فى العام الماضى قال الرئيس عبدالفتاح السيسى:( إحنا مش عايشين فى دولة حقيقية. دى شبه دولة. نريد أن نكون فى دولة حقيقية دولة تحترم نفسها والعالم يحترمها). لم ينبع هذا القول من فراغ، فالرئيس يحدوه الأمل بأن تنطلق مصرصوب التقدم فى كل المجالات حتى تنعم بمواصفات الدولة الرائدة ذات الثقل. ولكن ما يحدث فى الداخل حتى الآن على أرض الواقع لا يمنح الأمل بانفراجة، فنحن نعيش زمن الفوضى حيث لا رابط ولا ضابط فى أى مجال.. فى التعليم، فى العلاج، فى المرور، فى الأسعار. بل إن كل يوم يمر ينبىء بأن القادم أسوأ، فالوضع ينذر بكارثة اجتماعية خطيرة بسبب التعليم المتدهور والوضع الصحى العقيم والذى يحتاج إلى علاج حاسم وباتر. ولهذا تظل الأوضاع فى الداخل مدخلا للتشاؤم الذى بات يسكن كل مواطن. التعليم فى انهيار ولا أدل على ذلك من المسح الذى تجريه منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والتى أعلنت فى مايو الماضى عن خروج مصر نهائيا من قائمة التصنيف عالميا فى جودة التعليم حيث احتلت مصر المركز قبل الأخير. ورغم هذا رأينا أن وزير التربية والتعليم يحلم بنظام جديد ومبتكر للتعليم. ولا غرابة، فالواقع التعس البائس للتعليم فى مصر اليوم لا يمنع من أن يحلم المرء بالنقيض لعل وعسى.أما المجال الصحى فحدث ولا حرج، فلم يعد العلاج حقا مكفولا لكل مواطن. هذا بالاضافة إلى تردى الأوضاع فى المستشفيات.أما ثالثة الأثافى فتمثلها القمامة التى تعد مشكلة المشاكل فى مصر إلى الحد الذى وصل بها الأمر إلى أن تتراكم على القضبان فتتعثر معها حركة المترو والقطارات. وتقف الدولة أمامها عاجزة لا تملك حلا سحريا للتخلص من هذا الطاعون.والغريب أن تفرض الدولة ثمانية جنيهات على ايصال النور تحت بند النظافة. ويبدو أنها اتاوة يدفعها المواطن مجبرا فى معرض الامتنان والتقدير لما تقدمه الدولة من زبالة الطريق. وسط هذه الحالة المتردية فى الخدمات تجابه المواطن زيادات غير محتملة فى أسعار السلع الاستهلاكية رغم تصريحات الدولة يوميا عن حرصها على المواطن ومراعاتها لمحدودى الدخل. وأخشى ما أخشاه أن تصل المراعاة إلى الحد الذى يتحول معه المواطن ليصبح معدوم الدخل. الغريب أنه لا توجد آلية لمواجهة الظاهرة ولا يتم تفعيل جهاز حماية المستهلك للمساعدة فى ضبط الأسعار. ويبدو أن ثورة 25 يناير 2011 قد عكست أسوأ مافى المواطن من موبقات فبتنا نعيش زمن الفوضى والسلوك الهابط المنهار حيث لا ضابط ولا رابط ولا قانون ولا ردع. وبالتالى مضى كل فرد يعمل كل ما يروق له غير عابىء بقانون أو قيم. ويكفى ما نراه فى الازدحام الصاخب فى الشوارع والمرور الذى يجثم على صدر الجميع والشارع الذى اجتاحته جماعات التسول وقاطعى الطرق بالاضافة إلى سعار التحرش.حتى الكلاب الضالة ترك لها العنان فتمكنت من دخول المدارس والأندية الرياضية كى تمارس هوايتها فى عقر الأطفال. ولا يملك المرء وسط هذا المشهد إلا أن يقول: ( عفوا سيدى الرئيس نحن بذلك لا نعيش فى دولة حقيقية ولا حتى شبه دولة، فكل ما يحدث فى داخل مصر يؤكد أنها باتت لا دولة).