بالرغم من الاهتمام الكبير للرئيس عبد الفتاح السيسى بالشباب إلا أن ظاهرة ارتياد الشباب للمقاهى فى تزايد، كما أن أعداد المقاهى تتزايد هى الأخرى وبأشكال ومسميات مختلفة ولم يقتصر انتشارها على المناطق الشعبية فقط، ولكن فى الأماكن الراقية أيضًا وذلك فى دولة يشكل الشباب فيها من سن 15 إلى 34 سنة حوالى 34.5% بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فلماذا يلجأ الشباب إلى المقاهى وما يمثله ذلك من إهدار للوقت والجهد. فى البداية أشار على شرف )صاحب مقهى بالعباسية( إلى أن المقاهى تطورت وجذبت الشباب؛ بالتجديد سواء فى شكلها أو ما تقدمه من مشروبات وخدمات، خصوصًا بعد انتشار الإنترنت وأصبح الشباب يجد كل ما يحتاجه. ويرى «شرف» أن جلوس الشباب على المقاهى فى العلن ربما يكون أفضل بكثير من تجمعه بعيدًا عن الأعين، وهو ما اتفق معه أحمد عادل )أحد رواد المقهى( الذى أضاف: إنه شخصيًا زبون يومى للمقهى منذ 3 سنوات ولا يجد مكانًا أفضل منها لتمضية الوقت بعد انتهاء عمله ويلتقى فى المقهى بالأصدقاء ويجدها مكانًا مناسبًا. أما أحمد مجدى )20 سنة( فيقول: إنه ومنذ حصوله على دبلوم الصنايع واليوم مقسم بين البحث عن عمل والجلوس على المقاهى، وذلك بالرغم من زيادة الأسعار للمشروبات إلا أنها هى المكان الوحيد للالتقاء بالأصدقاء والحصول على الواى فاى مجانًا وتمضية الوقت بشكل جميل. أما كرم محمد )موظف بوزارة الزراعة( فيقول: إن الجلوس على المقاهى لا يقتصر على العاطلين ولكن كيف يقضى الشاب وقت فراغه فى ظل ارتفاع اشتراكات الأندية التى لا يقدر عليها إلا فئات معينة من المجتمع، أما المقاهى فهى الفسحة الرخيصة لأبناء الطبقة المتوسطة، وعلى فكرة فالمقاهى تختلف أسعارها بحسب أماكنها وكل شخص على حسب إمكانياته. وعندما تطرقنا لسؤال الخبراء عن رأيهم فى هذه الظاهرة، أكد دكتور عبدالصمد الشرقاوى مدير المركز العربى للتنمية البشرية أن ظاهرة ارتياد الشباب للمقاهى يرجع إلى عدة أسباب منها البطالة وهى تعنى أن هناك شابًا مؤهلًا للوظيفة يقبلها ولا يجدها وتصل فى مصر من 5 إلى 7%، كما أن الأحزاب شبه مغلقة ولا تستوعب الشباب وكأن الأحزاب مجرد مقرات فى حين أن الأحزاب لو اهتمت باجتذاب الشباب سيكون لها وجود حقيقى فى المجتمع ودور فعال، وشدد الشرقاوى على أن الحكومات فقدت مصدقيتها لدى الشباب فى حل المشكلات فيحاول الشباب بدوره اللجوء إلى الترفيه وإضاعة الوقت بعيدًا عن التفكير فى المستقبل المجهول بالنسبة له. وتابع: إن غياب الرقابة الأسرية على الشباب هى ما تسببت فى زيادة الظواهر الغريبة على مجتمعنا سواء فى الملابس أو المظهر أو العادات، ويجب على الحكومة أن تعمل على بناء جسر الثقة بينها وبين شباب مصر، فمثلًا كيف يتم الإعلان عن مساكن للشباب بمقدم 180 ألف جنيه فى ظروف اقتصادية لا تخفى على أحد؟! فأين المصداقية والواقعية فى التفكير؟! فالمنظومة الاقتصادية فى مصر لا تزال تحتاج لجهد كبير ولابد من الاعتماد على المشاريع الإنتاجية وفتح فرص عمل فى مجالات اقتصادية مختلفة وتأهيل الشباب لسوق العمل واستغلال الثروة البشرية المصرية المتمثلة فى شبابها، وشدد الشرقاوى على أن إبراز الرؤية المستقبلية للشباب تريد مساحة الثقة بين الشباب والحكومة. وفى السياق ذاته أكد عمرو حسان خبير التنمية البشرية أن ما يلاحظ من كثرة زوار المقاهى من الشباب يرجع إلى عوامل مجتمعية مثل البطالة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى وغياب الترابط الاجتماعى والحوار الأسرى، كما أن النظرة المجتمعية لارتياد المقاهى تغيرت، كما تغير شكل القهوة التقليدى حتى فى الأماكن الشعبية. وأضاف حسان: إن التوعية لا تزال غائبة عن الشباب بدلًا من إضاعة الوقت فى الجلوس على المقاهى كان يجب على الشباب أن ينمى قدرته العلمية والعملية بما يفتح له مجالات للعمل وبناء مستقبله، ويجب على الدولة العمل على اشتراك الشباب فى الأعمال التطوعية وإقامة دورات تدريبية ومعسكرات عمل تكسبهم مهارات وتنمى قدراتهم وتعدهم لسوق العمل ولا تترك الشباب عرضة للإحباط واليأس وتهدر طاقتهم، فالشباب هم بناة المستقبل فى كل الأمم.