الجامعة هى قمة الهرم التعليمى كما يطلق عليها ليس لكونها آخر مراحل النظام التعليمى ولكن لكونها آخر مرحلة يمر بها الطالب ليواجه بعدها الحياة وسوق العمل ولكونها ايضا تلعب دورا مهما فى تشكيل وجدان وكيان الطالب. والتساؤلات التى تطرح نفسها الآن: هل الجامعة تلعب دورا مهما فى حياة الطالب كما كانت عليه من قبل ؟ وهل مازالت قادرة على إخراج شباب قادرين على تحمل المسئولية ؟ وهل الجامعة قادرة الآن وفى ظل تحديات المجتمع على صياغة وجدان وفكر الشباب الخريجين الذين تتشكل منهم قيادات المجتمع فيما بعد. تقول دكتورة هالة منصور أستاذ علم الإجتماع بجامعة بنها إن هناك مشكلة فى دور الجامعة سواء الثقافى أو التنويرى وذلك بعد تطبيق نظام التيرم حيث أصبحت العملية التعليمية مسيطرة على الوقت بأكمله وتم حصر الطالب الجامعى فى كتاب ومحاضرة ومادة علمية وأصبحت مسألة البحث العلمى غير موجودة بالشكل الكافى حتى أن طالب الدراسات العليا لم يتدرب على منهجية البحث ومازال يبحث عن الكتاب فلم يجد الطالب الوقت لدية للقيام بأى نشاط أو حضور ندوات مضيفة أن الأنشطة مع التطرف الدينى والسياسى لا وجود لها وفى حالة سعى الطلاب لعمل أى نشاط أصبح الأمر غاية فى الصعوبة ويحتاج إلى العديد من الموافقات وكل مسئول مهمته الأساسية الحفاظ على منصبه ولا يعر اهتماما باى نشاط يخص الطلاب مشيرة إلى أن مرحلة تأهيل الطالب لسوق العمل بكل ما يحتاجة من مهارات ثقافية وتعليمية أصبحت غير متوفرة رغم أن سوق العمل مفتوح الأن للمنافسة الدولية والمحلية وهو الأمر الذى حول الجامعة من مؤسسة تعليمية وتربوية وثقافية إلى مؤسسة تعليمية فقط مع القصور فى الناحية التعليمية . بينما يؤكد دكتور كمال مغيث الخبير التربوى أن الجامعة قائمة على محورين المحور الأساسى وهو التعليم والبحث العلمى والمحور الثانى إعداد الطالب للحياة والمشاركة وعمل جماعات وأسر والاشتراك فى الأنشطة الطلابية ودخول المنافسة من خلال الانتخابات الطلابية التى أصبحت غير موجودة. وتابع: إن هذا المحور «الثانى» لا وجود له بعد وضع الأمن على أبواب الجامعات وصدور قانون 2 لسنة 77 والذى يحرم أى عمل سياسى بالجامعات وقد أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالإضافة إلى تقسيم العام الدراسى إلى نظام التيرم كل ذلك أدى إلى القضاء الكامل على الأنشطة التى من أجلها يتم إعداد الطالب للحياة والمشاركة والتعامل مع الفنون والآداب والثقافة مؤكدا أنه مع إلغاء العمل السياسى بالجامعات تم إعطاء الفرصة للجماعات الإسلامية للظهور . ويرى دكتور سعيد صادق أستاذ علم الإجتماع السياسى أن الجامعات أصبحت الآن امتداد للمدارس لأنها تحولت من نظام قائم على البحث العلمى إلى نظام يعتمد على الحفظ والتلقين وهذا يعنى أن مستوى التعليم أصبح هابطا وأن المهمة الأساسية للجامعات أصابها القصور حتى فى التعليم الخاص وبالتالى فالأدوار الأخرى التى من المفترض أن تقدمها الجامعة للطالب وهى «إعداده بشكل صحيح لإشغال وظائف سواء موجودة أو غير موجودة فى السوق» أصبحت غير متوافرة على الإطلاق داخل الجامعات. وتقول دكتورة سامية خضر استاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس إن النشاط داخل الجامعات سواء ندوات أو رحلات أو تنمية البيئة ونظافتها أمور لا تهتم بها الجامعات كما كانت من قبل ويرجع ذلك اما إلى أن الجامعة أصبحت متخاذلة فى تقديم هذه الأمور للطالب وإما إلى أن الفنانين والشعراء الذين كانوا يأتون للجامعات كضيوف من خلال الندوات أصبحوا يشعرون أن هذا شىء غير مهم لهم الآن كما أن الأعداد الكبيرة من الطلبة والزحام الشديد داخل الجامعات جعل من الصعب وجود قاعات لعقد ندوات ثقافية وتتعجب خضر أن شهر أكتوبر وهو شهر الإنتصارات يمر دون أن توجه فيه دعوات للطلاب سواء فى المدارس أو الجامعات الذين لم يعاصروا فترات النصر للذهاب إلى قاعة المؤتمرات حتى يتحقق داخلهم الولاء والانتماء والوطنية ليس فقط خلال شهر أكتوبر ولكن خلال العام الدراسى لابد من توافر زيارات للطلبة إلى المتاحف وعمل ندوات ثقافية وحملات لتوعية الطلاب كحملات توعية ضد تعاطى المخدرات وشرب السجائر لا سيما أن هناك مليارت الجنيهات التى تنفق على السجائر مؤكدة أن القيادات الجامعية يجب عليها أن تهتم بذلك من خلال وكيل الكلية لشئون المجتمع والبيئة موضحة أن رئيس جامعة القاهرة الأسبق كان يهتم بمثل هذه الأنشطة للطلاب قبل ترك منصبه.