حاول خصوم القيادى الإخوانى «محمود عزت» أن يصنعوا من عدوه فى التنظيم الإرهابى «محمد مهدى عاكف» رمزًا للجماعة الإرهابية، بعد مقتل القيادى «محمد كمال» فى اشتباكات مع الشرطة فى الرابع من أكتوبر من العام 2016 م، ثم انحياز واستسلام «محمد بديع» المرشد العام لرغبات القيادات المركزية فى جبهة «عزت»، ومن باب «كيد النسا» استخدم الإرهابيون الهاربون خارج مصر، صورة «مهدى عاكف»، وخلعوا عليه العديد من الألقاب والصفات؛ مع علمهم بأنه كان فى حكم المتوفى عضويًا بعد أن سيطر سرطان القنوات المرارية وأمراض أخرى على جسده، كما أنه مات تنظيميًا من الأيام الأولى التى تولى فيها منصب المرشد العام السابع لجماعة «الإخوان» فى يناير 2004م، وكانت تصريحاته المنفلتة وبعض القرارات التى اتخذها دون الرجوع للقيادة المركزية للتنظيم وبالًا على الجميع .. فهو صاحب التصريح الشهير «طظ فى مصر.. وأبو مصر .. واللى فى مصر» وكان أول قيادى إخوانى يعلن تأييده لترشيح الرئيس مبارك لفترة رئاسية جديدة، كما أعلن أنه يتمنى أن يجلس مع مبارك ويتفاهم مع مؤسسات الدولة!! عاش مهدى عاكف «مرشدًا» مقهورًا من «الإخوان» بعد أن فرض الأمين العام محمود عزت هيمنته وقبضته الحديدية على أعضاء الجماعة وكان صاحب القرار الأول والمرشد الفعلى بالتنسيق مع خيرت الشاطر، وقد استمر هذا الحال فى الجماعة بعد الإطاحة ب «عاكف» واختيار محمد بديع مرشدًا للتنظيم!!! محمد عثمان مهدى عاكف من مواليد «كفر عوض»، السنيطة، مركز «أجا» بمحافظة الدقهلية، فى 12 يوليو 1928، حصل على التوجيهية من «مدرسة فؤاد الأول»الثانوية بالقاهرة، ثم التحق بكلية الهندسة وتركها لصعوبة الدراسة بها، والتحق بالمعهد العالى للتربية الرياضية وتخرج فى مايو 1950م، وعمل بعد تخرجه مدرسًا للرياضة البدنية بمدرسة (فؤاد الأول) الثانوية. انضم إلى جماعة «الإخوان» فى عام 1940م، وكان رئيسًا لقسم الطلاب ورئيسًا لقسم التربية الرياضية بالمركز العام ل«الإخوان» قبل صدور قرار بحل الجماعة عام 1954م، وقُبض عليه فى أول أغسطس 1954م، وحُكم عليه بالإعدام بعد إدانته بارتكاب جرائم إرهابية، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. خرج من السجن سنة 1974م فى عهد أنور السادات ليعمل مديرًا عامًا بوزارة التعمير. تزوج «عاكف» من وفاء عزت شقيقة القيادى الإرهابى محمود عزت، كى يستكمل مقومات الولاء والانتماء التنظيمى، وأسندت إليه جماعة «الإخوان» تنظيم المخيمات للشباب الإسلامى فى المملكة العربية السعودية، والأردن، وماليزيا، وبنجلاديش، وتركيا، وأستراليا، ومالى، وكينيا، وقبرص، وألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا، وعمل مديرًا للمركز الإسلامى الخاضع لسيطرة «الإخوان» بميونيخ لتكون تحركاته ساترًا مناسبًا لحركة أموال التنظيم العالمى، وكانت أعماله سببًا فى اتهامه بالإستيلاء على أموال الجماعة والتشكيك فى ذمته المالية. عاد عاكف من ألمانيا وتم اختياره عضوًا فى