربي معجزة قرآنية وموهبة فذة لا تتكرر مرة أخرى في دولة التلاوة ،أما الشيخ أحمد محمد عامر القارئ بالإذاعة والتليفزيون ونقيب القراء بمحافظة الشرقية قال بان فقدان الشيخ عبدا لعزيز حربي يعد فاجعة لدولة التلاوة وعزائي الوحيد الدعاء إلى الله أن يعوض أهله ومحبيه وعشاقه عنه خيراً ويكفيه شرفاً وفخراَ أن صوته تطرب منه الأذان وستظل ذاكرة للأبد وسيظل مدرسة في دنيا التلاوة لتفرده في تلاوته للقرآن وحسن خلقه ودماثة طباعه وكان فنياً كالريحانة في بستان الزهور. ويقول الشيخ سيد متولي القارئ بالإذاعة والتليفزيون الشيخ عبدا لعزيز حربي رحمة الله علامة فارقه وبارزة في دولة التلاوة، وتشعر وأنت تسمعه وكأنك في الكعبة المشرفة، وكان رحمة الله يعطى كل حرف في الكلمة حقه ومستحقة ، ويصفه ويصنفه الشيخ الجليل أحمد نعينع باعتباره رحمة الله من الرعيل الأول وأستاذ جليل وهو قارئ متقن أداءا وصوتاً ويتمتع بالأداء الدقيق والصوت الجميل وبتعايش مع كتاب الله أثناء التلاوة ، ومن أجمل صفاته اعتزازه بإخوانه القراء،ويقول سعد عبدا لله مدير إدارة الإذاعات الخارجية والمناسبات بالإذاعة: كان الشيخ على علاقة الطيبة مع زملائه ومع الناس جميعاً أنه كان فناناً بارعاً فى تلاوة القرآن وإجادة أصول أحكامه بصوت المتمكن لأصول التجويد وقواعد الترتيل على أساس متين مع المحافظة على مخارج الحروف والوقف والابتداء،وقال عنه الشيخ احمد الرزيقي الأمين العام السابق لنقابة قراء ومحفظي القرآن بجمهورية مصر العربية والقارئ بالإذاعة من أن الله قد وهبه أذاناً موسيقية وصوتاً مرهفاً وطريقة فريدة في الأداء والإبداع القرآني حتى نال شهرة فائقة ومكان مرموقة في الصيت والشهرة وعلو المنزلة بنبراته القوية وعذوبة صوته الحسن مع إجادة الأداء والإتقان لأحكام القراءة والتلاوة فكان في مقدمة القراء الكبار الإذاعيين الذين نالوا شهرة كبيرة،وقال عنه الشيخ عثمان الشبراوي قارئ بالإذاعة والتليفزيون بأنه سيظل مدرسة في دنيا التلاوة بمصر والعالم الإسلامي، ويقول الشيخ محمد عبدا لعزيز حصان رحمة الله أن الشيخ عبدا لعزيز حربي من أعلام الإذاعة المصرية في قراءة القرآن الكريم وتمنى من الإذاعة تكرار سماع اسطواناته وأدائه الغزير،كما قال عنه القارئ الشيخ محمد ألليثي رحمة الله بأنه كان أخ كبير وأستاذ فى القراءة وصاحب موهبة في قراءة القرآن وهو مدرسة كبيرة وعبقري من عباقرة التلاوة في مصر وكان رحمة الله لا يحق على أحد وكان ذو خلق حسن رحمة الله تعالى ،ومن الصفات الجميلة التي كان يتميز بها رحمه الله لي ذلك اهتمامه الشديد بملابسه الفضفاضة والجميلة التي تناسب شرف أداء القرآن لأنه يعتبر من جيل العمالقة وكان سفيرا ذو قيمة كبيرة لمصر في البلدان العربية والإسلامية وغيرها من البلاد التي سافر إليها في مهمات دينية واحتفالات إسلامية وغيرها من المهمات الخارجية. لقد كان هذا الشيخ يمشي ونور القرآن والتلاوة تتلألأ منه وقد أجاد وأفاض حتى ترك لنا كنزا من العطاء يضاف إلي ذخائر عطاء مقرئينا القدامى الذين خصوا مصر بصفة جميلة تؤكد من خلال تميزها وتفردها في أداء وتلاوة وترتيل القرآن بأنها في رباط إلي يوم القيامة، جزآنا الله خيرا بهم وبما تركوه لنا ولأجيالنا حتى نراهم وكأنهم بهذا النور الرباني يعيشون بيننا ومهما أعطيناهم حقهم فلن نوفيهم هذا الحق لأن الله هو الذي سوف يجازيهم علي هذا العطاء الذي لا ثواب عنده إلا الدرجات العلي من الجنة، وقد ترك لنا هذا الشيخ ذرية طيبة من أبنائه وأحفاده لمواصلة مشواره وعطاؤه في أداء القرآن وبخاصة صوت حفيده الشاب محمد سعيد عبد العزيز حربي الذي سيكون له مستقبل باهر في التلاوة بين مقرئينا الآن ، وقد وافته المنية يوم الخميس 19 من ذي الحجة 1423 ه الموافق 20/2/2003م