نجحت ثورة 25 يناير فى اخراج أجمل ما فى الشعب المصرى. ومشاركته فى حل قضايا المجتمع من خلال بعض منظمات ومؤسسات المجتمع المدنى الذى تحولت بعضها إلى مؤسسات تنموية تسعى إلى خلق مجتمع جديد تساهم فى حل مشاكله. ولعل بعض النماذج التى تطرحها السطور القادمة تقدم لنا أفضل ما أخرجته ثورة 25 يناير. من هذه المؤسسات كانت مؤسسة «أهل مصر» التى خرجت من رحم الثورة على يد هبة السويدى وهى سيدة حملت هموم مصابى الثورة وعلاجهم، ومن هذه الفكرة خرجت مستشفى ومؤسسة أهل مصر والتى تأسست عام 2013 والتى تهدف إلى إحداث ثورة فى مفهوم العمل الخيرى والتطوعى والرعاية الصحية فى مصر، حيث تمكنت من خلال فريقها المتخصص أن تلقى الضوء على قضية مصابى الحروق وعلاجهم بالمجان، لتكون المستشفى الأولى والأكبر من نوعها فى العالم لتخدم ضحايا الحروق فى مصر والشرق الأوسط وإفريقيا. ومن أهل مصر إلى «أحلام الشباب» الذين كانوا هم أيقونة الثورة فكانت فكرة «اسمعونا» التى خرجت على يد شباب يعشقون العمل الخيرى ونجحوا خلال فترة قصيرة فى أن يحدثوا فرقا فى العمل التطوعى حيث كانت أهم مبادئها إعادة بث الأمل بعيدًا عن السياسة بتنفيذ مبادرات شعبية على أرض الواقع فساهموا بعدة حملات منها حملة القضاء على فيروس «سى» بالتعاون مع مؤسسة الكبد المصرى، ومؤخرًا بحملة قومية كبيرة باسم «عنيك فى عنينا» لمكافحة العمى حيث أكد مصطفى زمزم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة «صناع الخير» ومنسق عام المبادرة أن مكافحة العمى هو أحد الأهداف التى نسعى من خلالها إلى تقديم خدمات إنسانية وطبية ذات جودة عالية بالمجان للفئات الأكثر احتياجًا فى مصر. وأشار إلى أن مبادرة «عنيك فى عنينا» تقدم نموذجًا ناجحًا فى التعاون بين القطاع الخاص متمثلًا فى بعض المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدنى «مؤسسة صناع الخير». وتستهدف إعلان مصر خالية من مسببات العمى فى 2020 والقيام بعمل مسح لأكثر من 100 ألف مواطن سنويًا وإجراء 20 ألف عملية عيون، بالإضافة إلى تقديم 50 ألف نظارة طبية وأدوية بقيمة 5 ملايين جنيه سنويًا. نماذج أعمال الخير كثيرة وظهرت فى مشروعات متعددة منها مستشفى شفاء الأورمان التى تكلفت حتى الان أكثر من 850 مليون جنيه كانت تبرعات من مواطنين مصريين. وأقيمت المستشفى على مساحة 15 ألف متر مربع، وتحتوى على عدد (100) سرير ينقسم إلى (50) سريرًا للعلاج الكيميائى وعدد (50) سريرًا للغرف العلاجية وسوف تقوم المستشفى باستقبال وعلاج المرضى من كافة الأعمار فى محافظاتأسوان – الاقصر – قنا – سوهاج – البحر الاحمر والوادى الجديد وهى المحافظات الرئيسية التى تستفيد من مستشفى شفاء - الاورمان ، وتم التركيز على هذه المحافظات لأن هذه المناطق هى أقل محافظات يوجد بها خدمات طبية لعلاج امراض السرطان كما أنها بعيدة عن محافظة القاهرة. ومثلها كان توسعة مستشفى 57357 وإنشاء مستشفى 500500 وغيرها من المبادرات التى اعتمدت على تنمية البحث العلمى لخدمة التنمية المستدامة فى مصر. الشركات والقطاع الخاص اتخذت مبدأ المعيشة المستدامة لتنمية الفئات الفقيرة وتوفير فرص عمل لها بدلا من الاعتماد على