استأنفت محكمة جنايات القاهرة السبت، محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه جمال وعلاء ووزيرالداخلية الأسبق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم. واستكمل المحامي فريد الديب الدفاع عن الرئيس السابق لليوم الرابع في شأن الاتهام المتعلق بإهدار المال العام والإضرار العمدي به في صفقة تصدير الغاز إلي إسرائيل والتي اتهم فيها مبارك بتوريد الغاز بأسعار زهيدة وتفضيلية وإسناد أمر التصدير إلي حسين سالم بالأمر المباشر علي نحو أضر بالمال العام نتيجة بيع الغاز بأسعار تقل عن أسعار البيع العالمية. وقال الديب "إن نيابة أمن الدولة العليا باشرت كافة أعمال التحقيق في هذه القضية، وانتهت إلي إحالة وزير البترول الأسبق سامح فهمي ورجل الأعمال الهارب حسين سالم وخمسة من كبار قيادات قطاع البترول إلي محكمة جنايات القاهرة، دون أن تتضمن التحقيقات أي إتهام إلي مبارك من قريب أو من بعيد، غير أن النيابة قامت لاحقا بإدخال مبارك في هذه القضية بصورة منفصلة علي الرغم من عدم وجود أي اتهامات تتعلق بمبارك في هذا الشأن. واعتبر أن النيابة العامة تخبطت وأرادت أن تسند أي إتهام إلي مبارك لمجرد أن يمثل أمام المحكمة، حيث قامت النيابة بشأن قضية تصدير الغاز بنقل كافة أدلة الثبوت من القضية المتهم فيها سامح فهمي إلي القضية التي يحاكم فيها مبارك. وقال الديب "إن النيابة في كافة محاضر الاستجواب مع مبارك كانت توجه إليه تهما متضاربة ما بين الإضرار غير العمدي بالمال العام ثم الإضرار العمدي به، دون أن توضح ماهية هذا الإضرار وطبيعته قبل ان تنتهي إلي القيد والوصف بالإضرار العمدي بالمال العام وتظفير الغير المتمثل في رجل الأعمال حسين سالم بالحصول علي ربح ومنفعة دون وجه حق". واعتبر أن القضية ليس بها دليل أو شبهة دليل يثبت تورط مبارك في الإضرار العمدي بالمال العام في صفقة تصدير الغاز لإسرائيل .. لافتا إلي أن النيابة العامة اعتمدت فقط علي ما ورد في تحريات العميد طارق مرزوق بمباحث الأموال العامة والتي حملت اتهاما لا سند له لمبارك. أقوال سليمان وكشف الديب النقاب عن ما تضمنته أقوال عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، والذي كان قد أكد في أقواله "أن مبارك لم يتدخل في تسعير الغاز أو أي شيء آخر في شأن هذه الصفقة، وأن مفاوضات تصدير الغاز المصري لإسرائيل جرت طبقا لما هو مطروح عالميا، وأن سامح فهمي وزير البترول الأسبق حصل علي موافقة مجلس الوزراء برئاسة عاطف عبيد بشأن التصدير والكميات والشركة المنوط بها نقل الغاز، وأن مبارك لم يتدخل قط في هذه التفصيلات. وأضاف فريد الديب نقلا عن أقوال عمر سليمان "إن مبارك عندما علم بالسعر المتدني في بيع الغاز الطبيعي المصري إلي إسرائيل وتم التعاقد عليه كلف عمر سليمان بالذهاب إلي رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت للتفاوض حول بنود التعاقد من جديد، طالبا زيادة السعر أو وقف عملية التصدير برمتها ... لافتا، أي عمر سليمان، الي أن إسرائيل وافقت بالفعل وقامت بتعديل العقد بعد إعادة النظر فيه ليصبح السعر ثلاثة دولارات ونصف للمليون وحدة حرارية بدلا من دولار ونصف فقط". كما تم الاتفاق بين مصر وإسرائيل علي أن يعاد النظر في السعر كل ثلاث سنوات بدلا من كل 15 سنة .. مشددا علي أن مبارك هو الذي أمر بتعديل العقد عندما علم بسعر التصدير وأنه هدد بعدم تصدير الغاز إلي إسرائيل في ضوء الأسعار المتدنية المذكورة. وقال "إن مبارك نفسه قال في تحقيقات النيابة العامة أن هناك بندا في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية أتاح تصدير البترول إلي إسرائيل في ضوء أن الإسرائيلين هم من قاموا باكتشاف أبار وحقول البترول أثناء فترة الإحتلال الإسرائيلي لسيناء، حيث طلب الإسرائيليون أثناء مفاوضات كامب ديفيد أن تكون لهم حقوق لاستخراج البترول من هذه الأبار، غير أن الرئيس الراحل أنور السادات رفض بشدة هذ الأمر، وكان الحل الوسط أن يتاح لاسرائيل التقدم في العروض، وبالفعل تمكنوا من الحصول علي صفقة تتيح لهم الحصول علي البترول ب 26 دولارا للبرميل، إلا أنه عند تولي مبارك الحكم