مكتب الإرشاد أعلى هيئة قيادية داخل الجماعة منذ عام 1987م حتى أكتوبر 2009، ومن ثم كان من القيادات الإخوانية التى تم اختيارها فى تفاهمات الفائزين بعضوية مجلس الشعب سنة 1987م عن دائرة شرق القاهرة، وذلك ضمن قائمة ما يسمى ب«التحالف الإسلامى». حُكم عليه بثلاث سنوات سجنًا من المحكمة العسكرية سنة 1996م؛ فى القضية المعروفة إعلاميًا بقضية «سلسبيل» وخرج من السجن فى عام 1999م. تم انتخابه مرشدًا عامًا للجماعة بعد وفاة سلفه مأمون الهضيبى فى يناير عام 2004، وتمت عملية الانتخاب فى جلسة برئاسة محمد هلال المرشد العام المؤقت وحصل فيها عاكف ومحمد السيد حبيب وخيرت الشاطر على أعلى الأصوات وفى التصويت النهائى فاز «عاكف» بفارق صوت واحد عن القيادى محمد السيد حبيب. وحول أول موقف محرج يتعرض له عاكف فور انتخابه مرشدًا .. يقول الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد «الإخوان» فى مذكراته: إنه بعد لحظات من انتخابه توجه «عاكف» إلى مكتب المرشد وجلس على مقعده، فنبهه القائم بأعمال المرشد «محمد هلال» إلى أنه لم يصبح مرشدا بعد وطلب منه مغادرة مقعد المرشد، وعليه الانتظار حتى تأتى موافقة مجلس الشورى الدولي!! ويقول حبيب فى المذكرات التى نشرتها صحيفة البيان الإماراتية والشروق المصرية فى العام 2015: «اعتبر عاكف ما قاله هلال مزحة، لم يتوقف عندها طويلا!!، وجاءت موافقة مجلس الشورى الإخوانى الدولى يوم 14يناير 2004، ليصبح عاكف مرشدا منذ ذلك التاريخ. بدأ عاكف مهام منصبه مرشدًا عامًا للجماعة بمواجهات متكررة مع شقيق زوجته محمود عزت الذى كان يتولى منصب الأمين العام للتنظيم ويمارس صلاحيات المرشد بلا حدود ويتخذ القرارات بالشراكة مع خيرت الشاطر دون الرجوع إلى المرشد ويرسل التعليمات والتكليفات إلى الصف الإخوانى دون علم من «عاكف» أو هيئة مكتب الإرشاد!! وشعر مهدى عاكف بحالة من العجز والقهر فى مواجهة محمود عزت وخيرت الشاطر، ويبدو أن ما كان يجرى داخل التنظيم دفعه إلى التواصل مع مؤسسات الدولة المصرية للاستقواء بسلطات أخرى، لكنه فشل فى تحقيق أهدافه كاملة بسبب رعونته ولسانه المنفلت!! فى السادس من سبتمبر 2004 تحدث المرشد العام السابع لجماعة «الإخوان» مهدى عاكف، وقال لوكالة الأنباء الألمانية: «إنه بعث برسالة للرئيس المصرى حسنى مبارك طلب فيها لقاءه لنقل رؤية الجماعة إليه، وأكد عاكف أنه أرسل هذه الرسالة منذ عدة أسابيع ولم يتلق أى رد عليها، وقال إنه سبق له أن أرسل أكثر من رسالة لمبارك يشرح فيها رؤية ومطالب «الإخوان» بشأن ما هو مطروح من قضايا على الساحة السياسية حاليا. وأضاف عاكف : «إذا ما تحقق لقاء الرئيس سنطرح عليه ما عندنا من أفكار ونستمع لما عنده وسنطرح رؤيتنا لقضية الإصلاح ومختلف القضايا القومية الأخرى وسنؤكد له أننا لا نطمع فى السلطة ولا نسعى إليها ولا نطرح أنفسنا كبديل للحكم»!! فى الأول من يناير2005 قال مهدى عاكف لصحيفة المصرى اليوم «الرئيس مبارك ولى الأمر وطاعته