ما يحدث في مصر الآن.. عصي علي الفهم.. فالمخاطر تحيق بها من كل اتجاه.. صراعات هنا وهناك.. نزاعات بين أبناء الوطن الواحد.. معارك دامية تستخدم فيها طلقات الرصاص.. ووضع يبعث علي القلق.ما مغزي أن يترك أمناء الشرطة مواقع عملهم ،ويعتصمون أمام وزارة الداخلية ومديريات الأمن.. تاركين أقسام الشرطة عرضة للبلطجة والاعتداء عليها، في محاولة لتهريب المساجين من داخلها.. مستغلين غياب الأمناء عن أداء دورهم؟ ما معني هذا الصدام القاسي بين القضاة والمحامين.. والذي بلغ ذروته بما جري من أحداث مؤسفة أمام دار القضاء العالي مساء الجمعة الماضي؟ ما الرسالة التي يريد البعض أن يبعث بها وسط هذا التخبط الذي أصبح ظاهرة تستحق التأمل والبحث فيمن يقف خلف دوافعها؟ اعتصامات في التحرير لا تتوقف.. وانفلات أمني بلغ حد الاعتداء علي مساكن الدولة في أكتوبر وغيرها.. وأعمال بلطجة تجوب شوارع مصر المحروسة.. لتنشر الرعب والفزع بين أبنائها. وقائع مؤسفة.. تتفجر بين الفينة والأخري.. في أماكن متنوعة.. تدفعها رغبة عارمة في العنف.. واستخدام الرصاص الحي.. وقنابل المولوتوف.. لتنشر الفزع بين الصغار والكبار علي السواء.. حتي إن أحدًا لم يعد يشعر بالأمان في مجتمع يحارب نفسه بنفسه. من يقف وراء كل ذلك؟.. سؤال يطرح نفسه في هذا الوقت الصعب الذي تمر فيه مصرنا الغالية بواحدة من أخطر مراحلها عبر التاريخ.. فما يحدث علي أرض مصر المحروسة هو بمثابة علامة انهيار علي دولة تتفكك بالقطعة.. ما بين صدامات أمام ماسبيرو وأخري في التحرير.. وثالثة أمام دار القضاء العالي.. وهي في مجملها تقود إلي فوضي حقيقية في المجتمع.. تؤكد أن هناك أطراف خيط تربط بينهما جميعًا.. حيث تسعي بعض القوي الخفية إلي توريط طوائف وفرقاء المجتمع.. لصدام مع بعضهم البعض وهو هدف خبيث.. تنفذه أيادي لا تريد لهذا الوطن خيرًا. لماذا الآن؟.. ولماذا اختيار هذا الوقت للتصعيد؟.. فالوطن في محنة ومصرنا في أزمة.. اقتصادنا يتداعي وينهار.. والحكومة تطلب قروضًا تقدر ب 53 مليار دولار من الدول الصناعية الثماني الكبري وصندوق النقد والبنك الدولي وملايين الشباب المصري عاطلاً عن العمل.. لا يدري أين يذهب.. كل ذلك يحدث علي أرض الوطن.. وبعض الفئات تقارع بعضها بالعنف وإثارة القلاقل. نثق أن الجسد المصري أصيل.. وأن طوائف الشعب عامرة قلوبها بالإيمان.. وبحب الوطن.. والحرص علي مصالحه.. وأن شباب مصر الذين صنعوا الثورة العظيمة لا يمكن أن يكونوا شركاء في مثل ما يجري من أحداث ووقائع تجري علي أرض الوطن.. ولكن أن هناك أيادي خفية تلعب لعبتها.. مستغلة هذا التوقيت الحساس الذي يسبق انتخابات مجلس الشعب المقبلة.. في محاولة لتأزيم الأوضاع قبلها.. سعيًا وراء تأجيلها أو إلغائها.. وهو ما يعني أن هؤلاء لا يريدون بالوطن خيرًا.. بل يريدون إذكاء نار الفتن وبما يحقق مأربهم في القضاء علي بني الدولة المصرية. ان هدف تدمير مصر.. هو هدف يجتمع من حوله الأعداء.. والعملاء.. والموجهون من الخارج.. والممولون من تلك الجهات الغريبة عن وطننا.. وهو مسعي لطالما حاولوا تنفيذه في العقود الماضية.. وحين فشلوا.. انتظروا الفرصة السانحة للانقضاض علي قلب الوطن.. ويبدو انهم رأوا فيما يجري من تداعيات، بمثابة الفرصة المناسبة لتصويب السهام علي سفينة الوطن لخرقها وإغراقها، وتدمير بنيتها. مصر اليوم تمر بمنعطف خطير.. وتواجه تحديات غير مسبوقة.. وتبقي مسئولية جميع المخلصين في هذا الوطن ان يهبوا لنجدة وطنهم، مما يتهدده من تقسيم وتفتت.. فمصر أكبر وأعظم من أن تترك لعبة في يد من يخططون في الخارج.. ومن يتربصون بها في الداخل.