توفير نفقة شهرية لها. من هذه الافكار خرجت عدة مبادرات حولت السيدات المعيلات إلى «سيدات أعمال» ومنها مشروع «زينب» وهى تجربة فريدة من نوعها، قامت بها مؤسسة تابعة لإحدى الشركات لمواجهة بطالة السيدات خاصة فى المناطق الشعبية البسيطة حيث وفرت المؤسسة 400 فرصة عمل حقيقية للسيدات لبيع منتجاتها داخل المنازل بالأحياء التى يسكنون فيها بالإسكندرية ليستمر المشروع الذى بدأ عام 2012 وتستمر رحلة النجاح. للسيدات المتميزات فى المشروع كما يقول المهندس علاء حسب الله مدير العلاقات الخارجية بالشركة والذى أكد أن المشروع المشروع بدأ ب30 سيدة ووصل عدد السيدات المستفيدات من المشروع إلى أكثر من 2000 سيدة بدأنا بتدريبهن على فنون المبيعات وتشجيعهن على النزول إلى المنازل لبيع منتجات مؤسساتنا، وهى منتجات سريعة الدوران. منهن من وصل حجم مبيعاتهن فى الشهر إلى 10 آلاف جنية مما ساعدهن على العمل الشريف وتحقيق مكسب ومساعدة الأزواج على نفقات الحياة المتزايدة خاصة بعد ثورة 25 يناير. المشروع حقق فرص عمل حقيقية للمرأة المعيلة، وفتح فرص عمل مباشرة لمئات السيدات، وحققت مبدأ أنت تكسب ونحن معك، لتوفر سيدة واحدة فرصة عمل ل20 سيدة أخرى ضمن مشروعات المعيشة المستدامة 2020. مشروع آخر تم من خلاله توفير فرص عمل للشباب خاصة فى الصعيد هو مشروع «سفير» لريادة الأعمال لتوفير فرص عمل لهم لبيع المنتجات من خلال «تريسيكل» يشتريه الشاب ليعمل عليه ويبيع المنتجات التى توفرها لها الشركات «بدون أية ضمانات» سوى المسئولية الاجتماعية التى التزمت بها الشركة تجاه المجتمع . ليصل عدد الشباب الذى يعمل فى المشروع حاليا إلى 455 شابًا ونستهدف ادخال 500 شاب هذا العام. مشروع آخر استهدف دمج ذوى الاحتياجات الخاصة وتوفير فرصة عمل لهم بالتعاون مع مؤسسات تهتم بهذه الفئات ومنها مشروع تم مع جمعية الحق فى الحياة والتى اعتمدت على تنمية مهارات الشباب ذوى الإعاقة الذهنية وتدريبهم على العمل اليدوى بتغليف منتجات الشركة التى يتم تقديمها فى عروض خاصة. لتكون النتيجة شبابًا يعمل ويحصل على أجر مقابل العمل وليس «إعانة» وهو فكرة كانت نتيجتها رائعة على كل الشباب الذين زاد عددهم وتحولوا إلى رائدى أعمال يطورون من أفكارهم وتعاونهم مع الشركة. أما مشروع «نور» وإرادة ففكرته بدأت بالشاب أحمد فوزى الذى كان يعمل فى احدى الشركات العالمية وأصيب بمرض أصابه بالعمى خلال عامين. وهنا كانت المسئولية الاجتماعية للشركة التى قررت تحويل كل أدوات العمل إلى «طريقة برايل» لتسهيل مهمة عمل الشاب فى شركته ليقوم هو أيضًا بتطوير أعماله وينفذ فكرة رائدة حملت اسم «إرادة» قام من خلالها بتشغيل المكفوفين وتدريبهم على تلقى طلبات الصيدليات من الشركة من خلال كول سنتر ليصبح لديه حاليًا 1000 صيدلية يتابعون طلباتهم من الشركة من خلال 38 شاب وفتاة دون أن تعرف الصيدليات أنها تتعامل مع كفيف يقوم بتسجيل الأوردر وسحبه من المخزن لتوصيله إلى الصيدلية بخطوات بسيطة من خلال جهاز كمبيوتر تم إعداده خصيصا لحالتهم كما تم تشغيل 23 بنتًا كفيفة تعمل فى الشئون الإدارية فى القطاع الطبى إلى جانب 25 فتاة كفيفة تبيع منتجات الشركة فى البيوت.