رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الرئيس السيسي بذكرى تحرير سيناء    ننشر أسعار الريال السعودي في البنوك المصرية اليوم 24 أبريل 2024    انخفاض أسعار الأسماك اليوم 24 أبريل بسوق العبور    الصوامع والشون بالمحافظات تواصل استقبال القمح من المزارعين    تزايد الدين العام يهدد التصنيف الائتماني لفرنسا    تعديل مواعيد ضخ المياه في 13 منطقة بمحافظة البحر الأحمر    الإسكان: تنفيذ 522 مشروعًا تنمويا بسيناء ومدن القناة بتكلفة 46.7 مليار جنيه    بلينكن: غزة تواجه وضعًا إنسانيًا مروعًا    رسميا..جامايكا تقرر الاعتراف بدولة فلسطين    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    كولر يجتمع مع طبيب الأهلى لمعرفة موقف المصابين من مباراة مازيمبي    بيراميدز يخشى انتفاضة البنك الأهلي بالدوري    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-4-2024 والقنوات الناقلة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    تفاصيل الحالة المرورية بالمحاور والميادين صباح الأربعاء 24 أبريل    اليوم.. استكمال محاكمة المتهمين باستدراج طبيب وقتله بالتجمع الخامس    مصرع مُسنة دهسا بالقطار في سوهاج    الليلة بدرية طلبة تحتفل بزفاف ابنتها    نجوم الغد .. يونس ويوسف باسم: الله يرحم بابا مصطفى درويش    نجوم الغد .. أحمد ميدان: هذه نصيحة السقا وكريم لى    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    وكيل وزارة الصحة تتفقد سير العمل بالقافلة الطبية المجانية بالتل الصغير بالإسماعيلية    الرعاية الصحية تكرم الكوادر الطبية لتميزهم في التدريب المكثف بإيطاليا    شروط تقديم الأعذار المرضية قبل بدء امتحانات نهاية العام 2024.. التفاصيل والضوابط    تفاصيل الحالة المرورية في القاهرة والمحافظات.. كثافات أعلى كوبري أكتوبر    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    بينهم نتنياهو.. تخوفات بإسرائيل من صدور مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين كبار    مرشح لخلافة علي معلول.. مفاجأة جديدة لجماهير الأهلي    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    اليوم.. «خطة النواب» تناقش موازنة مصلحة الجمارك المصرية للعام المالي 2024/ 2025    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    الكونجرس يقر نهائيا قانونا يستهدف تغيير ملكية تطبيق التواصل الاجتماعي تيك توك    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    الصين تعارض إدراج تايوان في مشروع قانون مساعدات أقره الكونجرس الأمريكي    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    الكونجرس يقر مشروع قانون يحظر «تيك توك» بالولايات المتحدة    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    هل يجوز طلب الرقية الشرعية من الصالحين؟.. الإفتاء تحسم الجدل    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    من أمام مكتب (UN) بالمعادي.. اعتقال 16 ناشطا طالبوا بحماية نساء فلسطين والسودان    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    قد تشكل تهديدًا للبشرية.. اكتشاف بكتيريا جديدة على متن محطة الفضاء الدولية    مع ارتفاع درجات الحرارة.. دعاء الحر للاستعاذة من جهنم (ردده الآن)    عاجل- هؤلاء ممنوعون من النزول..نصائح هامة لمواجهة موجة الحر الشديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطار الموت وأرواح بلا ثمن.. نفس السيناريو.. نفس الأخطاء.. والفاعل مجهول!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 08 - 2017

أحاول الكتابة مرارًا، العبارات لا تسعفنى، الكلمات باهتة لا تستطيع أن تجسد المعنى، أشلاء مغموسة بالدم، صرخات مكتومة، خوف وفزع في عيون تحجرت الدموع فيها، فى دقائق تحول الوطن إلى مشهد جنائزى.
كان الخبر صادمًا، لكنه لم يكن جديدًا، لقد تعودنا على الموت المجانى، أرواح تزهق بلا ثمن، لا تسألنى كيف ولماذا، فمصر بلد العجائب، كأننا نرفض تعلم الدروس، ونتجاهل الأحداث ماضيها وحاضرها، ونصر على المضى فى طريق بلا نهاية، الموت عنوانه، والسبب مجهول الهوية.
فى أزمان سابقة، فقدنا الآلاف، نتاج حوادث القطارات الكارثية، أطلقنا التصريحات من مواقع الأحداث، هددنا، وتوعدنا، شكلنا لجانا لتقصى الحقائق، عاينت على الطبيعة واستمعت إلى شهود العيان، أطلقت صيحاتها من منصة البرلمان، أقسمت الحكومة والدموع تبلل وجنتيها، إنها المرة الأخيرة.
تدفقت المليارات إلى جيوب المقاولين والمستوردين، رسمنا خطط التطوير، استعنا ببيوت الخبرة الأجنبية، مضت السنوات، الزمن كفيل بالنسيان، انخرطنا فى خضم الحياة اليومية، عاد كل شىء إلي مجراه الطبيعى، وفجأة صحونا على كارثة جديدة.
