قامت الدنيا ويبدو أنها لن تقعد بسبب فيلم «الشيخ جاكسون» للمخرج عمرو سلامة، الذى طرحه مؤخرًا فى دور العرض ومهرجان الجونة السينمائى وحقق ضجة إعلامية كبيرة سبقت عرضه بعد الحديث عن ترشحه للأوسكار. الفيلم الذى يدور حول خبر وفاة المغنى العالمى مايكل جاكسون الذى هز العالم يوم الخميس 25 يونيو 2009، يجيب عن عدة تساؤلات، أبرزها ما الذى يربط شيخ وإمام مسجد بأسطورة الغناء الأمريكى؟ وهل يستطيع الشيخ ممارسة حياته بشكل طبيعى أم تعود به ذكرياته وعلاقاته بمن أحبهم وترسخوا فى وجدانه؟ وهل بطل الفيلم هو الشيخ أم جاكسون أم الاثنان معًا فى قلب واحد؟!. الفيلم رغم عاصفة الجدل حوله حقق إيرادًا يوميًا وصل إلى 540 ألف جنيه، ليصل الإيراد خلال أقل من أسبوع إلى 2 مليون و700 ألف جنيه. ويتوقع النقاد خلال استمرار عرض الفيلم الأسابيع القادمة، أن يحقق إيرادات جيدة رغم الحملة الشديدة ضده. يتناول «الشيخ جاكسون» أطوارا متناقضة فى حياة الشيخ خالد هانى رجل الدين الذى يعيش حياة صارمة متشددة على نفسه وعلى أسرته ومع زوجته وابنته، ورغم ذلك كان يعشق المغنى مايكل جاكسون، وكان يلقبه الجميع ب«الشيخ جاكسون». ليرصد الفيلم صراع الايمان والهوية ممثلا فى الشيخ «هانى» بعد وفاة مطربه المفضل جاكسون وهو الأمر الذى أدى إلى الحملة الشديدة والاتهامات الموجهة للفيلم والتى تشبه إلى حد كبير الحملة التى تم شنها على عادل إمام بعد أفلامه عن التطرف والإرهاب. كما طالت حملات مشابهة فيلم «لى لى» للفنان عمرو واكد ودارت فكرته حول أئمة المساجد، وفيلم مولانا والذى كانت تدور أحداثه حول أحد أبرز الدعاة الإسلاميين النافذين عبر وسائل الإعلام. عاصفة من الهجوم لكن الجديد هو الهجوم الذى شنه علماء أزهريون ودعاة سلفيون على الفيلم وصناعه وطالبوا بوقفه لإساءته للدعوة والدعاة وكان أبرز المتشددين الداعية السلفى سامح عبد الحميد والذى أصدر بيانا رسميا انتقد فيه الفيلم وترويجه بهذا الشكل، مشيرًا إلى أن الفيلم يحمل إهانة للشيوخ، سواء من خلال القصة التى تصور البطل وهو يتعامل بعنف مع أسرته ويعيش حياة صارمة متشددة ولم يتوقف انتقاد عبد الحميد للفيلم فقط بل اعتبره امتدادًا لأعمال عادل إمام التى تُظهر المُتدين الملتزم بشكل مُنفر مُقزز على هيئة شاب جاف غليظ مريض نفسيًا؛ ضحية تربية مُشوهة وعنف أسرى قديم، ومن هنا كانت مطالبته بوقف عرض الفيلم خاصة أن الرقابة اعترضت على اسمه. شيوخ أزهريون انتقدوا الفيلم بشكل قوى وعنيف وطالبوا بوقف عرضه فورًا، بل اعتبروا أن السينما تسلط الضوء على المتدينين وأصحاب الدعوة بصورة سلبية، وبشكل مثير للتهكم والسخرية، وأن هذه الأفلام تدخل ضمن إطار حملات التشوية ضد الأزهر. بل وصلت الاتهامات للفيلم لأبعد من ذلك بأن الهدف منه إفساد المجتمع وطالب بعضهم بمشروع قانون لتجريم إهانة الأئمة والزى الأزهرى فى الأعمال الفنية والدرامية. الفيلم بعيدا عما أثاره من جدل دينى كانت عليه بعض المآخذ الفنية فرغم أن الفيلم كما ذكرت الناقدة الكبيرة ماجدة الجندى فى إحدى مقالاتها النقدية عن الفيلم الذى اعتبرته يتعامل مع «المكون الدينى» وربما ولاول مرة، من منظور «الحالة المجتمعية» الصرفة... فيلم يدخل بنا إلى حيز، واحدة من اهم قضايانا الملحة، تلك المتعلقة «بالهوية»، وعن امكانية ان يعيش الإنسان ولا يخسر دينه، أو مدى ان يكون مسلما و يعيش الدنيا. (الشيخ وجاكسون) معًا...الشيخ «الرمز، والمطرب الرمز» مايكل جاكسون.. وفيلم أعتقد أنه «أهم» فيلم، مصرى يقترب فنيا من قضية الهوية. وترى أن «الشيخ جاكسون» فيلم «يركب الصعب».. ويعيد مع «المتعة» ملكة «التفكير». إلا أن موقع «هوليود ريبورتر» اعتبر أن مخرج الفيلم عمرو سلامة يلعب على وتر حساس فى المجتمع الإسلامى، من خلال القصة التى تجعلنا نتعاطف مع الشخصية فى جميع مراحلها من رجل الدين الإسلامى الذى يعيد النظر فى هاجس مراهقته المرتبط بمايكل جاكسون. وعدد بعض النقاد على نفس الموقع بعض سلبيات الفيلم وأهمها عدم الاستعانة بموسيقى مايكل جاكسون الحقيقية وهو ما رد عليه صناع الفيلم بسبب عدم القدرة على الحصول على ترخيص بأغنياته الأصلية والاستعانة بموسيقى « مقلدة « اعتبرها النقاد كانت بعيدة نهائيًا عن موسيقى جاكسون». تربص إلا أن مخرج ومؤلف الفيلم عمرو سلامة أكد على قناعته التامة بالفيلم وقال فى تصريحات صحفية «لن ألتفت إلى الهجوم، وسعيد جدًا باستقبال الناس للفيلم فى دور العرض وأطالب المتشددين الذين يتهموننى بتشويه رجل الدين بمشاهدة الفيلم بعين محايدة دون تربص، وسوف يجدون أنه فيلم عادى جدًا وبرىء من كل الاتهامات التى ألصقت به، وأشكر كل الناس الذين قطعوا التذكرة لمشاهدة فيلمى، فقد انتصرنا لحرية الإبداع».