واجبة ولا نقبل إفساد العلاقة بين مبارك وأبنائه من الإخوان»، وفى 20 يوليو 2005 ادلى مهدى عاكف بحديث لمجلة «المصور» المصرية أعلن فيه تأييده لترشح مبارك لرئاسة مصر، وطالب مجددًا بلقائه!! زار مهدى عاكف مقر مباحث أمن الدولة بمدينة نصر بالقاهرة قبل الانتخابات البرلمانية فى عام 2005 بعد أن حدد موعدًا مع رئيس مباحث أمن الدولة اللواء حسن عبد الرحمن، للحصول على موافقة أمنية على أكبر عدد من مرشحى «الإخوان» للانتخابات البرلمانية، واستكمل المشاورات مع «أمن الدولة» كل من: «محمد السيد حبيب وخيرت الشاطر ومحمد مرسي». أدلى عاكف بتصريحات لوكالة رويترز فى 31 أكتوبر 2009، قال فيها: «اذا أصبح جمال - والذى على عكس كل رؤساء مصر ليس له خلفية عسكرية - رئيسًا فانه سيكون مدينًا بالفضل لقوات الأمن، وأضاف ان «جمال مسئول عن كل شيء هو الذى يعين الوزراء ولجنة السياسات هى المسئولة وجمال لا يملك من أمر نفسه شيئًا.. جمال الأمن يحكمه». وخرج مهدى عاكف من منصب المرشد فى 16 يناير 2010 بعد انتهاء ولايته دون أن يتم التجديد له لفترة تالية، ولم يكون خروجه طوعيًا كما يقولون، فقد كانت هناك أسباب غير معلنة، منها الخلافات المالية الحادة بين مهدى عاكف من جانب وقيادات مكتب الإرشاد الذين اتهموه فى ذمته المالية ليزداد قهرًا بعد قهر!! بعد إقصائه من منصب المرشد استمر عاكف فى أداء العديد من المهام التنظيمية مع الجماعة الإرهابية رغم الاتهامات الموجهة إليه ورغم ما لحقه من إهانات وإساءات حتى لا يشق الصف- حسب قوله- ومن هنا استكمل جرائمه الإرهابية التى قادته إلى السجن وكان المحطة الأخيرة فى حياته. مساء الجمعة 22 سبتمبر 2017 تلقى قطاع السجون إخطارًا من مستشفى «قصر العيني» يفيد وفاة المحكوم عليه محمد مهدى عثمان عاكف والمودع به للعلاج؛ إثر تعرضه لهبوط حاد فى الدورة الدموية وذلك عن عمر يناهز 89 عامًا، وقال بيان وزارة الداخلية: «إن المحكوم عليه المُتوفَى سبق إيداعه بسجن ملحق المزرعة، على ذمة القضية رقم 6187 / 2017 جنايات المقطم المعروفة إعلاميًا بأحداث مكتب الإرشاد والمحكوم عليه فيها بالسجن المؤبد بتهمه «قتل وشروع فى قتل» بتاريخ 9 نوفمبر2015 وتم إيداعه بمستشفى ليمان طرة للعلاج، وبتاريخ 19 يناير 2017 تم نقله لمستشفى قصر العينى لاستكمال علاجه بناء على طلبه وموافقة قطاع السجون لمعاناته من التهاب رئوى حاد وارتفاع بنسبة الصفراء والتهاب بالاثنى عشر. بعد وفاته قررت النيابة المختصة التصريح بدفن الجثة عقب توقيع الكشف الطبى الظاهرى عليها، وتم تسليم الجثمان لذويه عقب ذلك لدفنه. كل ما سبق كان قليل القليل من المعلومات المعروفة للكثيرين من قيادات «الإخوان» عن محمد مهدى عاكف .. وهم يعلمون علم اليقين أنه كان ميتًا عضويًا وتنظيميًا، ومن ثم فلا فائدة من قتله بالإهمال الطبى كما زعمت العناصر الإرهابية التى أطلقت حملة إعلامية عقب وفاته لتصنع منه رمزًا للتنظيم المتهالك وتزعم أنه مات شهيدًا داخل السجون!!