ورئاسة البلاد عكف علي تعديل هذا السعر، بحيث يتواكب مع الأسعارالعالمية". وأضاف "أنه تم التواصل إلي اتفاق مع إسرائيل بأن يتم منحها حق الحصول علي الغاز المصري في ضوء الكشوف عن حقول متعددة للغاز والذي بدأ التصدير منه إلي الأردن. وأشار الديب إلي أن عمر سليمان بوصفه مديرا لجهاز المخابرات سابقا قال "إن المخابرات العامة هي التي قادت وقامت بالمفاوضات حول تصدير الغاز إلي إسرائيل في ضوء أربعة أسباب تتمثل في: خلق مصالح مشتركة مع إسرائيل، وتدعيم عملية السلام، وتحقيق فرصة لمصر لفرض النفوذ علي الدولة العبرية، وأخيرا أغراض اخري لم يكشف عنها عمر سليمان لإعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري، وهو ما يشير بوضوح الي أن هذه الأغراض هي أغراض استخباراتية". وقال الديب "إن الغاز الطبيعي المصري يوفر40 % من الطاقة الكهربائية لإسرائيل، وهو الأمر الذي يوضح مدلول عبارة عمر سليمان المتعلقة بفرصة فرض النفوذ علي إسرائيل" وأكد الديب أن المحكمة الإدارية العليا قالت في حيثيات حكمها في شأن تصدير الغاز إلي إسرائيل أنها أمر سيادي .. منوها بأن مبارك إنتهي دوره عند حد الموافقة علي تصدير الغاز لإسرائيل. وأضاف فريد الديب أنه عندما سئل عمر سليمان "لماذا وافقت المخابرات المصرية علي أن يتولي رجل الأعمال حسين سالم تأسيس شركة تتولي هي تصدير الغاز إلي إسرائيل؟، أجاب سليمان بأن حسين سالم هو الذي كان قد تقدم لتولي هذ الأمر وأن جهاز المخابرات قد وافق عليه معتبرا أن رجل الأعمال حسين سالم هو رجل المخابرات المصري الأول وأن العقيد طارق مرزوق بمباحث الأموال العامة أكد هذا الأمر في التحريات التي قدمها للنيابة العامة في هذا الشأن. وأضاف الديب أن مبارك قرر في التحقيقات أنه علم لاحقا في أعقاب تلك الزيارة التي إلتقي فيها رجل الأعمال حسين سالم أن الأخير له مشروعات يقوم بها في الولاياتالمتحدة، لافتا إلي أن جهاز المخابرات العامة قام بتأسيس شركة مصرية خالصة للتقليل من تكلفة نقل السلاح، وأن مبارك كثيرا ما كان يرفض الإفصاح عن معلومات إضافية في هذا الشأن نظرا لخطورتها علي الأمن القومي المصري، علي الرغم من أنه قد يملك معلومات تبرء ساحته أمام المحكمة إلا أنه آثر عدم التطرق إليها لخطورتها علي الأمن القومي المصري. وأشار الديب إلي أن مبارك قال في تحقيقات النيابة العامة معه انه اول مرة رأي فيها حسين سالم عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية في السبعينيات في زيارة للولايات المتحدةالامريكية حينما كان حسين سالم يقوم بنقل الاسلحة من الولاياتالمتحدة الي مصر من خلال شركة يساهم فيها ..مشيرا الي ان تلك الشركة كان يساهم فيها الي جانب حسين سالم كمال ادهم مدير المخابرات السعودي الاسبق وطرف ثالث يمثل جهاز المخابرات الامريكية وقال فريد الديب إن وزير البترول الاسبق سامح فهمي قال في اقواله وشهادته امام النيابة العامة ان الهيئة العامة للبترول لم تكن تملك القيام بنفسها بعملية تصدير الغاز باعتبار ان تكلفتها عالية وتتطلب تسييل الغاز في مستودعات ضخمة من خلال اجهزة ومصانع وتقنيات باهظة الثمن لاتقدر الهيئة علي كلفتها ومن ثم كان الاتجاه الي ان يقوم احد المستثمرين بعملية التصدير ويتحمل تكلفتها الكلية . واوضح الديب ان سامح فهمي اضاف ان الشركة التي كانت تقوم بتصدير الغاز الي اسرائيل كانت تساهم فيها المخابرات العامة ويمثلها حسين سالم في ضوء المتعارف عليه من قيام اجهزةالمخابرات حول العالم بانشاء وتاسيس شركات تكون ستارا وغطاء لاعمالها ..مؤكدا ان سامح فهمي نفي خلال التحقيقات ان يكون مبارك قد اتصل به أو اصدر اليه اية تعليمات بشكل مباشر او غير مباشر في عملية تصديرالغاز الي اسرائيل وان مبارك لم يتدخل نهائيا في تاسيس الشركة التي تقوم بتصدير الغاز او المفاوضات حول السعر والكميات. واشار الديب الي ان سامح فهمي اقر في التحقيقات الي انه كان يتلقي التوجيهات في شأن تصدير الغاز الي اسرائيل من عاطف عبيد رئيس الوزراء انذاك وعمر سليمان رئيس المخابرات باعتبار ان كافة الشئون والاعمال المتعلقة باسرائيل تدخل في صميم اعمال جهاز المخابرات العامة .