كشف مسؤول بارز بالبنك المركزي أن ال16 مليار دولار التي تم سحبها من احتياطي النقد الأجنبي منذ ثورة 25 يناير وحتي نوفمبر ذهب نحو 7 مليارات منها لتمويل خروج الأجانب من أذون الخزانة والبورصة والباقي تم استخدامه لشراء واردات سلعية كالمواد الخام والوسيطة والسلع الغذائية بجانب سداد أعباء خدمة الدين الخارجي. واستبعد المسؤول في تصريحات خاصة للمصري اليوم تآكل احتياطي النقد الأجنبي بالكامل خلال الشهور الثلاثة المقبلة، مؤكداً أن الحكومة بدأت تتدخل بخطة إنقاذ سريعة لوقف نزيف الاحتياطي وفي مقدمتها طرح سندات دولارية لأول مرة منذ 20 عاماً. من جانبه، قال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي الأسبق، رئيس بنك 'مصر - إيران'، إن احتياطي النقد الأجنبي يتم تكوينه لاستخدامه عند الحاجة، ولاشك أن الظروف التي تمر بها مصر حاليا دفعتها للسحب من الاحتياطي النقد الأجنبي، في ظل تراجع الموارد التي نحقق من خلالها العملات الأجنبية كالسياحة والتصدير والاستثمارات الخارجية، وبالتالي كان لابد من اللجوء للاحتياطي الأجنبي. وتابع أن المشكلة لا تكمن في استخدام الاحتياطي، خاصة في وقت الأزمات التي نمر بها حاليا، لكن المشكلة في تعويض الاحتياطي أو زيادته مرة أخري، في ظل استمرار الانفلات الأمني الذي لا يساعد علي تنشيط السياحة وعودة معدلات الإنتاج لما قبل 25 يناير. وأكد حسن أن الحكومة مطالبة بتطبيق سياسات عاجلة لتعويض ما تم سحبه من الاحتياطي الأجنبي من خلال ضبط الانفلات الأمني وزيادة معدلات الإنتاج والتصدير، مستبعدا أن يصل الاحتياطي النقدي إلي 'صفر' خلال الشهور الثلاثة المقبلة. كان اللواء محمود نصر، عضو المجلس العسكري، والمختص في المجلس وفي وزارة الدفاع بالشؤون المالية، قال إن احتياطي النقد الأجنبي لمصر سينخفض إلي 15 مليار دولار بنهاية الشهر المقبل، مضيفا أن ما سيكون متاحا للاستخدام من هذا المبلغ هو 10 مليارات دولار فقط، لأن الخمسة الباقية ستخصص لمستحقات قائمة للمستثمرين الأجانب وغير ذلك من التزامات. من جانبه، أوضح سيد أبوالقمصان، مستشار وزير التجارة الخارجية والصناعة، ان أغلب الواردات السلعية من الخارج تتركز في المواد الخام والوسيطة اللازمة للصناعة وكذا الورادات الغذائية مشيرا إلي أن الأخيرة تمثل نحو 30% من إجمالي الورادات. وأضاف أن القمح والزيوت والسكر والذرة واللحوم والدواجن تتصدر قائمة الورادات الغذائية من الخارج، مشيرا إلي أننا نستورد نحو 9 ملايين طن من القمح سنويا ونحو 800 ألف طن سكر و6 ملايين طن ذرة كما نستورد نحو 80% من استهلاكنا من الزيوت و200 ألف طن من اللحوم. وقال إن هذه الورادات لم تمثل زيادة ملموسة عقب ثورة 25 يناير وهي نفس المعدلات السائدة قبل الثورة. ويري المهندس طارق توفيق، عضو غرفة الصناعات الغذائية ان أغلب المبالغ التي تم سحبها من الاحتياطي الأجنبي تم استخدامها لتمويل خروج الأجانب من أذون الخزانة بجانب الاستثمارات التي هربت من مصر عقب الثورة وما تم استخدامه منها لتمويل واردات سلعية وغذائية لا يتجاوز ال50%. وقال الدكتور صلاح العمروسي، خبير اقتصادي، إن هناك تعمداً للإيحاء بأن الاحتياطي قد استنزف ليس في شراء الواردات السلعية عموما، بل بشكل خاص إلي واردات من الغذاء، وهو ما تنطوي عليه عبارات مثل 'إننا نأكل من لحم الحي' وما شابها. والهدف واضح وهو إدانة الثورة والثوار الذين يتسببون في استنزاف الاحتياطي الذي نعتمد عليه في توفير غذاء الشعب. وأضاف ان آخر تقرير للبنك المركزي عن شهر أكتوبر يشير إلي تراجع الدخل من السياحة في النصف الأول من العام، حيث بلغ 3.6 مليار دولار بعد أن كان قد حقق 6.9 مليار في الفترة من 'يوليو - ديسمبر 2010'، لكن في المقابل زاد الدخل من قناة السويس من 4.5 مليار إلي 5.1 مليار كما زادت التحويلات الجارية، وبشكل خاص تحويلات العاملين في الخارج من 9.5 مليار دولار إلي إلي 12.4 مليار دولار وقد أدي كل ذلك إلي أن العجز في الميزان الجاري انخفض من 4.3 إلي 2.8 مليار دولار فقط، ومن ثم فالواردات السلعية بريئة تماما من انخفاض الاحتياطي الذي وصل السحب منه حتي يونيو 2011 حوالي 9.4 مليار دولار.