ساعات قليلة، وكان السادة المسئولون يؤدون الواجب على الوجه الأكمل، اطلوا علينا من شاشات التلفاز من موقع الحدث، أى والله من موقع الحدث، اطلقوا كلماتهم الرنانة، قالوا لنا إنهم شكلوا اللجان الفنية، لمعرفة الأمر وحقيقته، لكن وزير النقل استبق الجميع، وقال إن الحدث هو نتاج خطأ بشرى.. إنها نفس اللغة، نفس المفردات، نفس الاتهامات، أسهل الأشياء وأن تطلق اتهامك الجاهز، المعلب، خطأ بشرى، يجب محاسبته، وإحالة المتسبب فيه إلى النيابة العامة.
إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل لابد من البحث عن ضحية، كبش فداء، نقدمه إلى الرأى العام حتى ينشغل ويهدأ وياحبذا لو كانت هناك بعض التفاصيل التى تلهى عن الحدث الأكبر، مثل «السائق ومساعده» قفزا من القطار وتركاه يصطدم بالقطار الآخر، سرعة القطار كانت على غير المعتاد، لأن صاحب حادث قطار المناشى، هو نفسه سائق هذا القطار، وفاة مستشار وزير النقل إحساسا بالذنب بعد أن رأى المشاهد والأشلاء!!
فى هذا اليوم انشغلت الفضائيات بالحدث، تقارير من الموقع توجع القلوب، شهود عيان، فتاوى تصدر من محللين وخبراء، وطلبات إحاطة تقدم إلى مجلس النواب، مطالبات بإقالة وزير النقل، والحكومة إن أمكن، وجوه تطل علينا من الشاشات، تندب حظ الوزير الذى هو ضحية لإهمال وزراء سابقين لهذا المرفق الحيوى، لجان الكترونية تنطلق بعضها يطالب بالإقالة والبعض الآخر يرى أن الأزمة أكبر من الوزير بل وأكبر من الحكومة ذاتها.
يتذكر البعض فجأة أحداثا سابقة، إنه نفس السيناريو، بكل تفصيلاته، نفس العبارات والاتهامات، بل ونفس الأسباب أيضا، التى أوصت لجان تقصى الحقائق بتلاشيها فى أوقات سابقة.
لقد سئم الناس من مسلسل الأكاذيب التى عمت حياتنا، كأننا لم نتعلم الدروس والعظات والعبر، جهاز إدارى خرب، استهتار بحياة الناس، ثقافة تتوارثها الأجيال عنوانها «القضاء والقدر»، هى محاولة للهروب من المسئولية، ومحاولة اقناع الناس بأن كل شىء مقدر ومكتوب، وكأنهم بذلك أبرياء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
بعد قليل، ينسى الناس الحدث، يحتفظون بالمشاهد للذكرى، ثم سرعان ما ينتهى كل شىء، نغوص فى مجريات الحياة ننخرط فى تفاصيلها، حتى نصحو على كارثة جديدة.
لا أظن أن هناك بلدًا، شهد مثل هذه الأحداث فى فترات زمنية متقاربة، وسيناريوهات متكررة كما شهدت مصر، إنه الابداع والتميز عن الآخرين، كأننا قد ابتلينا بهذه الأحداث، وأصبح الشفاء منها مستحيلاً.
لقد شهدت مصر فى فترات سابقة، أزمات ومشاكل وأحداثا يشيب لها الولدان، فوضى عارمة أعقبت أحداث 25 يناير، دمار وخراب وفساد وانفلات أخلاقى، تلتها ثورة عظيمة فى الثلاثين من يونيو، رفعت شعار «استرداد الدولة المصرية والحفاظ على هويتها».
لقد ظن البعض أننا قد أنجزنا المهمة باسترداد الدولة المخطوفة من عناصر الإخوان وانتهى الأمر، حققنا الانتصار، ونسى هؤلاء أن الفساد يعشش فى الحوارى والمدن والمؤسسات، وأن ثقافة اللامبالاة، لا تزال سائدة فى كل المجالات.
هل تعرفون السبب؟
إنه غياب العقاب الفاعل والقوى، الذى يردع بكل قوة ودون تردد، لو حدث ما حدث فى بلد مثل اليابان لانتحر المسئول قبل أن ينحر، ولو حدث فى الصين أو كوريا أو غيرهما لطارت الرؤوس المذنبة قبل أن تدلى بكلمة واحدة، أما نحن، فالمسامح كريم، والعقاب لن يعيد الأرواح التى أزهقت، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
لقد مللنا وهرمنا ونحن نتابع الأحداث كأنها مسلسل تليفزيونى، لا يريد أن ينتهى، لقد أصبح الناس على قناعة أن الوعود التى تطلق هدفها الاستهلاك وترحيل الأزمة، وأن التهديد بالحساب، سيكون ضحيته فى النهاية عامل الاشارة أو سائق القطار، وأن صفحة الحادث ستنتهى، انتظارًا لحدث جديد، تتكرر فيه ذات المشاهد، وتطل من بين ثناياه نفس الوجوه، لتؤكد لنا مجددًا، أن شيئًا لم يتغير ولن يتغير.
إنها ليست دعوة لليأس أو الاحباط أو التسليم بالأمر الواقع، بل هى محاولة لقراءة المشهد بتفصيلاته بعيدًا عن الضجيج الإعلامى، والكلمات المنمقة، والحرص على مشاعر هذا المسئول أو ذاك، بينما جثث ذوينا غارقة فى بحور من الدماء، تسأل.. إلى متى.. إلى متى.. إلى متى؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.