خرجت الصحف المصرية الثلاث "الأهرام والأخبار والجمهورية "، فى مثل هذا اليوم 2فبراير 1974، وعلى صفاحتها الأولى خبر مكون من ستة سطور سبق إذاعته فى نشرة البرنامج العام بالإذاعة المصرية الساعة الحادية عشرة مساء يوم 1فبراير ويشمل قرارالرئيس السادات بتعيين الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل مساعدا لرئيس الجمهورية وإعفائه من رئاسة الأهرام ، وتولى الدكتور عبد القادر حاتم رئاسة المؤسسة الصحفية الأكبر فى المنطقة العربية. كان الخبر وحسب أقوال أحد شهوده وتلميذ هيكل الكاتب الصحفى صلاح منتصر حديث مصر والعالم العربى بصورة عامة وبعض العواصم العالمية، ويذكر منتصر رأيه فى سرده لوقائع القصة فى ثلاث مقالات له نشرتها المصرى اليوم بدءا من 9 فبراير 2015. لم يكن هيكل صحفيا لامعا محليا وعالميا فقط وإنما كان جزءا من القرار السياسى أثناء حكم عبد الناصر والسنوات الأولى من حكم السادات، وبالتالى فخروجه من الأهرام أثار تكهنات محلية وعربية وعالمية عما ستكون عليه مصر فى المستقبل ، كما كان الخبر صدمة هائلة للعاملين فى مؤسسة الأهرام خاصة بعد أن جعلها واحدة من كبريات المؤسسات الصحفية العالمية وبدأت قصته معها منذ أن تولى رئاسة تحريرها يوم 31 يوليو 1957 وكان عمره 34 سنة فقط . ويروى صلاح منتصر أن "فرانسوا ميتران" المرشح للرئاسة فى فرنسا والرئيس فيما بعد كان ضيفا على الأهرام بدعوة من هيكل فى نفس الليلة التى أذاع الراديو فيها خبر الإعفاء، وكان مقدرا أن تتم إذاعته فى نشرة الساعة الثامنة ونصف طبقا لأوامر الرئيس السادات ولكن عبد القادر حاتم كوزير للإعلام أذاعه فى الحادية عشرة وبرر حاتم للسادات هذا التأخير بأنه سيكون من عدم اللياقة إعلاميا إذاعة الخبر ثم إذاعة خبر سفر ميتران عائدا لبلاده مما قد يجعل المستمع يربط بين الاثنين، ولكن حاتم وطبقا لرواية صلاح منتصر أقدم على هذا التصرف ليكون فى وقت متأخر ومع برد الشتاء ستفوت أية فرصة اى تصرف غاضب قد يحدث ممن عاشوا مع هيكل 17 عاما فى المؤسسة. ذهب هيكل إلى الأهرام ليحمل كتبه وأوراقه من مكتبه بعد استئذان حاتم وحسب منتصر "خرج فى الساعة الثانية بعد الظهر إلى مائدة الديسك المركزى التى يعقد فيها اجتماعه اليومى لمناقشة اختيارات الصفحة الأولى وفى هذه المرة تحولت إلى مايشبه مدرج الاستاد لكثرة المتوافدين من أقسام الصحيفة، وما أن جلس وقبل أن يفتح فمه سبق الاستاذ ممدوح طه رئيس قسم الأخبار وهو يحاول التغلب على مشاعره "يا استاذ هيكل: يعز علينا "وقبل أن يكمل كلامه قاطعه الاستاذ هيكل لالالالالالا بلاش الكلام فارغ ده ..المهم أن تحافظوا على مؤسستكم وداركم ..وأنت حتقول خطبة عصماء؟؟..وأنا لى 16 سنة ونصف رئيس تحرير الأهرام وأريدكم أن تحافظوا على وحدتكم لأنى بصراحة خايف عليكم من داخل الأهرام وليس من خارج الأهرام ..واذا تصور أحد أنه يستطيع ضرب ده فأنتم جميعا ستخسرون ". وكان منتصر ممن حضروا الاجتماع وقال لهيكل وهو يحاول أن يسيطر على مشاعره :"استاذ هيكل إحنا بنتكلم وكأننا بنطوى صفحة وانتهت فى الأهرام ..الا يمكن أن تكون إجازة قصيرة تعود بعدها إلينا إن شاء الله"..فقال هيكل بنصف ابتسامة "بالنسبة لى صفحة انتهت ولايمكن أن ارجع". دخل عبد القادر حاتم الأهرام ومعه على أمين مديرا للتحرير بعد عودته من لندن حيث ظل فيها 9 أعوام منذ القبض على شقيقه مصطفى أمين بتهمة التجسس ..وحسب أحمد بهاء الدين أحد كبار الكتاب بالأهرام وقت ذاك "قوبل على أمين بجو من العداء الشديد من كل من فى جريدة الأهرام ..وهم أصحاب الولاء الطبيعى لهيكل ومدرسة الأهرام"..ويضيف أحمد بهاء "انه كان على امين يرى فى كل محرر أو عامل أو فراش مندوبا لهيكل وخصما له..كما تبين لى أن على أمين كان يريد تغيير شكل جريدة الأهرام إلى جريدة أشبه بشخصية أخبار اليوم التى أسهها مع مصطفى امين.